شائعة حول عمل «المركزي» تربك سعر صرف الليرة اللبنانية

TT

شائعة حول عمل «المركزي» تربك سعر صرف الليرة اللبنانية

أثارت شائعة عن توقف «مصرف لبنان» عن توفير الدولار على منصة «صيرفة»، فوضى في سعر صرف الليرة اللبنانية، حيث ارتفع سعر صرف الدولار بنحو 10 في المائة خلال ساعات قليلة صباح أمس، ولم تهدأ المضاربات إلا حين أصدر «المركزي» بياناً نفى ذلك.
ويوفر مصرف لبنان الدولارات النقدية على سعر منصة «صيرفة» العائدة له، منذ نحو شهرين، ما أسهم في انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية من 33 ألف ليرة للدولار الواحد، إلى نحو 20500 ليرة. وحافظ الدولار على سعر الصرف مستقراً منذ تدخل «المركزي».
وانتشرت شائعة في مواقع التواصل الاجتماعي، صباح أمس، عن أن «المركزي» أوقف تدخله، ما أسهم في ارتفاع سعر الصرف إلى حدود 23200 ليرة، مرتفعاً من 20500 ليرة للدولار الواحد، ما تسبب في فوضى في أسواق الصرافة، وأحدث ارتباكاً في التعاملات النقدية.
وإضافة إلى شائعة توقف «المركزي» عن ضخ الدولارات النقدية، نشطت تحليلات أخرى ربطت هذا الارتفاع المفاجئ بارتفاع أسعار النفط عالمياً الذي انعكس على ارتفاع أسعار المحروقات، ما أوجب طلباً إضافياً على الدولار.
لكن «المركزي» نفى التقارير التي وردت في بعض وسائل الإعلام عن توقف منصة «صيرفة» عن العمل. وقال، في بيان، إنه «مستمر بتأمين الدولار الأميركي دون سقف مقابل الليرة اللبنانية على سعر منصة (صيرفة)». وأسهم هذا البيان في انخفاض سعر صرف الدولار إلى حدود الـ22 ألف ليرة بعد الظهر. وانقلب الإرباك الشعبي إلى ارتباك لدى الصرافين الذين اشتروا دولارات صباحاً بأسعار عالية، وتوجب عليهم بعد الظهر أن يبيعوها بأسعار أقل.
وكان مصرف لبنان أعلن، أول من أمس (الثلاثاء)، أن حجم التداول على منصة «صيرفة» بلغ 70 مليون دولار أميركي بمعدل 20200 ليرة لبنانية للدولار الواحد وفقاً لأسعار صرف العمليات التي نُفذت من قبل المصارف ومؤسسات الصرافة على المنصة. وطلب من المصارف ومؤسسات الصرافة الاستمرار بتسجيل جميع عمليات البيع والشراء على المنصة وفقاً للتعاميم الصادرة بهذا الخصوص.
وأظهرت الشائعة، التي انتشرت أمس، هشاشة سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، حسبما قالت مصادر مصرفية لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدة أن شائعة واحدة عن توقف الضخ «أدت إلى هذا الإرباك في السوق»، لافتة إلى أن تدخل المصرف المركزي «أسهم في تثبيت جزئي لسعر الصرف طوال الفترة الماضية، وبدا أن توقف المركزي عن هذا الالتزام سيؤدي إلى ارتفاع في سعر الصرف بشكل قياسي بالنظر إلى هشاشة سوق القطع النقدي في البلاد».
ولم تستعد الليرة اللبنانية عافيتها في غياب حلول سياسية للأزمة، وتأجيل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي يعول عليها لبنان لإصلاح الأزمة الاقتصادية والمعيشية القائمة.
وتُضاف الأزمة إلى غياب حلول مرتبطة بإصلاح قطاع الكهرباء وهو أول الشروط المطلوبة من المؤسسات الدولية لمساعدة لبنان للنهوض من أزمته.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم