سكان شمال شرقي سوريا يحتفلون بـ {يوم الزي الكردي}

قبل أيام من «عيد نوروز»

الزي التراثي الكردي بألوانه ونقوشاته المميزة (تصوير: رودي تحلو)
الزي التراثي الكردي بألوانه ونقوشاته المميزة (تصوير: رودي تحلو)
TT

سكان شمال شرقي سوريا يحتفلون بـ {يوم الزي الكردي}

الزي التراثي الكردي بألوانه ونقوشاته المميزة (تصوير: رودي تحلو)
الزي التراثي الكردي بألوانه ونقوشاته المميزة (تصوير: رودي تحلو)

عانى أكراد سوريا على مدى عقود طويلة من التهميش والحرمان من جهة ارتداء زيهم التقليدي والقراءة والكتابة بلغتهم الأم، جراء سياسات عنصرية وصلت ذروتها في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي. وللاحتفاء بهذا التراث أطلق الإعلامي الكردي رودي تحلو، المتحدر من مدينة القامشلي الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا، حملة على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» بعنوان: «نحو نوروز مليء بالحب والجمال».
و«عيد نوروز» ويعني بالعربية اليوم الجديد هو العيد القومي للشعب الكردي الذي يحتفلون به في 21 من شهر مارس (آذار) من كل عام، يسبقه اليوم 10 من الشهر ذاته والذي يطلق عليه «يوم الزي الكردي القومي»، حيث يحرص سكان منطقة شمال شرقي سوريا، من رجال ونساء وأطفال من الشعب الكردي والعربي والتركماني وأبناء الطوائف المسيحية والأرمنية، على ارتداء الزي التقليدي.
ومنذ بداية الشهر الحالي بدأ المصور الشاب رودي تحلو بعرض سلسلة ومجموعة من الصور للملابس الكردية على صفحته الشخصية ومنصات السوشيال ميديا، وعن تجربته يقول لجريدة «الشرق الأوسط»، إن بداية شهر الربيع من كل عام يعد إيذاناً لبدء أعياد شعوب المنطقة، فإلى جانب عيد «نوروز» في 21 من مارس، يأتي عيد «آكيتو» في 1 من أبريل (نيسان) القادم الخاص بالشعب السرياني الآشوريي، ثم عيد «الأربعاء الأحمر» الذي يحتفل به أبناء الطائفة الإيزيدية باليوم ذاته، «حيث يمثل الزي الفلكلوري في المنطقة هوية متنوعة تبرز جماليات شعوب المنطقة والتقاطعات الجمالية فيما بينها».
وفي جلسة تصوير ببلدة المالكية أو «ديريك» بحسب تسميتها الكردية، يجهد المصور رودي بالتعاون مع مجموعة فتيات من سكان المنطقة بالتقاط مئات الصور. وارتدت المشاركات ثياباً مزركشة مزينة بالحلي وقامت 8 فتيات كرديات بالرقص على تلة مرتفعة وهنّ يبتسمن للكاميرا في عرض للأزياء، ويرى تحلو أن التراث واللباس الفلكلوري لافت للنظر ويجذب الجميع ويتابع حديثه ليقول: «لأنه يحمل قيمة معنوية كبيرة للشعب الكردي، فمن الناحية البصرية يضم أزهى وأجمل الألوان ما يجعل منها لوحة تشكيلية، ويبدو جلياً في عيد نوروز نظراً لاهتمام الناس بشكل أكبر».

مشيراً إلى أنّ التقاط الصور واختيار الشخصيات كانا بالتعاون مع مؤسسة الثقافة والفن التابعة للإدارة الذاتية المحلية، ومؤسسة الهلال الذهبي في تحديد اللباس الفلكلوري وإجراء جلسات التصوير، وأضاف: «فالعمل بالتوثيق للتراث المادي وجمالياته لتعزيز التمسك بالهوية الثقافية، كما تنشر المحبة بين سكان المنطقة وتساهم بشكل مباشر في التماسك المجتمعي وتعزيز التمسك بالهوية الثقافية».
وأثناء جلسة التصوير ارتدت العارضة كلناز ثوبا أبيض اللون، ذات أكمام طويلة ومتدلية وفوقه قفطان أسود مطرز بخيوط ذهبية نافرة، ووضعت على رأسها وشاحاً طويلاً أبيض اللون أيضا، أما زميلتها ميديا فقد لبست فستاناً أسود وعباءة زرقاء وربطة رأس تزينها بسلسلة وقلادة ذهبية، وقالت في حديثها: «أيام نظام حزب البعث الحاكم كنت أخشى القول بأنني كردية، أما اليوم فالوضع مختلف لأني أرتدي ملابسي الأصلية وأتكلم لغتي الكردية، وأظهر انتمائي لشعبي كباقي أبناء شعوب المنطقة».
وعن هذه الملابس والزي القومي يقول الباحث صالح حيدو المتحدر من بلدة عامودا السورية في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن زي المرأة الكردية لدى العشائر والقبائل الكردية في سوريا وبخاصة الكيكان والملان في بلدات الدرباسية وعامودا والقامشلي يشبه طائر الحمامة، «تكون ربطة الرأس عند عشيرة الكيكية تشبه طائر القُمري، والقماش المفضل في الغالب من نوع الشال الصوفي المزهر بكل الألوان والكول مصري مع القديفة»، أما عن ملابس الرجل: «طراز النمر وطاقيته المخروطية البيضاء تشبه ثلج قمم جبال كردستان، وعمامته المزركشة والملونة تدل بمعانيها على ربيع وورود وأشجار وجبال كردستان والتوآته المتعرجة»، فالزي مستوحى من طبيعة المنطقة التي يعيشون فيها.
وتكون عمامات الرأس لدى أهل مهاباد الكردية في إيران والسليمانية وهولير بإقليم كردستان العراق غالباً تضع النساء طاقية مطرزة ومزركشة بألوان زاهية ومزنرة بقطع نقدية من الفضة وحلي الذهب.
حيدو الذي يمتلك آلاف الصور وألبومات للثياب القديمة والتراثية لتوثيق التراث المادي، أوضح أن مناطق أبناء قبيلة الكوجر شمال شرقي سوريا وشمالي العراق: «تمتاز بالثوب أو الفستان الهاوليري وشدة الظهر الصفراء، وفي منطقة عفرين الكردية بسوريا تكون الطاقية المرعشية والباشناق الفضية والفستان الكردي»، وعين العرب (كوباني) السورية يكون الزي المذكور أعلاه: «ذات طابع يدوي الصنع يغزل خيوطه بالنول أو الدولاب ومزركش بالألوان مع الحلي من ذهب وفضة»، ويلعب غطاء الرأس لدى السيدات والفتيات دوراً رئيسياً في مظهر اللباس حيث تربط مناطق الكيكان الرأس بهبرية زرقاء (غطاء رأس محلي) بحسب حيدو، ولفت قائلاً: «أما مناطق الملان يربطون الرأس بهبرية ملونة، ومناطق عفرين يربطونه بكوفية فوق طاقية المرعشي يتدلى فوقها باشناق فضية، وكوباني يربطونه بكوفية كبيرة وتاج فضي».
ويشارك المصور رودي تحلو في معرض «سوريا ضد النسيان» الذي سيقام في الفترة ما بين 9 و11 من شهر يونيو (حزيران) القادم، في متحف ثقافات الشعوب في مدينة كولونيا الألمانية، بإشراف الآثاري والكوراتور جبار عبد الله، والمعرض يتناول سوريا تاريخياً والحياة اليومية ويشارك إلى جانب تحلو؛ المصور الضوئي من اليابان (Megumi Yoshitake) والألمانيان بيكا بوريس ولوتس يكيل، ومن فرنسا يان آرثوس بيرتراند، والتشكيلي المعاصر الفنان أبو صبحي التيناوي، والفنان صالح الهجر بلوحاته عن الخط العربي.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».