لقاء إسرائيلي ـ فلسطيني لبلورة «تسهيلات» قبل رمضان

اشتباكات ومحاولة دهس في جنين وتفجير منازل أسرى

تفقد الأضرار التي لحقت بمنزل عائلة جرادات بعد هدم الأمن الإسرائيلي منزلين في سيلة الحارثية بالضفة (إ.ب.أ)
تفقد الأضرار التي لحقت بمنزل عائلة جرادات بعد هدم الأمن الإسرائيلي منزلين في سيلة الحارثية بالضفة (إ.ب.أ)
TT

لقاء إسرائيلي ـ فلسطيني لبلورة «تسهيلات» قبل رمضان

تفقد الأضرار التي لحقت بمنزل عائلة جرادات بعد هدم الأمن الإسرائيلي منزلين في سيلة الحارثية بالضفة (إ.ب.أ)
تفقد الأضرار التي لحقت بمنزل عائلة جرادات بعد هدم الأمن الإسرائيلي منزلين في سيلة الحارثية بالضفة (إ.ب.أ)

في مسعى إسرائيلي لتهدئة التوتر بالضفة الغربية والقدس قبل شهر رمضان، بلور مسؤولون إسرائيليون حزماً من التسهيلات وناقشوها مع مسؤولين فلسطينيين في رام الله.
وقال موقع «واي نت» التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن اللقاء السري الذي لم يعلن عنه قبل أو بعد، ضم مسؤولين في مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، وصلوا إلى رام الله للقاء حسين الشيخ، وزير الشؤون المدنية، وحضر الاجتماع، أيضاً، منسق عمليات الحكومة في الضفة الغربية اللواء غسان عليان.
وهدف اللقاء إلى صياغة بنود حول حزم من التسهيلات للفلسطينيين، قبل حلول شهر رمضان الذي يبدأ خلال ثلاثة أسابيع. وكانت إسرائيل قررت منح الفلسطينيين سلسلة تسهيلات في رمضان، وتجنب اتخاذ إجراءات من شأنها تأجيج التوتر، خصوصاً بعد سلسلة من العمليات الأخيرة تخشى تل أبيب أنها ستشكل بداية موجة جديدة.
وأقر وزير الأمن الإسرائيلي عومر بارليف بأنه توجد مخاوف حقيقية من تصعيد للأحداث في هذه المرحلة، مؤكداً أن القوات الأمنية تعمل بكل قوة لمنع مزيد من الهجمات، وأضاف معقباً على سلسلة من الهجمات خلال اليومين الماضيين، نفذ خلالها الفلسطينيون عمليات طعن في القدس وعملية دهس في جنين شمال الضفة الغربية: «إسرائيل تعمل بكل قوة لوقف موجة من الهجمات الفلسطينية، لكن الأمر ليس بسيطاً».
وأوضح بارليف أنه لم يتم تحديد أي علاقة للتنظيمات الفلسطينية بالعمليات الأخيرة، لكنها قد تكون بداية لسلسلة هجمات تبدأ مع قرب شهر رمضان وتستمر خلاله وربما بعده. وطعن فلسطيني شرطيين، يوم الاثنين، في البلدة القديمة بالقدس، بعد يوم واحد من عملية طعن في البلدة نفسها، فيما دهس آخر جنوداً في جنين الثلاثاء. وقال ضابط كبير في الشرطة الإسرائيلية إن هناك مخاوف حقيقية من امتداد الهجمات إلى خارج مدينة القدس. وأضاف: «نشهد سلسلة مقلقة من الهجمات قد تنزلق خارج القدس... يبدو أن إرهاب السكاكين قد عاد».
وعززت العمليات الأخيرة تقييمات إسرائيلية سابقة، حول احتمال تصعيد كبير خلال هذه الفترة (3 شهور) باعتبار أنها تحل روزنامة مناسبات ساخنة. وعقد مسؤولون أمنيون كبار اجتماعاً تقييمياً بعد الهجمات، وتقرر تعزيز قوات الشرطة والأمن في جميع المناطق؛ الضفة والقدس وفي الداخل. وتقدر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أنه سيكون هناك مزيد من محاولات تنفيذ هجمات، وبناء عليه تم إصدار أوامر للشرطة من أجل زيادة الاستجابة في مواجهة منفذي العمليات.
وانتقل التوتر إلى الضفة الغربية، أمس، مع اشتباكات ومحاولة دهس في جنين (شمال) وتفجير منازل أسرى. واقتحمت قوات الاحتلال، فجر الثلاثاء، بلدة سيلة الحارثية في جنين، وفجرت منزل الأسيرين غيث ومحمد جرادات. واشتبك مسلحون مع الجيش الإسرائيلي أثناء اقتحام المنطقة. وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إنه تم هدم منزلين يعودان لمنفذي عملية حومش في الضفة الغربية، التي أطلق خلالها المتهمان النار على حافلة إسرائيلية أسفرت عن مقتل شخص وإصابة آخرين وفي 16 ديسمبر (كانون الأول) 2021.
وأضاف: «اندلعت خلال عملية الهدم، أعمال شغب عنيفة، شارك فيها عشرات المتظاهرين الذين ألقوا الحجارة والزجاجات الحارقة والمتفجرات والقنابل اليدوية على القوات، ما حدا بقوات الجيش إلى استخدام الوسائل لتفريق المظاهرات، وإطلاق النار. كما أقدم مسلحون فلسطينيون الليلة الماضية، على إطلاق النار باتجاه قوات الجيش الإسرائيلي خلال عملية الهدم، ورد الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار وسط إتمام المهمة بنجاح»، بحسب البيان.
وتم هدم المنازل بأوامر قائد القيادة المركزية، بعد رفض التماسات لإلغاء الأوامر التي قدمها أهالي منفذي العملية إلى المحكمة العليا. وقبل عملية الهدم، أصيب جنديان من الجيش الإسرائيلي في عملية دهس بالبلدة.
وجاءت عملية الدهس بعد ساعات من إصابة شرطيين إسرائيليين بجراح في عملية طعن في البلدة القديمة بالقدس. وفيما قتلت إسرائيل الفلسطيني الذي نفذ عملية طعن في القدس، اعتقلت سائق السيارة في جنين وأحالته للتحقيق.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.