باشاغا يتعهد بدء عمل حكومته من طرابلس «قريباً جداً»

أكد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية... ورفضه اندلاع حرب جديدة

رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية عبد الحميد الدبيبة يتجول مع بعض المسؤولين في طرابلس (جهاز الاستقرار التابع للحكومة)
رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية عبد الحميد الدبيبة يتجول مع بعض المسؤولين في طرابلس (جهاز الاستقرار التابع للحكومة)
TT

باشاغا يتعهد بدء عمل حكومته من طرابلس «قريباً جداً»

رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية عبد الحميد الدبيبة يتجول مع بعض المسؤولين في طرابلس (جهاز الاستقرار التابع للحكومة)
رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية عبد الحميد الدبيبة يتجول مع بعض المسؤولين في طرابلس (جهاز الاستقرار التابع للحكومة)

في تصعيد جديد، تعهد فتحي باشاغا، رئيس الحكومة الليبية الجديدة المكلفة من مجلس النواب، ببدء عملها من العاصمة طرابلس «قريباً جداً»، ووصف غريمه عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة المؤقتة»، بـ«الشيطان».
وقال باشاغا في كلمة مطولة، مساء أول من أمس، إنه سيدخل طرابلس بقوة القانون وليس بقانون القوة، وسيستلم السلطة خلال اليومين المقبلين، كما دافع عن طريقة تشكيلة حكومته، التي قال إنها «ليست موازية، بل هي حكومة كل الليبيين». وتعهد مجدداً بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، لكنه نصح بعدم اللجوء إلى استخدام السلاح، مؤكداً رفضه لاندلاع حرب جديدة في البلاد. كما سعى باشاغا لمغازلة الكتائب والمجموعات المسلحة في العاصمة طرابلس بالتأكيد على أنه لا يقوم «بأي إجراء ضد أي قائد كتيبة أو ميليشيا إلا إذا قام بفعل سواء بالتهديد أو التعدي».
ووصف باشاغا غريمه الدبيبة بـ«الشيطان الذي يغوي الإنسان ليخرجه من دينه»، وقال بلهجة متحدية: «نحن بإذن الله منتصرون، ونستطيع دخول طرابلس بأي طريقة... وسندخلها».
وبالموازاة مع ذلك، رصدت وسائل إعلام محلية تجمعاً لقوات موالية لباشاغا داخل مدينة مصراتة، ضم أكثر من 300 آلية، وسط معلومات غير رسمية عن احتمال وصول باشاغا إلى مدينة سرت رفقة عدد من وزراء حكومته. وعزز هذه التوقعات إعلان مفتاح مرزوق، رئيس حكماء وأعيان سرت، في بيان اعترافه بحكومة باشاغا، ومطالبتها بأن تتخذ من سرت مقراً لها، بعدما طالب الدبيبة بتسليم السلطة، واعتبره «منتهية ولايته».
في سياق ذلك، أدى خمسة وزراء بحكومة باشاغا، ممن تعذر حضورهم جلسة مجلس النواب الخميس الماضي، اليمين الدستورية مساء أول من أمس أمام رئيسه عقيلة صالح في مدينة القبة، إيذاناً ببدء عملهم. وقال مجلس النواب إن المعنيين هم وزراء التعليم، والثروة البحرية، والشؤون الاجتماعية، بالإضافة إلى وزيري الدولة لشؤون المرأة والهجرة غير الشرعية.
من جانبه، ظهر الدبيبة مساء أول من أمس رفقة آمر «جهاز دعم الاستقرار»، عبد الغني الككلي، في جولة تفقدية لبلدية بوسليم في طرابلس، وقال الجهاز إن الدبيبة اطلع على الأمن والاستقرار اللذين تحظى بهما المنطقة، وتطور بنيتها التحتية.
وأصدر الدبيبة، قراراً بتشكيل غرفة عمليات فرعية لقوة دعم الدستور والانتخابات بمدينة مصراتة في غرب البلاد، يمتد نطاق عملها من بوابة الخمسين غرب سرت، إلى زمزم إلى جنوب زليتن، وتكليف إبراهيم إرفيدة آمراً لها. وأكد الدبيبة، الذي نفت حكومته تعيين وزير جديد للصحة، اهتمامه بالجنوب، رغم كل الصعوبات والعراقيل، وشدد خلال اجتماعه برئيس وأعضاء المجلس الاجتماعي للطوارق، مساء أول من أمس، على أن قضية أصحاب الأرقام الوطنية المسجلين لدى مصلحة الأحوال المدنية «قضية أخلاقية ومهنية تجب معالجتها».
في غضون ذلك، ناقش عبد الله اللافي، عضو المجلس الرئاسي، أمس مع المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز، بحضور رئيس المحكمة العليا محمد الحافي، ومسؤولين من هيئة صياغة الدستور، وضع قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات.
في شأن آخر، أعلن «الجيش الوطني»، المتمركز في شرق البلاد بقيادة المشير خليفة حفتر، أن قواته أجرت أمس تجارب على إطلاق صواريخ باليستية في مدينة بنغازي، مشيراً إلى أن هذه الصواريخ المطورة محلياً، والتي تحمل اسم «الكرامة»، كانت دقيقة في إصابة أهدافها على بعد 300 كيلومتر جنوب طبرق (شرق). وأظهرت لقطات مصورة إنهاء الكتيبة الأولى صواريخ التابعة للجيش تمريناتها بإطلاق الصواريخ من جنوب منطقة سلوق، جنوب غربي بنغازي نحو أهدافها الافتراضية المحددة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.