السلطات التونسية ترفع الإقامة الجبرية عن قياديين في «النهضة»

استقالة أول عضو من حكومة نجلاء بودن

راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (رويترز)
راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (رويترز)
TT

السلطات التونسية ترفع الإقامة الجبرية عن قياديين في «النهضة»

راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (رويترز)
راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (رويترز)

رفعت السلطات الأمنية التونسية قرار الإقامة الجبرية الذي اتخذته في حق القياديين في حزب «النهضة»: نور الدين البحيري، وفتحي البلدي، منذ أكثر من شهرين، بينما يواصل القضاء النظر في الاتهامات الموجهة إليهما.
وتم توقيف البحيري (63 عاماً)، والموظف السابق بوزارة الداخلية فتحي البلدي (55 عاماً)، في 31 من ديسمبر (كانون الأول)، ووضعا في الإقامة الجبرية على خلفية «شبهات إرهاب»، حسب وزارة الداخلية.
وقالت وزارة الداخلية في بيان، أمس، نقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» مقتطفات منه، إنه تقرر رفع الإقامة الجبرية «تبعاً لوجود أبحاث متخذة ضد الشخصين المعنيين، حتى يتولى القضاء إتمام ما يتعين في شأنهما من أبحاث وإجراءات عدلية»، وكذلك إثر إرساء المجلس الأعلى المؤقت للقضاء.
ونشر حزب «النهضة» مقطع فيديو على صفحته الرسمية، يُظهر سيارة إسعاف تنقل البحيري إلى منزله بالعاصمة تونس، وكان في استقباله رئيس الحزب راشد الغنوشي، الذي قال إن «تونس لا تحتاج للانتقام؛ بل للحوار»؛ بينما أكدت الوزارة أن الإقامة الجبرية «كانت في احترام تام لحقوق الإنسان من حيث السماح بالزيارة والإقامة».
واعتبر رئيس حركة «النهضة»، راشد الغنوشي، أن البحيري «عاد من عالم آخر؛ لكن معه زخماً من القيم والصبر والنضال والاستماتة من أجل المبدأ». وقال خلال كلمة ألقاها في منزل البحيري، إن تونس «تحتاج إلى الحوار والتسامح وليس للانتقام والتشفي»، داعياً من جهة أخرى إلى الإفراج عن كل موقوف، وبينهم عميد المحامين الأسبق عبد الرّزاق الكيلاني.
ومن جهته، قال سمير ديلو، محامي البحيري: «سوف نلاحق قضائياً من احتجز خارج القانون السيد البحيري» الذي ظهر في حالة وهن، وبدا أنه فقد كثيراً من وزنه بسبب إضرابه عن الطعام منذ نحو 65 يوماً، للمطالبة بإطلاق سراحه.
والبحيري قيادي بارز في حزب «النهضة»، ذي المرجعية الإسلامية الذي اعتبر قيام الرئيس قيس سعيّد في 25 من يوليو (تموز) الماضي بتجميد أعمال البرلمان، وإقالة رئيس الحكومة «انقلاباً على الدستور وثورة 2011»، ودخل معه في صراع سياسي حاد ومتواصل.
وخلال توقيفه، تم نقل البحيري إلى مستشفى حكومي، في محافظة بنزرت (شمال)، وقد أكد حزب «النهضة» في كثير من المرّات أن وضعه الصحي متدهور، وأنه «شارف على الموت»، وحمّلت المسؤولية في ذلك لكل من وزير الداخلية توفيق شرف الدين، والرئيس سعيّد.
وفي مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلن وزير الداخلية التونسي خلال مؤتمر صحافي، أن هناك «شبهات إرهاب جدية» في ملف توقيف البحيري والبلدي، موضحاً أن «الأمر يتعلق بتقديم شهادات الجنسية، وبطاقات هوية، وجوازات سفر، بطريقة غير قانونية»؛ مضيفاً أن من بين الأشخاص فتاة من أبوين سوريين. وبناء على ذلك، فتحت النيابة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب تحقيقاً في ذلك.
في المقابل، طالبت منظمة «هيومان رايتس ووتش» السلطات التونسية بـ«الإفراج فوراً» عن البحيري والبلدي. وقالت إن «اعتقال» البحيري والبلدي في «عملية أشبه بالاختطاف، يُظهر تنامي التهديد» لحقوق الإنسان: «منذ استحواذ الرئيس سعيّد على السلطة في يوليو الماضي».
من جهة أخرى، قالت الجريدة الرسمية أمس
إن الرئيس قيس سعيد قبل استقالة كاتبة الدولة(وزيرة الدولة) لدى وزير الخارجية المكلفة التعاون الدولي عائدة
حمدي، لتصبح بذلك أول عضو في الحكومة يستقيل من منصبه منذ تعيين
حكومة نجلاء بودن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عقب تعليق سعيد
للبرلمان، وعزل الحكومة السابقة في خطوة وصفها معارضوه بأنها
انقلاب.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.