مواجهة بين الحكومة اللبنانية والبرلمان

TT

مواجهة بين الحكومة اللبنانية والبرلمان

اصطدمت موازنة المالية العامة لعام 2022 التي أقرتها الحكومة اللبنانية في وقت سابق، برفض لجنة المال والموازنة البرلمانية، لزيادة الرسوم والضرائب ورفع الدولار الجمركي، من دون رفع الرواتب والأجور، وذلك في أول مواجهة بين الحكومة والبرلمان، بعد إحالة الموازنة إلى مجلس النواب لدراستها في اللجان المختصة، تمهيداً لإقرارها.
ومع تأكيد رئيس لجنة المال والموازنة، إبراهيم كنعان، أن هناك إمكانية لإقرار الموازنة قبل الانتخابات «في حال الالتزام بالمبادئ التي ناقشناها مع وزارة المال والتزام الحكومة بها»، لا يبدو أن إقرارها سيسلك طريقاً سهلاً في ظل تعقيدات متصلة بها، وأهمها سعي الحكومة لتحقيق إيرادات تناهز 47 ألف مليار ليرة (نحو 2.35 مليار دولار) عبر زيادة الرسوم، في ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، مع تدهور سعر صرف العملة، وارتفاع معدلات البطالة في البلاد.
وتشكك قوى سياسية في إمكانية إنجاز الموازنة في البرلمان قبل موعد الانتخابات، بالنظر إلى أن «الوقت بات ضيقاً». وقالت مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط»، إن الموازنة تحتاج على الأقل إلى شهر دراسة في لجنة المال والموازنة، وإلى أسبوعين على الأقل في لجنة «الإدارة العدل» واللجان المشتركة، بينما لم يبقَ على موعد الانتخابات إلا 60 يوماً؛ لكن رغم ذلك لا ترى المصادر استحالة إقرارها إذا ذُللت كل العقبات.
وأثار إقرار الموازنة في 10 فبراير (شباط) الماضي، اعتراضات سياسية، جاء أبرزها من «حزب الله» و«حركة أمل»؛ حيث قال وزراؤهما إنهم لا يوافقون على بنود فيها. وتعهدا بمواجهة الموازنة في البرلمان، عبر ممثليهما في الحكومة.
وفي أول اختبار للموازنة في مستهل مشوار بحثها في البرلمان، استمعت لجنة المال والموازنة أمس، إلى وزير المالية يوسف خليل الذي تحدث عن السياسة المالية العامة، في إطار دراسة مشروع قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2022، وذلك لتحديد مسار نقاش الموازنة في المرحلة المقبلة.
وقال كنعان بعد نهاية الجلسة، إنه «لا يمكن زيادة رسوم في ظل الانهيار المالي والتراجع في كل المؤشرات المالية والاقتصادية، والانكماش الاقتصادي الذي يصل إلى 90 في المائة، ونمو نظري مشكوك فيه، وتضخم ارتفع من 2.2 في المائة إلى 178 في المائة». وسأل: «من أين سيدفع الشعب الـ47 ألف مليار المطلوبة كإيرادات؟». ولدى إقرار الموازنة في 10 فبراير الماضي، أُعلِنَ عن أن العجز بالموازنة يناهز 17 في المائة، أي حوالي 7 تريليونات ليرة (350 مليون دولار). وأكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في ذلك الوقت أنه «ليست هناك ضرائب مباشرة على المواطنين؛ بل هناك رسوم بدل خدمات».
ويتضمن مشروع الموازنة زيادة المساعدات الاجتماعية، ومن بينها زيادة نسبة المساهمة لدعم دور الرعاية الاجتماعية، فضلاً عن الغرامات على التحصيل والانتقال العقاري من 5 في المائة إلى 3 في المائة. كما ألغت الرسوم الجمركية عن الأدوية وقسم كبير من السلع الغذائية. وقال كنعان بعد اجتماع لجنة المال والموازنة، إنه «لا أحد يزيد الرسوم والضرائب في وضع يكون دخل المواطن فيه معدوماً»، مؤكداً: «إننا مع توحيد سعر الصرف، وطالبنا به في لجنة المال سابقاً أكثر من مرة، ولكن بعد إنجاز رؤية واضحة وخطة مبرمجة زمنياً من قبل مصرف لبنان، وذلك لم يحصل، ولا يجوز رفع الدولار الضريبي والجمركي ورواتب الناس لا تزال تُدفع على سعر صرف 1500 ليرة لبنانية».
ولا يزال سعر الصرف الرسمي يبلغ 1515 ليرة للدولار الواحد، بينما يبلغ سعره في السوق السوداء 20500 ليرة، في حين تدفع المصارف ودائع الناس بالعملة الصعبة على سعر صرف 8 آلاف ليرة للدولار الواحد.
وقال كنعان: «أمام هذا الواقع، فإن الموازنة ضرورية لتسيير المرفق العام، ولتبقى مؤسساتنا وإداراتنا قادرة على القيام بواجباتها، ولكن يجب ألا تتضمن أي زيادات وأعباء على المواطنين اللبنانيين، من دون وضع خطة وإعادة هيكلة المصارف والدين العام والقطاع العام، ومعرفة مصير ودائع الناس».
وسأل كنعان: «أين قطوعات الحسابات؟ ولماذا لم يدقق فيها ديوان المحاسبة حتى الآن، بعد إعادة تكوينها بضغط من لجنة المال؟ وكيف سنقر موازنة في غياب حسابات مدققة؟»، داعياً إلى «التزام القانون والشفافية أمام الناس لمرة واحدة؛ خصوصاً بعد الانهيار المالي الكبير الذي حصل». وكرر تأكيده أن الموازنة لن تمر من دون الأخذ بعين بالاعتبار كل المعطيات التي ذكرها.
ورداً على سؤال عما يُحكى عن أن الموازنة سترحل إلى المجلس النيابي المقبل، قال كنعان: «هناك إمكانية لإقرار الموازنة قبل الانتخابات، في حال الالتزام بالمبادئ التي ناقشناها مع وزارة المال والتزام الحكومة بها. والمطلوب إرادة نيابية وحكومية للحفاظ على حقوق الناس».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.