كبرى مستشفيات تعز في مرمى قذائف الحوثيين وصالح

استهداف مستشفى مع من فيه بالقذائف للمرة الثالثة خلال أسبوع

كبرى مستشفيات تعز في مرمى قذائف الحوثيين وصالح
TT

كبرى مستشفيات تعز في مرمى قذائف الحوثيين وصالح

كبرى مستشفيات تعز في مرمى قذائف الحوثيين وصالح

في انتهاك جديد للحوثيين تجرّمه كل الأعراف والمواثيق الدولية، تعرض مستشفى (الثورة العام)، كبرى المستشفيات الحكومية في مدينة تعز - التي تقع إلى جنوب من العاصمة صنعاء، وتبعد عنها بنحو 256 كيلومترا - للقصف المباشر للمرة الثالثة في أقل من أسبوع من مواقع عسكرية تابعة للحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
وذكرت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن مستشفى الثورة والأحياء المحيطة به (الشماسي، حوض الأشراف، الثورة) من المناطق الحيوية التي حررتها المقاومة الشعبية في تعز، ولهذا السبب تتعرض المنطقة لقصف عشوائي من ميليشيات الحوثي وقوات صالح منذ نحو أسبوع، لا يستثنى منه مستشفى أو منازل ومساكن المدنيين.
وتعليقًا على ذلك، قال مدير عام هيئة مستشفى الثورة الدكتور أحمد عبد الله أنعم إن «المستشفى تعرض للقصف المباشر بعدة قذائف» للمرة الثالثة، منوهًا إلى أن المستشفى تعرض مساء الجمعة الماضية، بالتزامن مع مناسبة يوم العمال، إلى «قصف عنيف، في استهداف واضح له، ولحياة العاملين فيه من الكادر الطبي، وكذلك المرضى في أقسام الرقود بما في ذلك قسم الغسيل الكلوي، المزدحم بمرضى الفشل الكلوي على مدار الساعة»، وهو المركز الذي يشهد زحامًا شديدًا يفوق قدرته الاستيعابية بسبب نزوح العشرات من المرضى المصابين بالفشل الكلوي من محافظات عدن ولحج وإب وصنعاء، ويجري المركز أكثر من 100 غسيل كلوي في اليوم على مدار الساعة.
وأوضح مدير عام هيئة مستشفى الثورة في بيان صادر عن المستشفى أمس، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «سقطت أكثر من خمس قذائف بالقرب من قسم الإسعاف الرئيسي، ومبنى أقسام الرقود، إحداها بجانب المولد الكهربائي الوحيد في المستشفى، والذي يعمل على مدار الساعة، نتيجة انقطاع الكهرباء، ليُشغل جميع مرافق المستشفى، وخاصة أقسام الإسعاف والغسيل الكلوي، وما تبقى من قسم العناية المركزة، بالإضافة لثلاجة الموتى والتي تحوي أكثر من 35 جثة، وقد أدى ذلك لإصابة الكثير من العاملين والمرضى بالإضافة إلى الأضرار المادية الكبيرة التي لم نحصها حتى الآن، والأضرار النفسية للمرضى والعاملين».
وأكد أنعم أن «مبنى المستشفى تعرض للقصف بشكل مباشر»، في إشارة واضحة إلى للتعمد في استهدافه، مشيرًا إلى أن «المستشفى تعرض نهاية أبريل (نيسان) الماضي لأولى محاولات استهدافه، حيث سقطت قذيفة إلى جوار قسم الحروق، وقذيفة أخرى أصابت قسم العناية المركزة، خلفت عددا من الجرحى، من المرضى والكادر الطبي للمستشفى، كما أتلفت الكثير من الأجهزة الطبية، إضافة إلى سقوط شظايا ناتجة عن سقوط قذائف في محيط المستشفى».
وسبق للحوثيين اغتيال سائق سيارة الإسعاف التابعة لنفس المستشفى إثر محاولته إسعاف أربعة جنود جرحى من مدرع موال للقيادة الشرعية للبلاد.
وقال بيان لمستشفى الثورة: «إن الاستهدافات المتكررة للمستشفى، بمن فيه، لأكثر من مرة، يعد جريمة حرب، في كل القوانين الدولية، ناهيكم عن أخلاق الحرب، حيث يجرم استهداف المرافق الصحية، وعليه فإننا نُحمل من يقومون بها المسؤولية كاملة، تجاه حياة وسلامة العاملين والمرضى النزلاء فيه».
وأضاف البيان: «رغم شح الإمكانات، وانقطاع الكهرباء والمياه، وصعوبة وصول الكادر الطبي للمستشفى، ما زلنا نقدم الخدمات الطبية الأساسية للجميع دون استثناء، ونحاول جاهدين استمرار عمل الأقسام الإسعافية والطوارئ التوليدية وقسم الغسيل الكلوي على مدار الساعة دون توقف، انطلاقا من مسؤوليتنا الإنسانية»، مؤكدًا أن المستشفى «مرفق خدمي صحي بحت، وليس فيه أي تواجد لمسلحين من أي طرف كان، وندعو الجميع لزيارته، والتأكد من ذلك، كما ندعو كل من لهم السلطة لوقف هذا العدوان على المستشفى والتدخل لإيقافه ومنعه، وتجنيب المستشفى وجميع المرافق الصحية أي استهداف من أي طرف، كونها مرافق خدمية مهمة، ولكون استهدافها والمساس بها جرائم حرب».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم