أوديسا... عصب الاقتصاد الأوكراني تحت نيران القصف الروسي

حواجز مضادة للدبابات على الرصيف في أوديسا الأوكرانية (رويترز)
حواجز مضادة للدبابات على الرصيف في أوديسا الأوكرانية (رويترز)
TT

أوديسا... عصب الاقتصاد الأوكراني تحت نيران القصف الروسي

حواجز مضادة للدبابات على الرصيف في أوديسا الأوكرانية (رويترز)
حواجز مضادة للدبابات على الرصيف في أوديسا الأوكرانية (رويترز)

تُعد المدينة الأوكرانية الناطقة بالروسية أوديسا (جنوب غرب) التي تستعد الجيوش الروسية لقصفها، حسب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الميناء الرئيسي للبلاد، وهي ذات أهمية حيوية لاقتصادها.
وتقع أوديسا في منطقة تحمل الاسم نفسه وتطل على البحر الأسود، ويبلغ عدد سكانها مليون شخص تقريباً، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
أُسست مدينة أوديسا عام 1794 الإمبراطورة كاثرين الثانية، وتقع على مسافة 500 كيلومتر جنوب العاصمة الأوكرانية كييف، وهي مدينة رمزية جداً بالنسبة لروسيا، إذ كانت ثالث أهم مدينة في الإمبراطورية الروسية وميناءها الثاني.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أبريل (نيسان) 2014، إن أوديسا ليست، تاريخياً، جزءاً من أوكرانيا، بل من نوفوروسيا (روسيا الجديدة) التي يود أن يراها قائمة.
والناطقون بالروسية هم غالبية في أوديسا، أكانوا أوكرانيين أو روساً. وأوديسا مدينة عالمية قطن فيها مهاجرون من جميع الأصول - من اليونان وبلغاريا وتركيا ومولدافيا - عقب افتتاح قناة السويس (1869) وتطوير سكك الحديد.
وارتفع عدد سكانها من 100 ألف نسمة عام 1870 إلى 400 ألف في 1900 ثم إلى 600 ألف عام 1913، وقدرت الأمم المتحدة أن عدد سكان أوديسا بلغ 993.800 شخص عام 2018 (أحدث رقم متاح).
وكانت أوديسا موطناً لجالية يهودية كبيرة جداً حتى أربعينات القرن الماضي، قضت عليها المذابح والترحيل لاحقاً...
قرب ترانسنيستريا، وهي منطقة انفصالية موالية لروسيا في مولدافيا، تمكنت أوديسا - رغم الانقسامات بين مؤيدي كييف ومؤيدي موسكو - من مقاومة الدوافع الانفصالية التي أدت إلى نزاع مسلح (أكثر من 14 ألف قتيل منذ 2014) في مناطق المتمردين في شرق أوكرانيا.
وشهدت المدينة فترات توتر شديد في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى انفجارات غامضة استهدفت منظمات موالية لأوكرانيا.
وفي الثاني من مايو (أيار) 2014، كانت مسرحاً لمأساة أودت بـ48 شخصاً، معظمهم من الموالين لروسيا الذين لقوا حتفهم في حريق بعدما هاجموا وقتلوا أنصاراً لكييف. وتركت المأساة التي يحيي الجانبان ذكراها كل عام آثاراً عميقة.
في مدينة أوديسا ميناء يحمل الاسم نفسه (متخصص في النفط والمعادن) وفيها أيضاً مرفآن مهمان، هما مرفأ يوجني (المواد الكيميائية) ومرفأ إيليتشيفسك (المعادن وحركة الحاويات).
وتُعد نقطة عبور رئيسية لصادرات الحبوب (الشعير والذرة) من «تربتها السوداء» الخصبة جداً. وترتبط صناعاتها البترولية والكيميائية بخطوط أنابيب استراتيجية تتجه إلى روسيا والاتحاد الأوروبي.
يساهم مناخ أوديسا المشمس، بالإضافة إلى شواطئها وطريقة العيش فيها، في جعل المدينة منتجعاً ساحلياً شهيراً خلال فصل الصيف، خصوصاً منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014.
صُور فيلم «باتلشيب بوتيمكين» (بارجة بوتيمكين) الصامت في أوديسا عام 1925، وهو من تنفيذ المخرج السوفياتي سيرغي أيزنشتاين، ومستوحى من إحدى أشهر فترات الثورة الروسية عام 1905. ومشهد عربة الأطفال على الدرج في أوديسا هو أحد أشهر المشاهد في تاريخ السينما.
وأنشأت صوفي بلوفشتاين «مدرسة حول فن السرقة» في أوديسا نهاية القرن التاسع عشر، بينما كان ميتشكا إيبونتشيك (الياباني الصغير)، مصدر إلهام لشخصية بينيا كريك في حكايات أوديسا الذي كتبها إسحق بابل.
وألهمت المدينة شخصيات أخرى من المحتالين الماكرين مثل أوستاب بندر، بطل الروايات الساخرة في ما كان الاتحاد السوفياتي سابقاً.
ووصلت سمعتها إلى الولايات المتحدة، بحيث سُمي حي في نيويورك باسم «أوديسا الصغيرة»، وهو ملجأ اللاجئين من الاتحاد السوفياتي في الماضي. وأصبح هذا الحي معروفاً بأنه معقل المافيا الروسية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».