شركات عالمية تتطلع لمشاركة السعودية في تطوير منظومة صناعة الدفاع

«الصناعات العسكرية» ترحب بفتح الأبواب للمصنعين الدوليين لتحقيق مستهدفات «رؤية 2030»

جانب من فعاليات المعرض الدولي للدفاع العالمي الذي انطلق أمس في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من فعاليات المعرض الدولي للدفاع العالمي الذي انطلق أمس في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

شركات عالمية تتطلع لمشاركة السعودية في تطوير منظومة صناعة الدفاع

جانب من فعاليات المعرض الدولي للدفاع العالمي الذي انطلق أمس في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من فعاليات المعرض الدولي للدفاع العالمي الذي انطلق أمس في الرياض (الشرق الأوسط)

كشف عدد من شركات الدفاع العالمية عن تطلعاتها لمشاركة السعودية في تطوير منظومتها الصناعية العسكرية، وذلك من خلال خطط لتوطين التقنيات والصناعات، إضافة إلى توطين الوظائف والتوسع في قطاع التدريب المهني في القطاع الدفاعي، وذلك من خلال مشاركتها في معرض الدفاع العالمي، الذي انطلقت فعالياته أمس في العاصمة السعودية الرياض.
وشهد معرض الدفاع العالمي الذي انطلق أمس (الأحد) في الرياض، برعاية من خادم الحرمين الشريفين، وجود مئات من المشاركات الدولية، جاءت من بلدان مختلفة، لاستعراض أحدث الأنظمة والتقنيات؛ حيث تضمن جناح الولايات المتحدة الأميركية وحدها ‫منتجات معروضة من قبل 75 شركة، 20 في المائة منها توجد للمرة الأولى في المملكة، وفقاً لحديث طارق سولومون، رئيس غرفة التجارة الأميركية في البلاد.
وقال المهندس أحمد العوهلي، محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية، إن الحدث العالمي يأتي تحقيقاً لطموحات الدولة لاستعراض أحدث التقنيات في مجالات التوافق العملياتي عبر مختلف قطاعات الدفاع والأمن الخمسة، سواء البرية والجوية والبحرية، بالإضافة إلى أمن المعلومات والتقنيات والأقمار الصناعية.
وواصل العوهلي: «اهتمام السعودية بالمعرض جاء تجسيداً لرؤية البلاد، ليكون متخصصاً ويرتقي إلى مصافّ أفضل معارض الدفاع في العالم، مضيفاً أن المعرض يحظى بدعم تكاملي من جميع شركاء القطاعين العام والخاص، وتشهد نسخته الأولى مشاركة واسعة، بحضور مئات الوفود العسكرية التي تمثل 70 دولة».
وأضاف أنه جاء توجيه الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، لتنظيم المعرض العالمي، ليكون داعماً في تحقيق طموح وتطلعات البلاد نحو تعزيز قدرات التصنيع العسكري الوطنية، وازدهاره المستدام، والمساهمة في إثراء الدولة.
وقال إن الحدث العالمي في صناعات الدفاع والأمن في المملكة يمثل استراتيجية لفتح أبواب الاستثمار وعقد شراكات نوعية مفتوحة لجميع المصنعين ومزودي الخدمات الدوليين للمشاركة في تحقيق رؤية السعودية، من خلال دعم نقل التقنية وتطوير الكفاءات والصناعة.
وعرضت الشركات العالمية في المعرض مجموعة من منتجاتها الدفاعية المتنوعة، والاستراتيجية التي تعتزم مشاركتها المملكة لتطوير المنظومة العسكرية الدفاعية، من خلال معدات وأنظمة وتقنيات متنوعة، في الوقت الذي يحظى قطاع التدريب باهتمام واسع لدى الشركات العالمية.
وانطلقت النسخة الأولى من المعرض الذي يقام على مساحة 800 ألف متر مربع أمس، بمشاركة وفود من 80 دولة؛ حيث يُتوقع أن يستقطب نحو 30 ألف زائر خلال أيامه الأربعة، التي تنتهي في 9 مارس (آذار) الحالي، في الوقت الذي يمثل أداة استراتيجية لدعم مساعي السعودية نحو توطين أكثر من 50 في المائة من الإنفاق على المعدات والخدمات العسكرية بحلول 2030.
وينعقد المعرض الذي تنظمه الهيئة العامة للصناعات العسكرية السعودية مرّة كل عامين، لدفع عجلة تقدّم صناعات الدفاع والأمن محليّاً وعالمياً من خلال تسليط الضوء على آخر التطورات التقنية في الصناعة وأنظمة التوافق العملياتي عبر جميع مجالات الدفاع الخمسة، البرّ والبحر والجو والفضاء وأمن المعلومات؛ حيث ستتجول المعرض عشرات الوفود رفيعة المستوى من حول العالم للاطلاع على أحدث المعدّات والأنظمة التي سيستعرضها مئات المصنعين المحليين والدوليين.
وقال المهندس أحمد بن عبد القادر جزار، رئيس شركة بوينغ في السعودية، إن معرض الدفاع العالمي في نسخته الأولى أظهر قدرة واسعة في قطاع الصناعات الدفاعية السعودية، مشيراً إلى أن «بوينغ» مشاركة بكل ثقل، ولافتاً إلى أن الإصلاحات الاقتصادية الواسعة التي شهدتها المملكة أحدثت نقلة واسعة في بيئة الأعمال وتسريع وسهولة الممارسة، إلى أن أصبحت البلاد ورشة عمل متسارعة.
وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن شركة «بوينغ» لديها ارتباط تاريخي في السعودية، وتعتبر من المؤسسين الرئيسين في أول الشركات بالمملكة في قطاع الدفاع، مؤكداً أن «رؤية 2030» لديها أهداف محددة، في الوقت الذي تسعى فيه «بوينغ» لخدمة السعودية في تحقيق الأهداف في كل المجالات، التي تتضمن توطين الصناعة وتدريب الكوادر ودعم البحث العلمي.
وعرضت «بوينغ» مجموعتها المتنوعة والمتطورة في قطاع الدفاع وقدراتها في مجال الخدمات، في الوقت الذي قالت فيه الشركة إن معرض الدفاع العالمي يعتبر منصة دولية أساسية لدى الشركة لتسليط الضوء على منتجاتها وخدماتها التي تدعم وتسهم بتقدم السعودية وتلبي متطلبات الدفاع والخدمات في المنطقة؛ حيث تواصل العمل مع المملكة والحكومات الإقليمية لضمان تحقيق التقدم في قدراتها في قطاع الدفاع وقطاع الخدمات المستقبلية.
ويبلغ حجم الأعمال التراكمية لدى شركة بوينغ للدفاع والفضاء والأمن، الآن، 60 مليار دولار، يأتي 33 في المائة منها من خارج الولايات المتحدة. كما يشير تقرير «توقعات سوق (بوينغ) لعام 2021» أن فرص سوق الدفاع والفضاء ستحافظ على توافقها مع توقعات العام الماضي التي تبلغ 2.6 تريليون دولار من التعاقدات خلال العقد المقبل.
وبحسب التقرير، لا تزال توقعات الإنفاق تعكس الأهمية المستمرة للطائرات العسكرية والأنظمة المستقلة والأقمار الصناعية والمركبات الفضائية وغيرها من منتجات الدفاع الوطني والدولي، مع توقع قدوم 40 في المائة من النفقات من خارج الولايات المتحدة.
وكانت شركة «إيرباص» أعلنت عن مشاركتها في معرض الدفاع العالمي، من خلال مجموعة واسعة من المنتجات والتقنيات والابتكارات المتطورة والكفيلة برسم ملامح مستقبل قطاع الطيران عالمياً؛ حيث قالت إن الفعالية تعد فرصة مثالية لشركة إيرباص لتأكيد التزامها ببرنامج التوطين واستعراض حضورها القوي في السعودية، الذي يستند على شراكات استراتيجية تُسهم في تطوير القطاعات المحلية من خلال تقديم الخبرات والخدمات والمنتجات الرامية إلى تحقيق أهداف العملاء والشركاء في المملكة.
وكانت «إيرباص» وقّعت مؤخراً عدداً من الاتفاقيات في السعودية تنوعت بين مشروعات مشتركة ومذكرات تفاهم لتبادل المعارف، بما فيها مشروع مشترك مع الشركة السعودية للصناعات العسكرية لتقديم خدمات الطيران العسكري وإمكانات الصيانة والإصلاح والتجديد، فضلاً عن مذكرة تفاهم مع أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران لتوفير فرص التدريب في مجال الطيران.
وعلى صعيد الحكومات، قال مارك غولدساك، مدير الصادرات الدفاعية والأمنية التابعة لوزارة التجارة الدولية البريطانية: «نتطلع إلى معرض الدفاع العالمي، كفرصة تاريخية للّقاءات الشخصية لتعزيز العلاقات البريطانية – السعودية... إننا نجمع في جناح المملكة المتحدة بين قطاعات الصناعات العسكرية من جميع وزارات الحكومة لتسليط الضوء على الخبرات البريطانية».
من جانبه، قال تشاد وودورد، المستشار التجاري في السفارة البريطانية في السعودية: «السعودية شريك تجاري مهم للمملكة المتحدة؛ حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما 10.9 مليار جنيه إسترليني في السنة، حتى سبتمبر (أيلول) 2021»، مضيفاً أن طموحات المملكة مبينة في استراتيجية رؤية 2030. ووزارة التجارة الدولية البريطانية مستعدة لمساعدة الشركات البريطانية على تحقيق النجاح في هذه السوق المهمة».



الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

TT

الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري «الذي خسر 24 عاماً من التنمية البشرية حتى الآن».

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

لبنان

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.