قفز فارق سعر الصرف الجنيه السوداني مقابل الدولار بين السوق الموازية والرسمية، إلى نحو 83 جنيهاً، وهو انخفاض كبير في قيمة العملة السودانية منذ إطاحة الجيش بالحكومة المدنية في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما انعكس مباشرة في موجة من الغلاء وارتفاع متواصل في أسعار السلع الضرورية التي يحتاجها المواطن بشكل يومي.
وبلغ سعر الدولار الواحد في السوق الموازية 550 جنيها، في مقابل سعر الصرف الرسمي الذي يحدده البنك المركزي للمصارف في حده الأعلى 467 جنيها.
وعزا متعامل في السوق السوداء لـ«الشرق الأوسط» ارتفاع الأسعار، إلى الطلب المتزايد على العملات الأجنبية، ونقص الكميات المعروضة. وأضاف: «الجنيه فقد الكثير من قيمته أمام الدولار والعملات الأخرى»، مشيرا إلى أن هذا التراجع تم بتسارع كبير منذ نهاية الأسبوع الماضي، في ظل النقص الكبير من الاحتياطي النقدي للعملات في البنك المركزي، ما يدفع التجار والمستوردين إلى الشراء من السوق (السوداء)، الذي يؤدي بدوره إلى انخفاض قيمة الجنيه السوداني.
وتوقع المتعامل الذي فضل عدم نشر اسمه، أن يستمر انخفاض الجنيه أكثر على الأقل خلال الأيام المقبلة.
وأوقفت المؤسسات المالية الدولية وأميركا ودول أوروبية مساعدات مالية مجدولة للسودان تقدر بمليارات الدولارات، عقب استيلاء الجيش على السلطة الذي قطع عملية الانتقال الديمقراطي في البلاد، وترهن الالتزام بتلك التعهدات حال تم تشكيل حكومة بقيادة المدنيين.
ومن ضمن هذه الأموال دعم مباشر بملايين الدولارات للميزانية العامة، خصصت لبرامج مكافحة الفقر ودعم مالي مباشر للفئات الهشة، لتخفيف العبء على الإنفاق الحكومي.
وفاقمت القبضة العسكرية على السلطة في السودان، من الأزمة الاقتصادية التي بدأت في الانفراج خلال عهد رئيس الوزراء المستقيل، عبد الله حمدوك، الذي نجح في إعادة السودان للمجتمع الدولي بعد حصار اقتصادي وعزلة دولية قاربت 3 عقود.
يقول المحلل الاقتصادي، أحمد خليل، إن انخفاض قيمة الجنيه السوداني بسبب زيادة الطلب على العملات الأجنبية في مقابل ضعف العرض، سيؤدي ذلك إلى تراجع كبير في قيمة العملة الوطنية.
ويضيف أن «بعض المعلومات تشير إلى أن سبب زيادة الأسعار خلال الأيام الماضية أن الحكومة السودانية والشركات المستوردة للمشتقات النفطية توجهت لشراء مبالغ كبيرة من العملات الأجنبية من السوق السوداء، وبالتالي تسببت في هذا الانخفاض».
وعزا خليل تدهور القيمة الشرائية للجنيه إلى انخفاض التحويلات المالية عبر المصارف الرسمية، وأكبرها تحويلات المغتربين التي تتجاوز 6 مليارات دولار في العام، مشيرا إلى أن هذا لا ينفصل عن الأوضاع السياسية نتيجة لحملة المناهضين للحكم العسكري الذين يدعون لمقاطعة التحويل من خلال المنافذ الرسمية لخنق السلطة العسكرية وإسقاطها.
ويرى المحلل الاقتصادي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» وجود صلة وثيقة بتدني الجنيه، بالتراجع الكبير للصادرات السودانية المختلفة، ما أدى إلى تراجعها بنسبة 85 في المائة، والذي سيفاقم الضائقة المعيشية وارتفاع معدلات التضخم.
في موازاة ذلك قال حزب الأمة القومي المعارض، في بيان إن الحكومة العسكرية تتحمل الانهيار الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم وتدهور سعر صرف العملة الوطنية، وعليها مواجهة الحقائق والاعتراف بالفشل والسعي لتسليم السلطة للمدنيين.
وشهدت الفترة الماضية ارتفاع في أسعار السلع الضرورية الخبز والوقود وغاز الطهي، الذي بدروه أدى إلى شلل في حركة البيع والشراء بالأسواق، وسط توقعات بزيادات كبيرة في أسعار السلع الغذائية وتكاليف النقل.
الجنيه السوداني يتهاوى مع تفاقم الأزمة الاقتصادية
الجنيه السوداني يتهاوى مع تفاقم الأزمة الاقتصادية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة