بغداد: مقتل مدير معهد صحافة الحرب والسلام في يوم حرية الصحافة

أكثر من 400 صحافي عراقي سقطوا منذ عام 2003

عمار الشابندر
عمار الشابندر
TT

بغداد: مقتل مدير معهد صحافة الحرب والسلام في يوم حرية الصحافة

عمار الشابندر
عمار الشابندر

عدّ رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري مقتل مدير معهد صحافة الحرب والسلام في العراق عمار الشابندر بأنه خسارة لأحد صناع الأمل، فيما اعتبرته الأوساط الصحافية خسارة، لا سيما أن حادث مقتله يتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة.
وقال الجبوري، في بيان له أمس الأحد «لقد فقد العراق باستشهاد الشابندر أحد صناع الأمل ورعاة السلام فيه». وأضاف أن «الأسرة الصحافية فقدت أحد رموزها الذي كان له الدور البارز في تطوير قدرات العشرات من الصحافيين والارتقاء بأدائهم منذ توليه إدارة معهد إعلام الحرب والسلام». وفي السياق نفسه، أكد نقيب الصحافيين العراقيين مؤيد اللامي، في كلمة له خلال الاحتفالية التي أقامتها النقابة بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أن الشابندر انضم إلى قافلة من نحو 400 صحافي عراقي منذ عام 2003. ودعا اللامي الحكومات العربية إلى «رفع يدها عن التدخل في شؤون الصحافيين وكشف قتلتهم»، مبينا أن «أكثر من 400 صحافي عراقي سقطوا منذ عام 2003، وهو الرقم الأعلى في العالم»، لافتا إلى أن «الحكومة العراقية عليها العمل الجاد والكشف عن الجناة وتوفير بيئة آمنة للعمل الصحافي.
وكان الصحافي العراقي عمار الشابندر قتل في تفجير لسيارة مفخخة أسفر عن قتل سبعة مدنيين وإصابة 26 آخرين في منطقة الكرادة وسط بغداد.
من جهته، أكد مدير مرصد الحريات الصحافية في العراق هادي جلو مرعي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «مقتل عمار الشابندر جاء عرضا في منطقة الكرادة، حيث تصادف وجوده مع زملاء آخرين في مكان الحادث نفسه، وبالتالي فإن أي حديث عن حماية الصحافيين في ظل مثل هذه الفوضى في القتل بات مجرد ترف فكري لا أكثر». وأضاف مرعي أن «المشكلة التي بات يواجهها الصحافي العراقي اليوم هي تعدد ميادين الاستهداف من الجسدي إلى الرقمي إلى ميادين أخرى، بحيث فشلت كل المحاولات التي جرت لحماية الصحافيين في العراق منذ عام 2003 وحتى اليوم، بل وتبدو غير ذات جدوى خصوصا أن التحديات يمكن أن تأتي من جماعات إرهابية ومن جهات أخرى تريد تصفية حساباتها، فضلا عن مفاهيم حرية الصحافة التي لم توضع لها سياقات عمل صحيحة في العراق حتى الآن». وأشار مرعي إلى أن «البيئة الصحافية في العراق لم تعد بيئة آمنة، بل هي بيئة محتقنة، ولا توجد ضمانات لأي حرية صحافة»، مشيرا إلى أن «مقتل مدير معهد صحافة الحرب والسلام في يوم حرية الصحافة، وإن جاء بصفة عرضية فإنه يعني فقدان الأمل والثقة معا في إمكانية أن تكون هناك بيئة مناسبة للعمل الصحافي في العراق». وكانت بعثة الأمم المتحدة في العراق أعلنت عن مقتل وإصابة ألفين و538 شخصا نتيجة أعمال العنف والإرهاب التي وقعت في العراق كـ«حد أدنى» خلال شهر أبريل (نيسان) المنصرم. وقالت يونامي، في بيان لها، إن «ما مجموعه 812 عراقيا قتلوا، وأصيب ألف و726 آخرون، من جراء أعمال العنف والإرهاب التي وقعت في البلاد خلال نيسان المنصرم»، مشيرة إلى أن «عدد القتلى المدنيين بلغ 536 شخصا، بينهم 30 قتيلا من منتسبي قوات الشرطة المدنية، في حين بلغ عدد الجرحى المدنيين ألفا و456 شخصا، بينهم 58 منتسبا من قوات الشرطة المدنية وأعداد الضحايا في الأنبار».



«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)
TT

«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)

مرة أخرى يتجدَّد الصراع بين عملاقَي التكنولوجيا «أبل»، و«ميتا»، مثيراً تساؤلات بشأن مدى «حماية خصوصية بيانات المستخدمين». وبينما رأى خبراء التقتهم «الشرق الأوسط» أن المعركة الأخيرة جزء من نزاع مستمر بين «أبل»، و«ميتا» يتيح لهما البقاء على عرش التكنولوجيا الرقمية، فإنهم أشاروا إلى أن تأثير الصراع بشأن الخصوصية قد يمتد إلى مواقع الأخبار.

المعركة الأخيرة بدأت منتصف الشهر الحالي، مع تحذير وجَّهته شركة «أبل» بشأن تقديم منافستها «ميتا» مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام» نحو «15 طلباً للوصول العميق إلى البيانات، في إطار قانون الأسواق الرقمية الجديد بالاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يضعف حماية بيانات المستخدمين».

ووفق «أبل»، فإنه «إذا حصلت طلبات (ميتا) على الموافقة، فسيكون باستطاعتها من خلال تطبيقاتها: (فيسبوك)، و(إنستغرام)، و(واتساب)، رؤية كل الرسائل القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني والصور والمواعيد، وكل بيانات مكالمات المستخدمين». ونبَّهت «أبل»، في بيانها، إلى أن «مجموعة من الشركات تستخدم قانون الأسواق الرقمية الأوروبي؛ للوصول إلى بيانات المستخدمين». ولكن في المقابل، نفت «ميتا» هذه الاتهامات، وعدَّتها «حججاً تستخدمها (أبل) في إطار ممارساتها المضادة لحرية المنافسة». وقالت، في بيان لها، إن «(أبل) لا تعتقد بالتوافق بين الأجهزة الأخرى».

تعليقاً على ما هو حاصل، قال أنس بنضريف، الصحافي المغربي المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) هو امتداد لمعارك سابقة متكررة ومتجددة بين عملاقَي التكنولوجيا». وأردف: «هناك قانونان يحكمان السوق الرقمية في أوروبا: الأول هو قانون الخدمات الرقمية الذي يستهدف منع الاحتكار وحماية بيانات المستخدمين. والثاني هو قانون الأسواق الرقمية الذي يجبر الشركات على إتاحة معلوماتها للمطوّرين».

وأوضح بنضريف أن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) مرتبط بقانون التسويق الرقمي، إذ تعدّ (ميتا) من المطوّرين المتاحة تطبيقاتهم، مثل (إنستغرام) و(فيسبوك) على هواتف (أبل)». وتوقّع أن تنتهي المعركة لصالح «ميتا»، مبرراً ذلك بأن «حجة (أبل) ضعيفة وغير كافية، وخصوصية بيانات المستخدمين محمية قانوناً في أوروبا، إلا أن مخالفة (ميتا) لقوانين حماية الخصوصية تُعرِّضها لغرامات كبيرة... وفي أي حال الصراع هو جزء من معركة تستهدف الضغط على (أبل) لفتح خدماتها وإتاحتها على منتجات تابعة لشركات أخرى».

للعلم، حسب قانون الأسواق الرقمية الأوروبي، لا يسمح للشركات المشغّلة للمنصّات الحصول على امتيازات خاصة. وتطالب المفوضية الأوروبية شركة «أبل» بأن تغدو أجهزتها متوافقة مع التكنولوجيا التي تنتجها شركات أخرى.

وبموجب إجراءات المفوضية الأوروبية يتوجب على «أبل» تقديم وصف واضح للمراحل والمواعيد النهائية المختلفة والمعايير والاعتبارات التي ستطبقها أو تأخذها في الاعتبار عند تقييم طلبات التشغيل البيني من مطوري التطبيقات، مع تزويد المطورين بتحديثات منتظمة، وتقديم التعليقات وتلقيها فيما يتعلق بفاعلية حل التشغيل البيني المقترح. ومن المتوقع صدور قرار من المفوضية بشأن ما إذا كانت «أبل» تلتزم بشرط قابلية التشغيل البيني، بحلول مارس (آذار) المقبل، وفق ما نقلته «رويترز».

من جهة ثانية، صرَّح محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي، لـ«الشرق الأوسط» شارحاً أن «التوترات المستمرة بين (أبل) و(ميتا)، إلى جانب قانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي، تسلط الضوء على الأهمية المتزايدة لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى، خصوصاً فيما يتعلق بالخصوصية والمنافسة». وأضاف أن «التحذير الذي أطلقته (أبل) بشأن (ميتا) أثار ذلك جدلاً حول ما إذا كانت مثل هذه الممارسات قد تضعف حماية البيانات للمستخدمين، والتركيز المتجدد على قانون الأسواق الرقمية يعد جزءاً من جهود الاتحاد الأوروبي لمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من استغلال هيمنتها، حيث يهدف القانون إلى ضمان المنافسة العادلة عن طريق تقييد الشركات من منح نفسها مزايا خاصة، أو الوصول إلى بيانات المستخدمين بشكل مفرط دون موافقة».

وأشار الصاوي إلى أن «تأثير قانون الأسواق الرقمية يمتد إلى ما هو أبعد من شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث قد يؤثر أيضاً على المواقع الإخبارية، لا سيما تلك التي تعتمد على منصات مثل (فيسبوك) في توزيع منتجاتها». وأوضح أن «القانون قد يجبر المنصات على معاملة أكثر عدلاً، ما يضمن ألا تتضرر المواقع الإخبارية من الخوارزميات أو ممارسات البيانات المتحيزة، كما يفرض إعادة التفكير في كيفية جمع البيانات الشخصية ومشاركتها وحمايتها عبر المنصات، مما يشير إلى تحول نحو أنظمة رقمية أكثر شفافية».

وعدّ الصاوي «قانون الأسواق الرقمية محاولةً لإعادة التوازن في ديناميكيات القوة في السوق الرقمية، ما قد يؤثر بشكل كبير على المبدعين في مجال المحتوى، بما في ذلك المواقع الإخبارية، في كيفية تفاعلهم مع المنصات... في حين يضمن استمرار الصراع بين (أبل) و(ميتا) بقاءهما متربعتين على عرش المنافسة الرقمية».

وحقاً، يأتي الصراع الأخير بين «أبل» و«ميتا» في وقت قرَّرت فيه هيئة حماية البيانات الآيرلندية فرض غرامة قيمتها 251 مليون يورو على شركة «ميتا»؛ بسبب عملية اختراق واسعة لبيانات نحو 29 مليون مستخدم على مستوى العالم في عام 2018.