لماذا يعجز مرشحو الانتخابات اللبنانية عن لقاء ناخبيهم؟

TT

لماذا يعجز مرشحو الانتخابات اللبنانية عن لقاء ناخبيهم؟

يتحدث نائب لبناني من «التيار الوطني الحر»، وسيكون مرشحاً أيضاً إلى الانتخابات النيابية في مايو (أيار) المقبل، عن تحديات كبيرة وجديدة يواجهها المرشحون الذين اعتادوا في الاستحقاقات النيابية الماضية أن يلتقوا بالناس بشكل دائم في مهرجانات على مستوى القرى والبلدات، وفي مناسبات اجتماعية شتى، بخاصة في الأعراس والمآتم. فجائحة «كورونا» التي أدت في الأعوام القليلة الماضية لوقف كل أنواع النشاطات والمناسبات، وانتفاضة 17 تشرين الأول (أكتوبر/ تشرين الأول) 2019 التي امتنع كل السياسيين على أثرها من الوجود بين الناس وفي الأماكن العامة خوفاً من ملاحقتهم من قبل المعترضين على الطبقة السياسية، باتتا عاملين أساسيين صعبا مهمة المرشحين في التلاقي مع ناخبيهم المعتادين ومحاولة اجتذاب ناخبين جدد، ما يجعلهم قبل أقل من 3 أشهر على موعد الانتخابات يستنفرون للتواصل مع الناس وضمان تأمين أكبر عدد ممكن من الأصوات الانتخابية.
ويكشف النائب «العوني»، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، عن حفلات عشاء ينظمها بشكل أسبوعي في منزله لناخبيه المعتادين.
واستبدل عدد كبير من النواب في العامين الماضيين اللقاءات مع ناخبيهم باجتماعات «افتراضية»، أي من خلال التطبيقات عبر الإنترنت، كان خلالها هؤلاء النواب يجيبون على أسئلة واستفسارات وهواجس الناس الذي صوتوا لهم في الانتخابات الماضية التي جرت عام 2018.
ويتحدث الدكتور ميشال دويهي، الأستاذ الجامعي، عن «ممارسة تاريخية خاطئة من قبل القوى السياسية التقليدية للعمل الانتخابي، إذ طالما كان السياسيون، بخاصة زعماء الطوائف والمناطق، يدعون الناس إلى منازلهم وبيوتهم في موسم الانتخابات، كما يحصرون التواصل مع الناخبين بالمشاركة في الأعراس والمآتم، وتقديم بعض الخدمات، متفادين التلاقي معهم بشكل دوري في قاعات المجالس البلدية، أو في مراكز ثقافية واجتماعية في البلدات والقرى للإجابة عن أسئلتهم، خوفاً من أن يكتشف الناس أنهم غير مؤهلين للعمل النيابي، أو لا يملكون إجابات عن سبب فشل مشاريع سياسية وإنمائية وعدوا بها ولم ينفذوا شيئاً منها». ويشير دويهي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعد انتفاضة 17 تشرين، باتت أسئلة الناس كبيرة والأجوبة بمعظمها حساس، لذلك يتفادى معظم مرشحي قوى السلطة الإجابة عنها»، مضيفاً: «قوى السلطة لا تزال تفرض مرشحيها على الناس من دون العودة إليهم».
وتعتبر الدكتورة منى فياض، الأستاذة في علم النفس بالجامعة اللبنانية والناشطة السياسية، أن ما يحصل من متغيرات على صعيد الحملات الانتخابية للمرشحين وطريقة تواصلهم مع الناخبين «إنما هو جزء من تغيير جذري يطال لبنان والعالم بعد الأزمات الأخيرة، أبرزها جائحة (كورونا)، ما يدفعنا لترقب ردود فعل الناس التي من الصعب حسمها من الآن والتي لن تظهر إلا خلال الاستحقاق النيابي المقبل، خصوصاً أن هناك حالة من اليأس المسيطر على قسم كبير الناخبين». وتشير فياض في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الواقع الجديد يجعل المرشحين غير قادرين على تقدير واقع الأرض لأنهم لا يحتكون كفاية بالناخبين لتبيان في أي اتجاه سيصبون أصواتهم».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.