لبنان: المخاوف من نفاد الوقود تعيد طوابير السيارات إلى المحطات

بسبب صعوبة الاستيراد نتيجة الحرب في أوكرانيا

صورة أرشيفية لطوابير أمام إحدى محطات الوقود في بيروت (رويترز)
صورة أرشيفية لطوابير أمام إحدى محطات الوقود في بيروت (رويترز)
TT

لبنان: المخاوف من نفاد الوقود تعيد طوابير السيارات إلى المحطات

صورة أرشيفية لطوابير أمام إحدى محطات الوقود في بيروت (رويترز)
صورة أرشيفية لطوابير أمام إحدى محطات الوقود في بيروت (رويترز)

عادت مشاهد طوابير السيارات أمام محطات الوقود إلى طرقات لبنان مع الإعلان عن قرب نفاد المخزون في وقت بدأت فيه سياسة التقشف في مادة القمح، وذلك نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا وتداعياتها على السوق العالمية للمحروقات والقمح وبعض المواد الغذائية.
وبعدما كان وزير الاقتصاد أمين سلام قال إن مخزون القمح يكفي لمدة شهر ونصف الشهر، أعلن تجمع المطاحن في لبنان أمس، أنه تم الاتفاق مع سلام ووزير الصناعة جورج بوشيكيان ووزير الزراعة عباس الحاج حسن، على أن يتم حصر تسليم المطاحن بالطحين المخصص لصناعة الخبز العربي، من أجل الاستمرار في إنتاج هذا النوع من الطحين لأكبر فترة ممكنة ولحين وصول كميات إضافية من القمح. وأشار التجمع إلى أن الوزراء المعنيين يجرون الاتصالات اللازمة مع الأسواق العالمية وقد تتكلل هذه المساعي بنتائج إيجابية.
وأكد التجمع في الوقت عينه أن لا ضرورة للهلع والتهافت على الأفران وتخزين الطحين والخبز، مؤكداً أن القمح متوفر وأن التعاون الوثيق بين وزراء الاقتصاد والتجارة والصناعة والزراعة مع التجمع قائم بهدف الحفاظ على الوضع التمويني وتأمين المواد الغذائية بصورة دائمة، علماً بأن لبنان يستورد 60 في المائة من حاجته من القمح من أوكرانيا.
في موازاة ذلك، عادت أزمة الوقود مجدداً إلى لبنان وإن كانت لأسباب مختلفة هذه المرة مرتبطة بالحرب الروسية، إذ في حين شهدت المحطات يوم أمس زحمة وطوابير طويلة من السيارات رفعت أخرى خراطيمها وأقفلت أبوابها.
وأعلن ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا في حديث تلفزيوني أن مخزون المحروقات في لبنان يكفي لأربعة أو خمسة أيام، مشيراً إلى أن اتصالات عدة حصلت أمس مع الشركات ووزير الطاقة، ولفت إلى أنه لم يصدر حتى الآن جدول أسعار المحروقات وفق الارتفاع العالمي لسعر النفط، مؤكداً أن الارتفاعات بأسعار المحروقات ليست محلية إنما عالمية.
من جهته، قال رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس، إن سوق المحروقات تمر الآن في وضع استثنائي جداً وغير مسبوق، نتيجة للحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا.
وفي حين رجح في بيان أن السوق قد تشهد شحاً في البضاعة خلال شهر مارس (آذار) الحالي بسبب صعوبة إيجاد الأسواق البديلة، وحيث إن هناك كميات كبيرة من النفط تصل إلى لبنان من روسيا ومن البحر الأسود، أكد أن الشركات المستوردة للنفط عقدت ولا تزال اجتماعات أزمة متتالية مع وزارة الطاقة لتدارك الأوضاع، ولتأمين استمرارية السوق وعمليات الاستيراد إلى لبنان عبر أسواق بديلة. وشدد في هذا السياق أن عمليات الاستيراد محصورة حالياً في تأمين الحاجة للاستهلاك فقط، نظراً إلى الانعدام التام لإمكانية تخزين البضاعة لأن الأسعار والأسواق العالمية لا تسمح الآن بذلك.
أما فيما خص الأسعار، فاعتبر شماس أنه لا يمكن توقع إلى أي مستوى يمكن أن تصل أسعار المحروقات عالمياً، وإذا ما كانت ستنخفض أو ستتابع الارتفاع، لافتاً إلى أنه لا يوجد لدى الشركات المستوردة مخزون استراتيجي مبني على أسعار سابقة. كما ذكر أنه كان هناك اقتراح تقدمت به الشركات المستوردة لوزارة الطاقة والمياه فيما يخص تغير أسعار المبيع في لبنان في حالات استثنائية كالتي نمر بها اليوم، ويتمثل بأنه طالما لا يتخطى تغير السعر العالمي للمحروقات سقف الـ20 دولاراً للطن الواحد، فلا تصدر الوزارة أي جدول جديد للأسعار. أما إذا تخطى الارتفاع عتبة الـ20 دولاراً للطن الواحد بحسب سعر السوق العالمي، فعندها يتم إصدار جدول جديد وتجميد آلية الأسعار السابقة. وفي حين قال إن تصحيح الأسعار هو خيار صعب، اعتبر أنه أمر لا مفر منه لضمان استمرارية التموين للأسواق.
ورد شماس على اتهام الشركات المستوردة بالاستفادة من ارتفاع الأسعار عالمياً لزيادة أرباحها، بالتأكيد أنه لا مصلحة للشركات من ارتفاع الأسعار وذلك لسببين رئيسيين، أولاً، لأن ارتفاع الأسعار يترافق حكماً مع انخفاض الاستهلاك والمبيع، وثانياً، لأن وزارة الطاقة والمياه تحدد سقفاً لهامش الأرباح غير الصافية للشركات، وهذا السقف لا يتغير حتى لو تخطت الأسعار عتبة 900 دولار للطن الواحد، وهو اليوم 1106 دولارات للبنزين و1106 دولارات للمازوت.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».