طالب عدد من السياسيين والأكاديميين في أميركا، في رسالة وجهوها إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، بالضغط على الرئيس التونسي قيس سعيد، من جديد، بهدف إعادة تونس إلى الحكم الديمقراطي، بحسب وصفهم، وهو ما أثار ردود فعل متباينة في الساحة السياسية التونسية. ففي حين تم رفض هذه الدعوات من قبل مؤيدي القرارات الرئاسية التي أدت إلى خروج الائتلاف الحاكم السابق من السلطة، واعتبروها «تدخلاً واضحاً وسافراً في الشأن الداخلي التونسي»، اعتبرها خصومهم «انتصاراً لرافضي التدابير الاستثنائية، وللمطالبين بالعودة إلى المسار الديمقراطي الطبيعي».
وجاءت هذه الدعوات والانتقادات الأميركية لخطوات الرئيس سعيد، خلال زيارة وفد برلماني تونسي مؤخراً إلى الولايات المتحدة الأميركية، ترأَّسه ماهر مذيوب، القيادي في حركة «النهضة»، للمشاركة في أشغال الاجتماع السنوي المشترك بين الأمم المتحدة والاتحاد البرلماني الدولي بالولايات المتحدة.
وخلال هذه الزيارة أجرى الوفد التونسي عدة لقاءات مع كبار المسؤولين الأميركيين، وبعض أعضاء الكونغرس، لتوضيح تطورات المشهد السياسي في تونس، بالإضافة إلى عقد عدة اجتماعات مع الجالية التونسية والعربية هناك.
ووجَّه هذه الدعوة إلى الرئيس الأميركي للتدخل لإرجاع تونس إلى مسارها الديمقراطي، 51 أكاديمياً وسياسياً، من بينهم بعض سفراء الولايات المتحدة السابقين لدى تونس، وفي مقدمتهم جاك واليس، السفير الأميركي في تونس ما بين 2012 و2015، وروبين رافيل (من 1998 حتى 2000)، بالإضافة إلى كاميرون هيوم، السفير الأميركي السابق لدى الجزائر.
وجاء في الرسالة التي وقعها هؤلاء المسؤولون: «لسوء الحظ، نخشى أن يكون غياب رد فعل أميركي قوي على هجوم سعيّد على الديمقراطية، قد شجعه على المضي قدماً في طريقه المدمر».
وأوصت الرسالة إدارة بايدن بتوفير الدعم الاقتصادي الإضافي لتونس «فقط عندما يتم استكمال عدد من الخطوات، ومن أهمها العودة السريعة لهيئة تشريعية منتخبة، وإعادة الهيئات الدستورية المستقلة، بما في ذلك المجلس الأعلى للقضاء، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، علاوة على حماية التعددية السياسية وحرية التعبير».
وأضافت الرسالة موضحة: «أوكرانيا ليست الدولة الوحيدة التي تواجه تهديدات خطيرة لديمقراطيتها، وهذا هو السبب الذي جعلنا نكاتبكم الآن، لحث إدارتكم على زيادة جهود الولايات المتحدة بشكل كبير في مساعدة تونس على عكس مسار انزلاقها السريع إلى الاستبداد».
وكان الرئيس التونسي سعيد قد استدعى قبل أسابيع السفير الأميركي لدى تونس، للاحتجاج على التدخل في الشأن الداخلي التونسي، وذلك بعد أن أصدر سفراء مجموعة السبع بياناً، عبَّروا فيه عن «قلقهم» من التطورات الحاصلة في تونس. وقال سعيد إن محاولات تدخل عواصم غربية في الشأن التونسي «يقف وراءها متآمرون اختاروا أن يضروا بمصالح تونس، فوجب أن توجه لهم تهمة التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي».
على صعيد آخر، كشف أحمد شفطر، عضو الحملة التفسيرية للمشروع السياسي للرئيس سعيد، عن التوجه لاعتماد نتائج «الاستفتاء الإلكتروني» الذي تنتهي المشاركة في مختلف محاوره في 20 من مارس (آذار) المقبل: «مسودة لدستور تونس الجديد». واعتبر شفطر أن مشاركة نحو 240 ألف تونسي في الاستشارة الإلكترونية «تمثل أرضية سياسية مهمة لتعديل الدستور، وضبط طبيعة النظام السياسي والقانون الانتخابي الذي سيعتمد في تونس» على حد تعبيره.
وعلى الرغم من نعت المعارضة لهذا المقترح الرئاسي بـ«الفاشل»، فإن المصدر ذاته اعتبر أن الاستشارة «ناجحة على كل المستويات، وهي ستؤسس لأرضية الحكم القاعدي الذي يعتمد على المحاصصة المجتمعية، بدلاً من المحاصصة الحزبية التي ظلت معتمدة خلال السنوات الماضية»، وأكد نجاح هذه العملية الشعبية «على الرغم من قصفها بالصواريخ» على حد قوله.
كما اعتبر شفطر أن الوصول إلى هذه الأرقام دون الاعتماد على «آلة حزبية»، وفي ظل الدعوات المتكررة من الأحزاب السياسية لمقاطعتها: «يمثل في حد ذاته نجاحاً لهذه العملية التي تهدف بالأساس إلى الكشف عن التوجهات المستقبلية الكبرى التي ستؤثر على حياة التونسيين».
ضغوط أميركية لإعادة تونس إلى «الحكم الديمقراطي»
ضغوط أميركية لإعادة تونس إلى «الحكم الديمقراطي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة