اضطرابات القلب... تهديد غامض يلاحق مرضى «كوفيد - 19» لفترة طويلة

ممرضون ينقلون مريضاً بـ«كوفيد-19» إلى مستشفى في هونغ كونغ (أ.ب)
ممرضون ينقلون مريضاً بـ«كوفيد-19» إلى مستشفى في هونغ كونغ (أ.ب)
TT

اضطرابات القلب... تهديد غامض يلاحق مرضى «كوفيد - 19» لفترة طويلة

ممرضون ينقلون مريضاً بـ«كوفيد-19» إلى مستشفى في هونغ كونغ (أ.ب)
ممرضون ينقلون مريضاً بـ«كوفيد-19» إلى مستشفى في هونغ كونغ (أ.ب)

يبدي أطباء قلقاً إزاء مضاعفات محتملة قد تطال بعض الأشخاص على صعيد صحة القلب والأوعية الدموية، بعد أشهر على إصابتهم بـ«كوفيد - 19»، رغم أنه من المبكر جداً الجزم بوجود علاقة سببية في هذا الإطار.
وقبل أيام، أكدت أكاديمية الطب الفرنسية المخولة الإعلان عن الآراء العلمية التي يجمع عليها الجسم الطبي في فرنسا، أن «المراقبة السريرية للقلب والأوعية الدموية ضرورية لدى جميع المصابين بـ(كوفيد - 19). حتى لو كانت الإصابة خفيفة».
وأشارت الأكاديمية إلى وجود «صلات خطرة» بين «كوفيد» وأمراض القلب والأوعية الدموية، بناءً على دراسات حديثة عدة، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».
ومن المعلوم سابقاً أن مرضى القلب والأوعية الدموية يواجهون مخاطر أكبر للإصابة بالأشكال الخطرة من «كوفيد - 19».
لكن ماذا عن التأثيرات على صحة القلب والأوعية الدموية لدى الناس عموماً؟ وإذا ثبت حصولها، هل يمكن أن تطرأ بعد فترة طويلة من الإصابة؟ أسئلة تزيد الضبابية المرتبطة بما يُعرف بـ«كوفيد طويل الأمد»، وهي مجموعة أعراض دائمة هناك قصور في فهمها وتحديدها.
وأشارت الأكاديمية إلى أنه «تم الإبلاغ حتى الآن عن تبعات (دائمة) على صحة القلب والأوعية الدموية فقط لدى مرضى دخلوا المستشفى، ضمن سلسلة صغيرة، ومع فترة متابعة قصيرة».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1499418070439264261
لكن دراسة كبيرة أجريت في الولايات المتحدة ونشرتها مجلة «نيتشر» الشهر الماضي غيّرت المعادلة، بحسب الأكاديمية التي قالت إن نتائجها «تنبئ بزيادة كبيرة في أمراض القلب والأوعية الدموية في جميع أنحاء العالم» بعد جائحة «كوفيد - 19».
وأجريت هذه الدراسة على أكثر من 150 ألفاً من قدامى المحاربين في الجيش الأميركي أصيبوا جميعاً بـ«كوفيد - 19»، وهي تقيس وتيرة اضطرابات القلب والأوعية الدموية في السنة التي تلي الإصابة، وتقارنها بمجموعات تضم قدامى محاربين لم يصابوا بالعدوى.
وبينت نتائج الدراسة أنه «بعد 30 يوماً من الإصابة، يكون الأفراد المصابون بـ(كوفيد – 19) أكثر عرضة للإصابة باضطرابات القلب والأوعية الدموية»، بينها خصوصاً حالات احتشاء أو التهاب في القلب أو سكتات دماغية.
وتشير الدراسة إلى أن هذا الخطر «موجود حتى لدى الأفراد الذين لم يدخلوا المستشفى» بسبب «كوفيد - 19»، رغم أن درجة هذا الخطر أدنى بكثير لدى هؤلاء المرضى.
وأشاد باحثون كثر بهذا البحث، لا سيما أنه أُجري على عدد كبير جداً من المرضى وعلى فترة طويلة. مع ذلك، أبدى خبراء تشكيكاً أكبر في صحة النتائج.
وقال الإحصائي البريطاني جيمس دويدج لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه «من الصعب للغاية استخلاص استنتاجات مهمة» من هذه الدراسة، متحدثاً عن وجود كثير من التحيزات المنهجية في البحث.
ومن بين مواضع التحيز الواضحة بحسب دويدج أن قدامى المحاربين الأميركيين، رغم عددهم الكبير، هم فئة متجانسة للغاية، لأنها تتكون إلى حد كبير من رجال كبار السن. لذلك فهي ليست بالضرورة تمثيلية، حتى لو سعى معدو الدراسة إلى تصحيح هذه التحيزات الإحصائية.
ويظل هذا التصحيح غير كافٍ بنظر دويدج، الذي يشير إلى مشكلة أخرى: الدراسة لا تميز بوضوح إلى أي مدى تحدث الاضطرابات بعد فترة طويلة من الإصابة.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1498229487498002433
من هنا، ثمة اختلاف في النتيجة، إذا ما تعرض المريض للاضطرابات القلبية الوعائية بعد فترة قصيرة من الإصابة بـ«كوفيد - 19» لا تتعدى شهراً ونيّفًا، أو بعد عام تقريباً. وبجسب جيمس دويدج، لا تسمح الدراسة بالتمييز بشكل كاف بين «المضاعفات طويلة المدى من تلك المرتبطة بالمرحلة الحادة من المرض».
مع ذلك، فإن هذا العمل «يستحق التنويه لمجرد أنه موجود»، وفق ما قال طبيب القلب الفرنسي فلوريان زوريس. ولاحظ زوريس أيضاً عيوباً كثيرة في الدراسة، لكنه يعتبر أنها تجعل من الممكن دعم الفرضيات التي يعتبرها أطباء قلب كثر محتملة فيما يتعلق بالفيروس الذي، مثل الفيروسات الأخرى، يمكن أن يسبب التهاباً دائماً.
مع ذلك، «نعلم منذ فترة طويلة أن الالتهاب عامل خطر على القلب والأوعية الدموية»، وفق زوريس الذي يضيف: «في الواقع، نسجل الأمر نفسه بالضبط مع الإنفلونزا».
ويذكّر بأنه في عشرينات القرن الماضي، سجّلت أمراض القلب والأوعية الدموية ازدياداً كبيراً في أعقاب جائحة الإنفلونزا الإسبانية.
هل هناك خصوصية تجعل فيروس «كورونا» أكثر خطورة في هذا الصدد؟ الدراسات الحالية لا تجعل من الممكن قول هذا، ويبدي فلوريان زوريس شكوكاً في وجود «فرق كبير» مع الإنفلونزا.
لكن السؤال لا يغير بالضرورة كثيراً على صعيد الصحة العامة. فمن لحظة ظهور هذا الخطر، يرى طبيب القلب أنه من الخطر على أي حال السماح لفيروس «كورونا» بالانتشار بحرية، نظراً لقدرته القوية على التفشي.


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.