التوتر يخيم على طرابلس وسط احتدام الأزمة بين حكومتين «متنافستين»

عناصر مسلحة تابعة لحكومة الدبيبة في مدينة مصراتة (أ.ف.ب)
عناصر مسلحة تابعة لحكومة الدبيبة في مدينة مصراتة (أ.ف.ب)
TT

التوتر يخيم على طرابلس وسط احتدام الأزمة بين حكومتين «متنافستين»

عناصر مسلحة تابعة لحكومة الدبيبة في مدينة مصراتة (أ.ف.ب)
عناصر مسلحة تابعة لحكومة الدبيبة في مدينة مصراتة (أ.ف.ب)

بعد أن عادت الحياة إلى طبيعتها في ساحة الجزائر بالعاصمة الليبية طرابلس نتيجة وقف إطلاق النار المستمر منذ فترة طويلة وتشجير الميدان مرة أخرى واستقبال مقهى الأورورا الزبائن طوال الليل، باتت الأزمة الليبية الجديدة التي تتعلق بحكومتين متنافستين تهدد بقلب هذا السلام‭‭‭ ‬‬‬والأمان رأساً على عقب.
وتلعب ساحة الجزائر دوراً كبيراً في الحياة المدنية للعاصمة الليبية وتضم مجلس المدينة ومكتباً للبريد ومسجداً كان كاتدرائية إيطالية خلال الحقبة الاستعمارية. لكن الساحة قريبة أيضاً من خطوط مواجهة محتملة في معركة يخشى كثير من الليبيين أن تندلع قريباً.
وتفاقمت المواجهة خلال الأيام القليلة الماضية عندما أدت حكومة جديدة في الشرق اليمين الدستورية أمام البرلمان في حين رفضت الحكومة الحالية في طرابلس التخلي عن السلطة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.
وتمثل زيادة عدد المركبات الأمنية التي تشق طريقها في شوارع العاصمة دلالة على أزمة قد تفجر شرارة القتال ما لم يتم التوصل إلى اتفاق.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1499989333683720193
وقال جمال أعبيد، الموظف بالحكومة في أحد الشوارع القريبة من ساحة الجزائر «ليبيا يتم تدميرها يومياً ولا نرى انتخابات أو ديمقراطية أو عملية سياسية سليمة قادرة على إنهاء هذه الكارثة التي أصبحت بمثابة الكابوس».
ولم يتم إجراء الانتخابات التي كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) وسط خلافات بين الفصائل حول قواعدها. وعيّن البرلمان في طبرق بشرق ليبيا حكومة جديدة رغم رفض الحكومة الحالية في طرابلس التنازل عن السلطة.
وندد رئيس الوزراء الحالي عبد الحميد الدبيبة الذي تم تنصيبه قبل عام في عملية ساندتها الأمم المتحدة بقيام البرلمان بتعيين فتحي باشاغا ليحل محله، وقال إنه لن يستقيل إلا بعد الانتخابات.
ومع ذلك يبدو أن كلا الرجلين يعتقد أن بإمكانه الاعتماد على الدعم بين الفصائل المسلحة الكثيرة والتي يتمتع مسلحوها بسيطرة حقيقية على شوارع طرابلس. وقد يؤدي تحرك متوقع من باشاغا لدخول العاصمة إلى انطلاق شرارة القتال.
ويخشى سكان طرابلس من استئناف القتال الذي توقف في صيف 2020 بعد هجوم فاشل لقوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على مدى 14 شهراً تعرضت خلاله شوارع المدينة لوابل من القذائف.
وظاهرياً تستمر الحياة في العاصمة كالمعتاد حيث يذهب الطلاب إلى مدارسهم وتفتح المتاجر أبوابها ويجلس الناس إلى طاولات خارج المقاهي في ساحة الجزائر وأماكن أخرى.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1500141586780356611
ولا تزال طلقات النار التي تتخلل أحياناً الزحام اليومي لحركة المرور تتعلق فحسب بحفلات الزفاف أو برجال مسلحين يستعرضون أمام الأصدقاء.
لكن الفصائل المسلحة باتت ظاهرة للعيان أكثر من ذي قبل وتقوم بدوريات في قوافل أكبر وتنصب المزيد من نقاط التفتيش وعند المباني الحكومية المحيطة.
وخلال 11 عاماً من الفوضى التي عمت ليبيا في أعقاب انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي، كانت معظم الفصائل المسلحة مدرجة في كشوف رواتب الدولة ومُنحت ألقاباً شبه رسمية وكانت قواتها ترتدي الزي الرسمي مع شارات الوزارة.
ويقول باشاغا وهو وزير داخلية سابق إنه يتخذ ترتيبات لتولي المنصب في طرابلس على نحو سلمي مما يعني ضمنياً أنه يستطيع الحصول على دعم ما يكفي من الفصائل المسلحة لحمل الدبيبة على الاستقالة دون مقاومة.
ولكن خلال الأيام الماضية أدلت عدة فصائل مسلحة قوية ببيان على شاشات التلفزيون نددت فيه بتنصيب البرلمان باشاغا.
وقال محمد عبد المولى (38 عاماً) الموظف بشركة طبية «بعد الفشل في إجراء انتخابات... لم يرغب أي من الطرفين في تقاسم السلطة مع الآخر وهذا هو سبب دمار ليبيا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».