مركز حقوقي إسرائيلي يتوجه للمحكمة ضد اعتقال الأطفال الفلسطينيين

مستوطنون يطلقون الرصاص وسط الخليل وجيش الاحتلال يعتدي على مسيرات سلمية

فلسطيني يرتدي قميصاً عليه صورة الزعيم الراحل ياسر عرفات خلال مواجهات مع قوات إسرائيلية في قرية كفر قدوم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
فلسطيني يرتدي قميصاً عليه صورة الزعيم الراحل ياسر عرفات خلال مواجهات مع قوات إسرائيلية في قرية كفر قدوم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

مركز حقوقي إسرائيلي يتوجه للمحكمة ضد اعتقال الأطفال الفلسطينيين

فلسطيني يرتدي قميصاً عليه صورة الزعيم الراحل ياسر عرفات خلال مواجهات مع قوات إسرائيلية في قرية كفر قدوم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
فلسطيني يرتدي قميصاً عليه صورة الزعيم الراحل ياسر عرفات خلال مواجهات مع قوات إسرائيلية في قرية كفر قدوم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

مع تفاقم عمليات القمع ضد الفتية والأطفال الفلسطينيين، آخرها إصابة ثلاثة أطفال برصاص المستوطنين وسط مدينة الخليل، أمس الجمعة، قدم «مركز الدفاع عن الفرد في إسرائيل» (هموكيد) التماساً إلى المحكمة العليا في القدس ضد الاستخدام الجارف الذي يمارسه جيش الاحتلال للاعتقالات الليلية للقاصرين الفلسطينيين، وطالب بتنظيم الإجراء ليتم استدعاء القاصرين للاستجواب بواسطة أهاليهم.
وقد جاء هذا الالتماس، بعد أن ثبت وفقاً للمعطيات المحدثة بأن جيش الاحتلال اعتقل في السنة الماضية حوالي 1000 طفل فلسطيني، ما يدل على سياسة منهجية ركزت فيها سلطات الاحتلال بشكل واضح خلال عام 2021 على استهداف الأطفال الفلسطينيين بالاعتقال، وتبين أن 73 طفلاً من المعتقلين لم تتجاوز أعمارهم الرابعة عشرة.
وكان «هموكيد» قدم التماساً إلى المحكمة العليا سنة 2020 ضد الممارسة الشائعة لجيش الاحتلال، والمتمثلة في اعتقال مئات القاصرين الفلسطينيين في الضفة الغربية من منازلهم في ساعات الليل المتأخرة، وجلبهم للتحقيق وهم مقيدون بالأصفاد ومعصوبو الأعين، ما يؤدي إلى صدمة لهم ولأبناء عائلاتهم، بمن فيهم إخوتهم الصغار. ويقول المركز، إن الاعتقالات الليلية هي الإجراء الأكثر استخداماً من قبل جيش الاحتلال، ويستخدمها بوصفها الوسيلة الأولى لجلب القاصرين للتحقيق، في تعارضٍ مع القانون الدولي المتعلق بمصلحة الطفل. كما تتعارض الممارسة مع الوعود بالقيام باستدعاء مسبق للقاصرين للتحقيق معهم، بدلاً من استخدام وسيلة الاعتقال، كوسيلة فُضلى. وكان الجيش أصدر عقب الالتماس، أوائل أغسطس (آب) 2021 إعلاناً بشأن إجراء إداري جديد، تعهد فيه باستدعاء القاصرين الفلسطينيين للاستجواب، كبديل عن الاعتقالات الليلية المفاجئة من دون إشعارٍ مسبق. ومع ذلك، تظهر البيانات التي حصل عليها مركز «هموكيد» من النيابة العامة الإسرائيلية، أنه في فبراير (شباط) 2022، في إطار الإجراء القضائي، أن عدداً قليلاً جداً من الأطفال تم التعامل معهم وفقاً للإجراء الجديد. وحسب هذه المعطيات، فقد تم في الفترة الواقعة بين سبتمبر (أيلول) حتى ديسمبر (كانون الأول) 2021، اعتقال 34 قاصراً في الضفة الغربية، تم استدعاء 6 منهم فقط للتحقيق بناء على الإجراء. أما الباقي، المتمثل في 28 قاصراً، فقد تمت المبادرة إلى اعتقالهم في ساعات الليل، بموجب الإجراء الإداري.
وقالت المديرة العامة لمركز «هموكيد» جسيكا مونتيل، «يختار الجيش الاستمرار في استخدام وسيلة الاعتقالات الليلية للقاصرين بوصفها الوسيلة الرئيسية، بل والحصرية تقريباً، لجلب القاصرين للتحقيق. تشكل هذه السياسة خرقاً فاضحاً للقانون الدولي ولمبدأ مصلحة الطفل. هذه الممارسة تخلق صدمة بعيدة المدى لمئات الفتيان، ولأبناء عائلاتهم أيضاً. نتوقع من المحكمة العليا وضع حد للأمر، كما ندعوها إلى توجيه الجيش باستنفاد أي بديل آخر قبل قيامه باقتحام المنازل في ساعات الليل، وجر المراهقين من أسرتهم». وشهدت الضفة الغربية والقدس الشرقية، أمس، وكما في كل يوم جمعة، سلسلة مسيرات فلسطينية سلمية تصدت لها قوات الاحتلال وقمعتها بالشراكة مع المستوطنين المتطرفين.
وفي وسط مدينة الخليل، أصيب 4 مواطنين بينهم ثلاثة أطفال، أمس، عقب إطلاق مستوطن الرصاص الحي صوبهم، في أثناء وجودهم في شارع الشهداء، القريب من مستوطنة «بيت رومانو». والمصابون هم: الطفل محمد إياد الجعبري (13 عاماً) الذي أصيب في منطقة البطن، ووصفت إصابته بالخطيرة، والطفل معتز عيسى حسونة (14 عاماً) في الفخذ، ومحمد جنيدي (15 عاماً) في اليد، ومجدي أمجد أبو شمسية (21 عاما)ً في الفخذ، ونقلوا جميعهم إلى المستشفى.
وفي حي الشيخ جراح في القدس، اعتقلت قوات الاحتلال، الشاب إسلام غتيت ومتضامنين إسرائيليين، خلال قمعها مظاهرة جابت شوارع الحي، رفع خلالها المشاركون العلم الفلسطيني، مرددين الشعارات المطالبة بوقف مشروع التهويد ومخططات التهجير القسري لسكانه من منازلهم، ووقف سياسة هدم المنازل والمنشآت، ورفع الحواجز العسكرية التي تحاصر الحي، وسحب الجنود من داخله ومحيطه.
وقالت النائب في الكنيست عن «القائمة المشتركة» عايدة توما سليمان، «خرجنا اليوم فلسطينيين ومتضامنين لتأكيد حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم، ووقف التهجير القسري في حي الشيخ جراح خصوصاً، والقدس المحتلة وفلسطين عامة». واقتحمت قوات الاحتلال قرية بيت دقو شمال غربي القدس المحتلة، وأفاد شهود عيان بأن جنود الاحتلال أطلقوا قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع صوب المواطنين، لتندلع على أثرها مواجهات. وأصيب شابان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بالاختناق، خلال قمع جيش الاحتلال مسيرة كفر قدوم الأسبوعية المناهضة للاستيطان، التي انطلقت هذا الأسبوع نصرة للأسرى وأهالي الشيخ جراح. وأفاد الناطق الإعلامي في إقليم قلقيلية مراد شتيوي، بأن جنود الاحتلال اقتحموا البلدة قبل انطلاق المسيرة، وأطلقوا الرصاص الحي والمعدني، وقنابل الصوت، ما أدى إلى إصابة شابين بالرصاص المعدني والعشرات بالاختناق، عولجوا ميدانياً.
وأصيب 26 مواطناً بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بحالات اختناق، أمس، خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في بيتا جنوب نابلس، وبيت دجن شرقاً.
وأفاد مدير الإسعاف والطوارئ بالهلال الأحمر في نابلس أحمد جبريل، بأن 20 مواطناً أصيبوا بالرصاص المعدني خلال المواجهات في بيت دجن، تم نقل ثلاثة منهم إلى أحد المراكز الطبية. وقال إن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص المعدني صوب مركبة إسعاف تابعة لجمعية الهلال الأحمر، ما أدى إلى إصابة ضابطي إسعاف في الكتف واليد، إضافة لتحطم الزجاج الخلفي للمركبة. وبيّن أن المواجهات التي اندلعت في جبل صبيح ببلدة بيتا، أسفرت عن إصابة 6 مواطنين بالرصاص المعدني، أحدهم ستيني وقد أصيب في قدمه، إضافة لإصابة 36 آخرين بالاختناق بالغاز المسيل للدموع.



تطورات المنطقة وأوضاع الداخل تعزز خلافات الأجنحة الحوثية

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

تطورات المنطقة وأوضاع الداخل تعزز خلافات الأجنحة الحوثية

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

تسببت مخاوف الجماعة الحوثية من ملاقاة مصير «حزب الله» اللبناني أو نظام بشار الأسد في سوريا، في تصاعد حدة الخلافات والتنافس داخلها، وبروز انقسامات جديدة حول مستقبلها، في ظل تقليص النفوذ الإيراني، وبروز رغبة غربية في إخراج طهران من المنطقة.

وتسببت تطورات الأحداث التي تشهدها المنطقة، مع ممارسات الجماعة داخلياً، وتنافس أجنحتها على النفوذ والثروات، إلى جانب تصعيدها في البحر الأحمر وهجماتها على إسرائيل، والردود العسكرية الأميركية البريطانية والإسرائيلية؛ في إثارة مخاوفها من احتمالية نشوء توجه دولي يتوافق مع رغبة محلية وإقليمية لإنهاء انقلابها في اليمن.

وذكرت مصادر محلية مطلعة في العاصمة المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن انقسامات كبيرة ظهرت في أوساط الجماعة الحوثية خلال الأشهر الماضية، مع صعود مطالب بإحداث تغييرات فعلية في هيكلها القيادي، والاستجابة لدعوات وجهود السلام، والتصالح مع مختلف الأطراف داخلياً وخارجياً، لتجنيبها مصير «حزب الله» اللبناني، أو نظام بشار الأسد في سوريا.

منذ أكثر من عام بدأت الجماعة الحوثية هجماتها في البحر الأحمر وتصعيدها ضد إسرائيل (أ.ف.ب)

وبيَّنت المصادر أن ما زاد الانقسام في أوساط الجماعة لجوء قادتها إلى التوقف عن استخدام أجهزة الاتصالات والأجهزة الإلكترونية، بسبب مخاوفهم من أن تُستخدم في التجسس عليهم أو اغتيالهم، كما جرى لآلاف من عناصر «حزب الله» اللبناني في سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى جانب نزوح غالبيتهم من منازلهم إلى منازل مستأجرة، واتباع وسائل تخفٍّ متعددة.

وبالإضافة إلى ذلك، توقفت غالبية القيادات الحوثية عن حضور الاجتماعات واللقاءات الاعتيادية، ولجأت إلى وسائل معقدة للتواصل فيما بينها.

وتسببت هذه الإجراءات الاحترازية في انقطاع التواصل بين مختلف القيادات، وعدم معرفة غالبيتها بما يجري التخطيط له للتعاطي مع مختلف التطورات الداخلية والخارجية، واتخاذ قرارات وتنفيذ إجراءات دون تنسيق.

جداريات في صنعاء للقيادي الحوثي مهدي المشاط وحسن نصر الله وقاسم سليماني (إ.ب.أ)

وحسب المصادر، فإن الانقسامات الأخيرة التي تشهدها الجماعة، مردُّها إلى خلافات كبيرة بشأن التعاطي مع التطورات الأخيرة في المنطقة؛ حيث ترى بعض القيادات ضرورة تقديم تنازلات للأطراف المحلية والإقليمية والدولية، لتجنب مصير «حزب الله» ونظام بشار الأسد، بينما فريق آخر يصر على استمرار التصعيد، وعدم الرضوخ لأي ضغوط عسكرية كانت أو سياسية.

مخاوف وإصرار

وضعت الشخصيات التي تطالب بتقديم التنازلات كثيراً من المعطيات الميدانية والسياسية التي تعدُّها مؤشرات إلى احتمالية خسارة المواجهات التي تخوضها الجماعة، ومن ذلك الخسائر الكبيرة في العتاد والمعدات التقنية الحديثة والنوعية، مثل مواقع الصواريخ والطائرات المُسيَّرة والرادارات، نتيجة الضربات الأميركية البريطانية، وفق توضيح المصادر.

وإضافة إلى ذلك، فإن الضربات الإسرائيلية تسببت في خسائر اقتصادية كبيرة؛ خصوصاً في قطاع الطاقة الذي استهدفه الطيران الإسرائيلي، خلال هجماته الثلاث على المنشآت التي تسيطر عليها الجماعة.

الأوضاع الإنسانية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية تزداد سوءاً بسبب تصعيدها العسكري خارج البلاد (إ.ب.أ)

وترى هذه الشخصيات أن المواجهة مع الغرب وإسرائيل لم يعد لها داعٍ، وأنها تأتي بالضرر أكثر مما تحقق من مكاسب؛ خصوصاً بعد اضطرار «حزب الله» إلى الدخول في اتفاقية تهدئة مع إسرائيل، وسقوط نظام الأسد في سوريا، ما يجعل الجماعة شبه وحيدة في المعركة، ويسهل هزيمتها مع تراجع الغطاء الإيراني.

وحذَّر هذا الجناح من أن الضربات الغربية والإسرائيلية، إلى جانب العقوبات الاقتصادية المفروضة على عدد من الشخصيات، تسببت خلال الأشهر الأخيرة في أزمات معيشية بدأت معالمها أخيراً بحدوث نقص في الوقود والسلع الغذائية، ولم يجرِ التركيز عليها إعلامياً؛ لأنها لم تشكِّل فرقاً كبيراً عن الوضع السائد قبلها.

وفي مقابل هذا الرأي، يصرُّ جناح آخر على استمرار المواجهة مع الغرب وإسرائيل، باعتبار ذلك أحد أسباب قوة الجماعة وحصولها على التأييد الشعبي محلياً وإقليمياً، وحتى على مستوى العالم، لكون هذه المواجهة تأتي رداً على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

قادة حوثيون في محافظة الحديدة يتحدثون عن تأثير الضربات الإسرائيلية الأخيرة على المنشآت (إعلام حوثي)

ويذهب هذا الجناح -الذي وصفته المصادر بالعقائدي- إلى أن الضربات الجوية لن تضرَّ الجماعة ما دامت تُحكم سيطرتها ونفوذها على الأرض، وأن الخسائر في العتاد والمنشآت لا تكفي لهزيمتها، وهي خسائر يمكن تعويضها من خلال الموارد المحلية والدعم الخارجي.

كما يتوقع هذا الجناح أن الضربات الغربية والإسرائيلية ستخفف الأعباء، في مواجهة المطالب الشعبية بتحسين الأوضاع المعيشية، وصرف رواتب الموظفين العموميين وتوفير الخدمات، وسيسهل استغلالها في مواجهة الحكومة الشرعية التي دأبت الجماعة على وصفها بالعميلة للغرب وإسرائيل.

العودة إلى العقائديين

وفي منظور الجناح العقائدي؛ فإن الحكومة الشرعية ليست مستعدة في الوقت الحالي للعودة إلى المواجهات العسكرية، ولن تحصل على ضوء أخضر للعودة إلى المعارك ما دام المجتمع الدولي يأمل في إمكانية نجاح جهود السلام، إلى جانب أن الغرب يخشى من حدوث فوضى تتسبب في مزيد من المخاطر على طرق الملاحة الدولية.

القيادي الحوثي قاسم الحمران في زيارة معرض قتلى الجماعة الحوثية في صنعاء (إعلام حوثي)

ووصلت الصراعات بين أجنحة الجماعة الحوثية إلى المطالبة بالإطاحة بالقيادي مهدي المشاط، رئيس ما يُعرف بـ«المجلس السياسي الأعلى» (مجلس الحكم الانقلابي) حسب مصادر صحافية يمنية، وتعيين القيادي المقرب من زعيم الجماعة قاسم الحمران بدلاً عنه.

وتشير المعلومات التي جرى الكشف عنها إلى أن قيادة الجماعة تسعى إلى إعادة تماسك هيئاتها القيادية، بما فيها «المجلس السياسي» الذي أدى صراع الأجنحة إلى إضعافه، بتولي شخصيات فضَّلت مصالحها الشخصية ومساعيها للإثراء على مصالح الجماعة، وتسببت في غضب شعبي عليها.

وكانت الجماعة الحوثية قد شكَّلت في أغسطس (آب) الماضي حكومة جديدة، غير معترف بها، أطلقت عليها اسم «حكومة التغيير والبناء»، وكشفت «الشرق الأوسط» حينها عن تعيين قيادات عقائدية لتسيير أعمال هذه الحكومة، من خلال مناصب ثانوية فيها، في حين يمارس رئيسها وغالبية أعضائها مهام شكلية.