قرار محكمة إسرائيلية ينذر بأزمة مع موسكو

البت بإلغاء تسجيل كنيسة باسم روسيا ينتقل للحكومة

كنيسة القديس ألكسندر نيفسكي في القدس القديمة (ويكيبيديا)
كنيسة القديس ألكسندر نيفسكي في القدس القديمة (ويكيبيديا)
TT

قرار محكمة إسرائيلية ينذر بأزمة مع موسكو

كنيسة القديس ألكسندر نيفسكي في القدس القديمة (ويكيبيديا)
كنيسة القديس ألكسندر نيفسكي في القدس القديمة (ويكيبيديا)

في أعقاب قرار محكمة إسرائيلية إلغاء تسجيل الأرض المقامة عليها «كنيسة ألكسندر نيباسكي»، في القدس، باسم الحكومة الروسية، ومصادرتها لصالح الدولة العبرية، حذرت أوساط دبلوماسية من أزمة مع موسكو.
وقالت تلك الأوساط، إنه في الوضع الذي تخوض فيه روسيا حربا تعتبرها مصيرية في أوكرانيا، يحظر إغضاب الرئيس فلاديمير بوتين. ودعت هذه الأوساط، رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بنيت، إلى استغلال صلاحياته ونقل ملكية الكنيسة رسميا إلى الحكومة الروسية.
ويجري الحديث عن نزاع على أرض مقام عليها كنيسة ألكسندر، بجوار كنيسة القيامة في البلدة القديمة في القدس. وهي كنيسة مهمة جدا لروسيا، وتعتبر أهم معبد للكنيسة الروسية الأرثوذكسية في العالم. وقد بنيت نهاية القرن التاسع عشر، وسجلت سوية مع الأرض في سجل الأراضي العثماني باسم «المملكة الروسية». وأدارتها مجموعة من المهاجرين الروس إلى فلسطين، أقاموا شركة أرثوذكسية أداروا من خلالها عشرات المواقع الروسية في الأراضي المقدسة. ومنذ أن اندلعت الثورة في روسيا، طالبت الحكومة الروسية بملكية هذه الأراضي. لكن حكومة الانتداب البريطاني وبعدها حكومة إسرائيل، رفضتا الطلب. وبقيت الأرض باسم تلك الشركة التي اعتبرتها موسكو «جسما متمردا».
وكانت المرة الأخيرة التي طلبت فيها الحكومة الروسية تسجيلها كمالكة حقوق، في العام 2017. وقد وعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، آنذاك، بالتجاوب مع الطلب. لكنه لم يسارع لتنفيذ وعده.
وفي نهاية سنة 2019، حصل تطور في الموضوع عندما تم ضبط المواطنة الإسرائيلية نعومي يسسخار، في مطار موسكو وهي تحمل مخدرات فتم اعتقالها. ودخل نتنياهو في مفاوضات مع الروس لإطلاق سراحها من دون محاكمة. وانتهت المفاوضات بإطلاق سراحها في يناير (كانون الثاني) عام 2020، مقابل عدد من الشروط التي لم تعرف بالتفصيل.
ويتبين اليوم أن أحد تلك الشروط، هو التجاوب مع طلب الحكومة الروسية بتسجيل ميدان إسكندر ومعه الكنيسة باسم الحكومة الروسية. وعندما علمت الشركة المالكة بالأمر سارعت إلى طلب تثبيت ملكيتها ودخل الموضوع إلى سلك القضاء. وقام نتنياهو بإصدار أمر يقضي باعتبار المكان مقدسا، ما يعني بأنه تحت إدارة الحكومة الإسرائيلية.
وبعد ذلك، وافقت مراقبة تسجيل الأراضي الإسرائيلية على طلب الحكومة الروسية، وسجلت الحكومة الروسية مالكة للأرض والكنيسة. ورفض المسؤول عن سجل الأراضي الإسرائيلي استئناف الشركة المذكورة، وقرر أن الحكومة الروسية هي استمرار لـ«المملكة الروسية»، وأنه في إطار تجديد تسجيل الأرض، ستسجل باسم روسيا، وعدم استخدام اسم «المملكة الروسية» التي لم تعد موجودة.
ثم رفعت الشركة المالكة دعوى ضد الحكومة الإسرائيلية، مؤكدة أن تسجيلها كمكان مقدس يهدف إلى نزع يد الشركة، تمهيدا لنقل ملكية الأرض والكنيسة إلى الحكومة الروسية. وقبلت المحكمة الدعوى، أمس. ولكن قاضي المحكمة المركزية في القدس، مردخاي كدوري، الذي بت في الموضوع، أكد في قراره أن هناك حساسية دبلوماسية بالغة في الموضوع، وفتح ثغرة للحكومة لأن تحسم الأمر بقرار رسمي. بقوله: «طالما أن الأرض مكان مقدس، فإن الجهة المخولة بتحديد مالكي هذا الموقع المقدس ليست إدارية ولا قضائية، وإنما الحكومة الإسرائيلية التي ستأخذ بالحسبان اعتبارات دينية وسياسية مختلفة».
ويعني ذلك من الناحية العملية، نقل القضية إلى رئيس الحكومة، نفتالي بنيت، ليبت فيها في أوج الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فيما الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، تدعم أوكرانيا وتفرض عقوبات اقتصادية شديدة على روسيا. وبحسب خبراء وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإنه لا يوجد مفر من قرار حاسم لصالح الحكومة الروسية. وسيضطر بنيت إلى دعوة اللجنة الوزارية التي كان قد شكلها، منتصف العام الماضي، لاتخاذ قرار، علما بأن هذه اللجنة لم تجتمع أبدا منذ تشكيلها.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.