خلافات داخل أعرق أحزاب مصر بعد اجتماع طارئ لسحب الثقة من رئيسه

المتحدث باسم «الوفد» يصفها بـ«المراهقة السياسية».. وأعضاء يهددون بالتصعيد

جانب من مقر حزب الوفد وفي الإطار السيد البدوي زعيم الحزب («الشرق الأوسط»)
جانب من مقر حزب الوفد وفي الإطار السيد البدوي زعيم الحزب («الشرق الأوسط»)
TT

خلافات داخل أعرق أحزاب مصر بعد اجتماع طارئ لسحب الثقة من رئيسه

جانب من مقر حزب الوفد وفي الإطار السيد البدوي زعيم الحزب («الشرق الأوسط»)
جانب من مقر حزب الوفد وفي الإطار السيد البدوي زعيم الحزب («الشرق الأوسط»)

وقعت خلافات داخل أعرق حزب سياسي في مصر، بعد اجتماع طارئ لعدد من قياداته لسحب الثقة من رئيسه لقيامه بـ«ممارسة سياسة الإقصاء»، على حد قولهم. وأثار لقاء جمع 8 أعضاء في الهيئة العليا لحزب الوفد بمحافظة الشرقية الجدل داخل أكبر حزب ليبرالي في البلاد. وقلل المتحدث باسم حزب الوفد، ياسر حسان من اللقاء، بقوله لـ«الشرق الأوسط»: «مجرد مراهقة سياسية.. وقررنا بالإجماع الليلة قبل الماضية تجديد الثقة في السيد البدوي رئيس الحزب، وتحويل المجتمعين للجنة تحقيق خماسية وتجميد عضويهم»، بينما وصف عصام شيحة عضو الهيئة العليا للوفد، أحد من حضروا اللقاء، هذه الإجراءات بـ«الباطلة»، متوعدا بـ«التصعيد خلال الأيام المقبلة».
وكانت هيئة الوفد، وهو أعرق الأحزاب المصرية على الساحة السياسية حاليا، قد قررت في اجتماعها الأسبوعي مساء أول من أمس، الذي انتهى في ساعة متأخرة وصدر عنه بيان في الساعات الأولى من صباح أمس، تجميد عضوية الأعضاء الذين طالبوا بالإطاحة بالبدوي، وعلى رأسهم شيحة وفؤاد بدراوي، وجددت ثقتها في البدوي.
ولم يستبعد المراقبون أن «يكون سبب الخلافات في الوفد هو انتخابات مجلس النواب، خصوصا بعدما أعلن الوفد الذي كان ضمن قائمة «في حب مصر» في المرحلة الأولى قبل حكم القضاء الإداري نهاية فبراير (شباط) الماضي، بوقف دعوة الناخبين إلى الاقتراع، انسحابه من القائمة وتدشين تحالف ليبرالي كبير استعدادا لآخر استحقاقات خارطة طريق المستقبل التي وضعها الجيش عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي صيف العام قبل الماضي، مستندين إلى «وجود خلافات بالفعل بين بعض القيادات في الحزب ورئيسه بسبب المقاعد العشرة التي حصل عليها الوفد في قائمة (في حب مصر)، وهو الأمر الذي دعاهم وقتها إلى خوض الانتخابات مستقلين أو الانضمام لقوائم أخرى».
لكن المتحدث باسم الوفد نفي وجود أي ارتباط بين ما حدث أول من أمس، وانتخابات مجلس النواب، مؤكدا أن «ما حدث بسبب خوف هذه المجموعة الثمانية من خوض انتخابات الهيئة العليا للحزب التي دائما ما تكون نزيهة وقوية، فضلا عن قيام الحزب بفصل أحد الأعضاء ممن حضروا لقاء الشرقية بسبب قضية تمويل أجنبي». وتأتي خلافات الوفد في وقت تستعد الأحزاب والقوى السياسية لعقد تحالفات استعداد لانتخابات البرلمان، المقرر إجراؤها عقب شهر رمضان حسب وعد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
من جانبه، قال شيحة، إن إجراءات انعقاد الهيئة العليا، مساء أول من أمس الجمعة، باطلة، لأنه لم يتم الاتصال بهم لحضور الاجتماع، مؤكدا عدم اكتمال النصاب القانوني للهيئة العليا.. وهذا الأمر يجعل كل قراراتها باطلة، مضيفا أن «البدوي ما زال يصر على سياسة الإقصاء، وعدم احترام لائحة الحزب، الأمر الذي سيجعل أعضاء الحزب المعترضون عليه يتخذوا خطوات تصعيديه خلال الساعات المقبلة».
وأكد شيحة، وهو المستشار القانوني للوفد، أنه «يجب على البدوي أن يرحل.. طالبناه أكثر من مرة بتعديل مساره دون جدوى.. ولن نقبل بعد اليوم أن يتلاعب أحد بالوفد»، لافتا إلى أن «عددا من الوفديين قد نظموا مؤتمرا شعبيا لأعضاء الوفد في محافظة الشرقية بحضور حشد كبير من الهيئة العليا وأعضاء الوفد بالمحافظات، لإعلان سحب الثقة من رئيس الحزب، وتشكيل لجنة من أعضاء الهيئة العليا الحاضرين لإدارة الحزب».
من جهته، وصف ياسر حسان، المتحدث باسم الحزب، وهو عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، ما حدث من الأعضاء بأنه مجرد «مراهقة سياسية»، لافتا إلى أن «أعضاء الهيئة العليا للحزب 56 عضوا، فكيف لـ8 أن يغتصبوا شرعية رئيس الحزب؟»، مؤكدا أن جميع لجان محافظات مصر وأعضاء الهيئة العليا للحزب، جددت الثقة في البدوي.
في ذات السياق، قال البدوي، رئيس حزب الوفد، إن هناك محاولات تهدف إلى إسقاط الوفد ورئيسه، مشددا على أن الحزب لا يتسامح مع من يحاول المساس به، مؤكدا أن مرشحي الوفد في كل الدوائر متمسكون ببقائه، وخوضه المعركة الانتخابية المقبلة.
وأضاف البدوي خلال كلمته على هامش المؤتمر الذي عقد داخل مقر الحزب، مساء أول من أمس، أنه عندما تولى رئاسة الحزب، أوقف نشاط منظمات المجتمع المدني داخله، والتي كانت ممولة من أميركا، وفصل أحد أعضائها، موضحا أن تلك المنظمات كانت تستخدم الوفد كـ«واجهة للتمويل»، وذلك بوضع منسق داخل اللجان التابعة للوفد في مختلف المحافظات، بهدف أن يصبح التمويل مدخلا لفساد الحزب ومحاولة السيطرة عليه.
وأشار البدوي إلى أن «إجراءات بسحب الثقة من رئيس الحزب ومساءلته وفقا للائحة الحزب أمر في منتهى السهولة»، مؤكدا أن 20 عضوا فقط من الهيئة العليا يستطيعون فعل ذلك بطريقة قانونية وبعيدا عما حدث من تصرفات، مشددا على أن «البعض اجتمع خارج مؤسسات الحزب لأنهم يعلمون أن الهيئة العليا ولجان المحافظات تقف مع الوفد، خصوصا ونحن مقبلون على انتخابات نيابية».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.