لبنان: مقعد سني في الشوف يربك «الاشتراكي» بعد انسحاب «المستقبل»

TT

لبنان: مقعد سني في الشوف يربك «الاشتراكي» بعد انسحاب «المستقبل»

لا ينفي «الحزب التقدمي الاشتراكي» الإرباك الذي تركه قرار تيار «المستقبل» بعدم خوض الانتخابات النيابية وتأثيره على أكثر الدوائر «شراكة» بين الطرفين وهي دائرة «الشوف - عاليه» في جبل لبنان الجنوبي، لكنه في الوقت عينه يحاول استيعاب التداعيات تحت شعار المحافظة على هوية المنطقة (إقليم الخروب) «العربية السيادية» والانفتاح على جميع الأطراف التي تحمل هذا الخط، بحسب ما يقول النائب في «اللقاء الديمقراطي» بلال عبد الله.
هذا العنوان العريض الذي يعمل تحته «الاشتراكي» تمهيدا لإعلان أسماء كل مرشحيه وحسم تحالفاته الانتخابية ينطلق من الخط السيادي الذي طبع الشراكة بينه وبين «المستقبل» وتحديدا في هذه المنطقة ذات الغالبية السنية، وهي التي تعرف تاريخيا بـ«هواها الاشتراكي» قبل أن يدخل «المستقبل» إلى الساحة السياسية في التسعينات، وبالتالي فإن انسحاب الأخير من المعركة لا يعني تبدل هذا الخط، أو عدم احترام «التيار» الموجود في المنطقة ولدى المتعاطفين مع الحريرية السياسية، بحسب ما يؤكد عبد الله لـ«الشرق الأوسط».
وبات مؤكدا أن «الاشتراكي» حسم تحالفه مع حزب «القوات اللبنانية»، ويجد نفسه أمام خيارات سنية محدودة تتراوح بين السياسية والمناطقية، علما بأن هناك مشكلة تكمن في «النقمة السنية» تجاه «القوات»، ما سيؤدي إلى امتناع بعض الناخبين السنة عن الاقتراع لصالح اللائحة التي تجمعهما.
ويكاد يكون الخيار البديل الوحيد بالنسبة إلى «الاشتراكي» هو «الجماعة الإسلامية» التي لها وجود محدود في المنطقة، أما المناطقية فهي تتجسد عبر ضرورة اختياره مرشحا سنيا ثانيا من خارج منطقة شحيم وتحديدا من منطقة برجا، أكبر المناطق في الإقليم، علما بأن استبعاد برجا من الترشيحات في الدورة الماضية تسبب بخلاف بينه وبين «المستقبل» بعدما أصر الأخير على إبقاء النائب محمد الحجار، فيما قرر «الاشتراكي» ترشيح عبد الله، والاثنان من منطقة شحيم، ما خلق انقساما سياسيا وشعبيا. وقال حينها رئيس «الاشتراكي» وليد جنبلاط: «برجا أقصيت من الترشيحات بسبب خطأ في الحسابات من بعض الأفرقاء».
ومع اتخاذ «المستقبل» قرار العزوف عن المشاركة في الانتخابات تكشف مصادر في منطقة الإقليم لـ«الشرق الأوسط» عن جهود يبذلها «الاشتراكي» للحفاظ على الكتلة الناخبة للمستقبل عبر ترشيح شخصية مقربة من التيار الأزرق وإن لم تكن حزبية وسط تخوف من جنوح هذه القاعدة نحو لوائح المجتمع المدني التي تعتبر خيارا ثالثا، وإن كان منقسما بدوره بين لائحتين حتى الساعة، مقابل اللائحتين الحزبيتين الأساسيتين، أي تلك التي تجمع «الاشتراكي» و«القوات» من جهة، و«فريق الممانعة» (حزب الله والتيار الوطني) من جهة أخرى.
وتشير المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى توجه «الاشتراكي» لترشيح المحامي المستقل سعد الدين الخطيب (أمين سر نقابة المحامين الذي كان مدعوما من «تيار المستقبل» في انتخابات النقابة الأخيرة)، إضافة إلى النائب عبد الله، المقعد السني الثاني، وبالتالي «الاختلاف» في هذه الدائرة مع «الجماعة» التي سيكون لها مرشح من بلدة برجا، وتقدر أصواتها بألفي صوت، بحسب «الدولية للمعلومات»، على أن يعقد التحالف بين الطرفين في منطقة البقاع الغربي.
وفيما يرفض النائب عبد الله حسم هذا الأمر، يشدد على العمل لعدم السماح بتغيير هوية الإقليم «العربية السيادية التقدمية»، والانفتاح على الجميع واحترام التنوع وهو ما لم يؤد مثلا إلى اتخاذ «الاشتراكي» قرار ترشيح شخصين للمقعدين السنيين.
ورغم تعميم «المستقبل» الأخير بالطلب ممن يريد الترشح للانتخابات الاستقالة من «التيار»، لا يبدو أن النائب محمد الحجار، حسم قراره في هذا الإطار، وتشير مصادر في المنطقة إلى أنه لا يزال يدرس خياراته في ضوء الاستياء الشعبي في المنطقة من انسحاب «المستقبل»، على أن يأخذ القرار النهائي بهذا الشأن خلال الأسبوعين المقبلين، علما بأن الأجواء لا تشير إلى إمكانية تبني لائحة «الاشتراكي» و«القوات» للحجار، انطلاقا من الأسباب السياسية والمناطقية، وهو ما يضعه أمام مهمة صعبة في حال اختار الترشح لا سيما أن القانون الحالي يفرض على المرشحين أن يكونوا ضمن لائحة وليس منفردين.
وبانتظار ما ستنتهي عليه الخريطة الانتخابية في الإقليم من خلال الصورة العامة في دائرة الشوف - عاليه، يتحدث عبد الله عن استهداف لجنبلاط في المنطقة بشكل أساسي، لا سيما أن «الشوف» يعتبر معقل «الاشتراكي»، وهو ما يرد عليه عبد الله بتأكيد «رفض الاستسلام، وقراره بالمواجهة»، في وقت ينشط «فريق الممانعة» لترتيب صفوفه في محاولة لجذب أكبر عدد من الأصوات، وهو الذي كان انقسم في انتخابات العام 2018 بين لائحتين، إحداهما جمعت «التيار الوطني الحر» وحزب الله»، والنائب طلال أرسلان، فيما خاض رئيس «تيار التوحيد» وئام وهاب المعركة منفردا.
وتضم دائرة الشوف – عاليه 13 مقعدا، تتوزع بين 5 في عاليه و8 في الشوف، اثنان منها للطائفة السنية. ويؤكد الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين أنه مع اعتكاف «المستقبل» يكون «الاشتراكي» هو الأقوى في إقليم الخروب، ويشرح بالأرقام لـ«الشرق الأوسط» أن «تيار المستقبل» يملك 15 ألف صوت في الإقليم ما يجعلها حاسمة في المعركة، وهي كانت قد توزعت في انتخابات عام 2018 بين الحجار والوزير السابق غطاس خوري، فيما تقدر أصوات «الاشتراكي» بحوالي 7 آلاف صوت صبت جميعها لصالح عبد الله، وهناك حوالي عشرة آلاف صوت تتوزع خارج الاثنين.
ويبلغ عدد الناخبين الدروز المسجلين في كل الدائرة (الشوف – عاليه) حوالي 64 ألفا، أما السنة فهو حوالي 60 ألفا، لكن السنة يشاركون بنسبة أكبر ويصل عدد الناخبين إلى 33 ألفاً.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.