«محرقة الأصول» الروسية تستعر عالمياً

{توتال} و{شل} أحدث المنسحبين... وتهديدات صريحة بتدمير الاقتصاد

انضمت توتال إلى شل وبي بي في الانسحاب من مشروعات أو أصول مشتركة مع روسيا (أ.ف.ب)
انضمت توتال إلى شل وبي بي في الانسحاب من مشروعات أو أصول مشتركة مع روسيا (أ.ف.ب)
TT

«محرقة الأصول» الروسية تستعر عالمياً

انضمت توتال إلى شل وبي بي في الانسحاب من مشروعات أو أصول مشتركة مع روسيا (أ.ف.ب)
انضمت توتال إلى شل وبي بي في الانسحاب من مشروعات أو أصول مشتركة مع روسيا (أ.ف.ب)

مع تصريحات لا تخلو من الصراحة والمباشرة، قال وزير المال الفرنسي برونو لومير الثلاثاء إن العقوبات الغربية على موسكو بسبب غزوها أوكرانيا ستدفع الاقتصاد الروسي إلى الانهيار، مع إطلاق العقوبات العنان «لحرب اقتصادية» عليها.
وأوضح لومير في مقابلة مع «فرانس إنفو»، بالقول: «سندفع الاقتصاد الروسي إلى الانهيار. ميزان القوى الاقتصادي والمالي يميل كليا لصالح الاتحاد الأوروبي الذي يكتشف الآن قوته الاقتصادية».
ووسط هذا التصعيد، تواجه الأصول الروسية في العديد من دول العالم، بما فيها السندات والأسهم والشركات الخاصة والعامة متعددة الجنسيات، ما يراه مراقبون بمثابة «محرقة أصول»، إذ يجري التخلص منها على قدم وساق، ما يجعلها بخسة الثمن، مهددا بتقليص حجم الاقتصاد الروسي بسرعة فائقة.
وأوقفت بورصتا نيويورك للأوراق المالية وناسداك الأميركيتان تداول أسهم العديد من الشركات الروسية في أعقاب أحدث موجة من العقوبات الأميركية. وأكدت بورصة ناسداك أنها «أوقفت مؤقتا تداول أسهم خمس شركات روسية مسجلة لديها»، في حين قالت بورصة نيويورك للأوراق المالية إنها لا تعلق على الأمور الاعتيادية.
وشمل قرار وقف التداول أسهم شركات محرك البحث على الإنترنت ياندكس وشركة التجارة الإلكترونية أوزون هولدنغز والخدمات المالية كيووي ومجموعة الاتصالات موبايل تيليسيستمز وشركة الصلب والفحم ميشيل. ولم يصدر تعليق من هذه الشركات حتى الآن، حيث ما زال وقف التداول مجرد تعليق مؤقت وليس شطبا نهائيا من البورصتين.
وبالتزامن، يتزايد عدد الشركات العالمية المنسحبة من مشروعات مشتركة مع روسيا، أو من شركات ذات أصول مشتركة. وأعلنت شركة «توتال إنرجي» الفرنسية العملاقة للطاقة الثلاثاء أنها «ستتوقف عن تخصيص رؤوس أموال لمشاريع جديدة في روسيا»، على خلفية غزو أوكرانيا، لكن من دون سحب المشاريع القائمة أساسا، بحسب بيان تلقته وكالة الصحافة الفرنسية.
وأفادت المجموعة بأنها «توافق على حجم وقوة العقوبات التي فرضتها أوروبا وستطبقها بغض النظر عن عواقبها (التي ما زالت قيد التقييم) على إدارة أصولها في روسيا». كذلك «أدانت العدوان العسكري» الروسي، وأشارت إلى أنها «تتحرك لإيصال الوقود إلى السلطات الأوكرانية ولمساعدة اللاجئين الأوكرانيين في أوروبا». وتحقق المجموعة 3 إلى 5 في المائة من إيراداتها الإجمالية في روسيا، على ما قال رئيس مجلس إدارتها باتريك بويانيه قبل أيام قليلة.
وتملك توتال إنرجي 19.4 في المائة من أسهم شركة نوفاتيك الروسية العملاقة للغاز، وتساهم بنسبة 20 في المائة في رأسمال شركة «يمال»، وهو مشروع انطلق نهاية 2017، وأنتج أكثر من 18 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال في 2020، وتملك الشركة كذلك مساهمة نسبتها 10 في المائة في مشروع Arctic LNG 2 الذي من المقرر أن تخرج منه أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال في 2023.
وتشارك بنسبة 10 في المائة في مشروع آخر لغاز الطبيعي المسال في شمال البلاد سيبدأ إنتاجه في 2023 أيضا.
أيضا، أعلنت الشركة البريطانية العملاقة للنفط والغاز «شل» الاثنين أنها ستتخلى عن حصصها في عدة مشاريع مشتركة مع مجموعة «غازبروم» الروسية في روسيا، على غرار شركة «بي بي»، بسبب غزو موسكو لأوكرانيا.
وحافظت «شل»، مثل «بي بي»، على وجودها في روسيا مدى العقدين الماضيين رغم التوترات الجيوسياسية المتزايدة، محافظة على علاقات ودية مع السلطات. وهكذا استثمرت في خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2» المثير للجدل والذي تنوي الآن تفريغه.
وقال المدير العام لشركة «شل» بين فان بوردن في بيان أُرسل إلى بورصة لندن: «اتخذ قرارنا بالمغادرة عن اقتناع». وتابع «تُصدمنا الخسائر البشرية في أوكرانيا وهو أمر يؤسفنا نتيجة عدوان عسكري لا معنى له يهدد الأمن الأوروبي».
وأشارت المجموعة إلى أن قيمة أسهمها بلغت ثلاثة مليارات دولار في نهاية العام 2021 وحققت ربحاً قدره 700 مليون دولار العام الماضي. وحذرت المجموعة من أن بيعها سيكون له تأثير مالي سيؤدي إلى انخفاض قيمة الحسابات.
وأضافت المجموعة أنها تعتزم إنهاء استثمارها في خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2» الذي بنته، وتخلت عنه ألمانيا وفرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات. ومولت «شل» ما يصل إلى 10 في المائة من 9.5 مليار يورو هي تكلفة المشروع.
ولم تنج مجموعة «شل» من الأزمات في مشاريعها الروسية. ففي العام 2007 فقدت الشركة السيطرة على «سخالين - 2» لصالح «غازبروم» مع استيلاء الدولة الروسية على أصول الطاقة القيمة في البلاد. وقبلت المجموعة لاحقاً بخفض حصتها من 55 في المائة إلى 27.5 في المائة.
كما دعا رئيس قطاع الحفر في شركة الغاز الطبيعي الأوكرانية المملوكة للدولة شركة الخدمات البترولية الأميركية هاليبرتون وغيرها من الشركات الأجنبية العاملة في قطاع الغاز والنفط الروسي إلى مغادرة روسيا بهدف حرمانها من التدفقات النقدية التي تستخدمها في تمويل حملتها العسكرية ضد أوكرانيا.
ونقلت بلومبرغ عن أوليغ تولماشيف مدير الإنتاج في شركة نافتوغاز الأوكرانية قوله في خطاب مفتوح يوم الاثنين إن الآلة العسكرية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتم تمويلها من عائدات صادرات النفط والغاز.
وأشارت بلومبرغ إلى أن تولماشيف نشر الخطاب المفتوح بشكل شخصي وليس نيابة عن الشركة الأوكرانية التي انتقل إلى العمل فيها منذ 13 شهرا فقط بعد سنوات من العمل في حقول الزيت الصخري الأميركية. وكتب تولماشيف في الخطاب «من فضلكم انهوا أعمالكم وأغلقوا مكاتبكم في الاتحاد الروسي... موظفو شركتي وعائلاتهم في مناطق خاركييف ودونيتسك ولوغانسك وبولتافا يتعرضون للقتل والجرح من جانب القوات العسكرية لروسيا الاتحادية».



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.