أوروبا تسخّر كل الإمكانات لردع موسكو... ومقتنعة بأن «الأزمة ستطول»

الرئيس الأوكراني طالب بمنح بلاده عضوية الاتحاد فوراً وعدم تركها {فريسة} لروسيا

رئيس المجلس الأوروبي يصفق بحرارة للرئيس الأوكراني الذي خاطب البرلمان الأوروبي عن بعد (إ.ب.أ)
رئيس المجلس الأوروبي يصفق بحرارة للرئيس الأوكراني الذي خاطب البرلمان الأوروبي عن بعد (إ.ب.أ)
TT

أوروبا تسخّر كل الإمكانات لردع موسكو... ومقتنعة بأن «الأزمة ستطول»

رئيس المجلس الأوروبي يصفق بحرارة للرئيس الأوكراني الذي خاطب البرلمان الأوروبي عن بعد (إ.ب.أ)
رئيس المجلس الأوروبي يصفق بحرارة للرئيس الأوكراني الذي خاطب البرلمان الأوروبي عن بعد (إ.ب.أ)

لم يعد ثمّة مبالغة في القول، إن العالم بعد الغزو الروسي لأوكرانيا لن يكون كما قبله، أو في الأقل لن تكون أوروبا بعد هذا الاجتياح الروسي الواسع كما كانت عليه حتى الأسبوع الفائت ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية. هذا هو اليقين الذي يترسّخ بقوّة منذ أيام في العواصم الأوروبية، والذي يملي القرارات المتسارعة في الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي اللذين يتحركان انطلاقاً من الاقتناع بأن نهاية الأزمة الأوكرانية وما تستتبعه من عمليات عسكرية ليست في الأمد المنظور، وأنه لا بد من تسخير كل الإمكانات لردع طموحات الكرملين ومنعها من الامتداد إلى دائرة أوسع. وليس أدل على هذا العزم الأوروبي غير المسبوق من تصريحات وزير الاقتصاد والمال الفرنسي برونو لومير أمس في حديثه عن العقوبات التي فرضها الاتحاد على موسكو، حيث قال «سنشنّ حرباً اقتصادية ومالية شاملة لتدمير الاقتصاد الروسي».
- الاتحاد الأوروبي يخصص نصف مليار يورو لأوكرانيا
منبر المواقف الأوروبية التي خرجت بعيداً عن الضوابط والمسلّمات المألوفة كان أمس (الثلاثاء) البرلمان الأوروبي الذي عقد جلسة مخصصة للأزمة الأوكرانية، حيث أعلنت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، أن الاتحاد سيخصص نصف مليار يورو من ميزانيته لشراء أسلحة وإرسالها إلى دولة تتعرض للعدوان، إضافة إلى مبلغ مماثل للمساعدات الإنسانية. وقالت فون دير لاين «يدرك الأوروبيون جيداً أن من واجبنا التحرّك أمام هذه الاعتداءات الوحشية. ثمّة ثمن لحماية حريتنا، لكننا أمام ظرف حاسم ونحن مستعدون لدفع هذا الثمن؛ لأن لا شيء يساوي الحرية». وكان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال قال من جهته أمام الجلسة الخاصة للبرلمان «يجب أن ندرك خطورة الوضع وأهمية القرارات التي علينا أن نتخذها معاً. الحرب عادت، وعاد الدم إلى قلب القارة الأوروبية. منذ خمسة أيام شنّ فلاديمير بوتين اجتياحاً وحشياً واسعاً ضد أوكرانيا، بلا مبرّر واستناداً إلى جملة أكاذيب. والسبب الوحيد الذي لأجله أقدم على هذه الخطوة، هو أن أوكرانيا اختارت دولة القانون. ليست أوكرانيا وحدها هي المستهدفة، بل القواعد الدولية والديمقراطية أيضاً باتت تحت وطأة الإرهاب الجيوسياسي».
- الرئيس الأوكراني يطالب بروكسل بمنح بلاده عضوية الاتحاد
وفي كلمة مسجّلة خاطب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي البرلمان الأوروبي مستنجداً استمرار مساعدة بلدان الاتحاد «كي لا تبقى أوكرانيا وحدها أمام الاعتداء»، داعياً إلى التجاوب فورا مع الطلب الذي قدّمه رسميا يوم الاثنين لقبول بلاده عضوا كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي.
وقال متوجّهاً عبر الفيديو إلى أعضاء المجلس الأوروبي «ستكون أوروبا أقوى بكثير بوجود أوكرانيا فيها... من دونكم، ستكون أوكرانيا وحيدة». وتابع «نحن نحارب لبقائنا... لكننا نحارب أيضا لنكون أعضاء متساوين في أوروبا، لذا أثبتوا أنكم معنا وأثبتوا أنكم لن تتخلّوا عنّا وأنّكم فعلا أوروبيون». وتابع «سنفوز، أنا متأكّد من (...) الخيار الأوروبي لأوكرانيا، إنه الطريق التي نسلكها اليوم. وأودّ أن أسمع منكم اليوم أن أوروبا تختار أوكرانيا». وأضاف «نحن نحارب لنيل حقوقنا وحرياتنا وحياتنا وبقائنا... لن يكسرنا أحد. نحن أقوياء، نحن أوكرانيون».
وكانت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا متسولا قالت «إن أوروبا التي نعرفها تواجه خطراً وجوديّاً، وأن الاستثمارات الدفاعية يجب أن تكون في مستوى التحديات التي تواجهنا؛ لأننا في حاجة إلى اتحاد دفاعي وأمني أظهرت قرارات الأسبوع الماضي أنه ضروري وممكن». وأضافت، أن البرلمان الأوروبي على استعداد للتجاوب مع طلب أوكرانيا الانضمام إلى الاتحاد. في موازاة ذلك، وبعد التوضيحات التي صدرت عن المجلس الأوروبي والمفوضية يوم الاثنين للتخفيف من التوقعات التي تحدثت عن قبول فوري لطلب الانضمام «لوجود تباين في المواقف بين الدول الأعضاء حول هذا الموضوع» كما قال رئيس المجلس شارل ميشال، انضمّت المجر أمس إلى كتلة الدول الشرقية التي كانت وجّهت رسالة مفتوحة إلى الاتحاد تطلب فيها الموافقة على الانضمام الفوري لأوكرانيا. ويذكر، أن الجمهورية التشيكية، واستونيا، وليتونيا، وليتوانيا، وبولندا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا كانت وقّعت هذه الرسالة دعماً للطلب الذي تقدّم به الرئيس الأوكراني.
وتجدر الإشارة إلى أن البلدان التسعة الموقّعة على الرسالة، والتي تشكّل ثلث أعضاء الاتحاد الأوروبي، كانت في السابق أعضاء في حلف وارسو أو تحت عباءة النفوذ السوفياتي، وهي اليوم التي تواجه خطر الطموحات التوسعية للكرملين. ويذكر، أن الرسالة كانت نُشرت على الموقع الرسمي للرئيس البولندي في اليوم التالي للتصريحات التي أدلت بها رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، وأوحت بأن الاتحاد الأوروبي مستعدّ لقبول انضمام أوكرانيا فوراً، لكن تصريحات لاحقة لمسؤولين في المجلس والمفوضية بدّدت هذا الاعتقاد قبل أن يتقدّم الرئيس الأوكراني بالطلب رسمياً مطلع هذا الأسبوع، علماً بأن أوكرانيا التي تتفاوض منذ عشرين عاماً للتقارب مع الاتحاد الأوروبي، لا تستوفي بعد الشروط الدنيا التي تخوّلها التقدّم بطلب الانضمام. وكان تقرير لديوان المحاسبة الأوروبي صدر في العام الماضي أشار إلى أن أوكرانيا «ما زالت تفتقر لمؤسسات مستقرة تضمن سيادة القانون، وتعاني من فساد كبير متوطّن يعيق المنافسة ويضرّ بالديمقراطية ويتعارض مع قيم الاتحاد الأوروبي».
- أوكرانيا لا تستوفي شروط عضوية الاتحاد الأوروبي
ويصف التقرير بأن «الدولة واقعة في قبضة مجموعات نافذة من النخب السياسية والاقتصادية الهرميّة المتجذّرة في جميع المؤسسات العامة والاقتصاد». ويذكر، أن البرلمان الأوكراني كان أقر تعديلاً دستورياً في العام 2019 ينصّ على اعتبار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي توجّهاً استراتيجياً لسياسة أوكرانيا الخارجية؛ الأمر الذي أثار انتقادات شديدة يومها من موسكو. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن مساعي أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كانت تصطدم بمعارضة شديدة من بلدان مثل فرنسا وهولندا تؤيد إبطاء وتيرة توسعة الاتحاد «وإعطاء الأولوية لتعميقه وتحسينه»، كما سبق وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في العام 2018. وفي أول «ظهور» علني له منذ أيام برّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف العمليات العسكرية في أوكرانيا بأنها تهدف إلى درء خطر امتلاك كييف سلاحاً نووياً، خصوصاً أنها تملك تكنولوجيا نووية سوفياتية، وأن موسكو لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي أمام مثل هذا الخطر. وجاءت هذه التصريحات في كلمة مسجّلة أدلى بها لافروف أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف، حيث قال، إنه كان ينوي المشاركة شخصياً في هذا الاجتماع «لكن العقوبات حرمتني من حقي الأساسي في التنقل بحرّية»، مضيفاً أن وجود أسلحة نووية أميركية في أوروبا غير مقبول، ويتعارض مع الأحكام الأساسية لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وأن السلاح النووي الأميركي يجري تخزينه على أراضي عدد من الدول الأوروبية. وتوعّد لافروف بالردّ على الدول التي فرضت عقوبات على بلاده. ولم يبدّد هذا الظهور لوزير الخارجية الروسي التساؤلات التي تدور على ألسنة المسؤولين الغربيين حول غيابه عن مشهد الأزمة منذ بداية العمليات العسكرية، وسط ترجيحات تتحدّث عن بداية أفول نجمه في الكرملين بعد أن كان لسنوات الشخصية الملازمة لبوتين في جميع إطلالاته الخارجية. وفي حين تتحدث بعض الأوساط عن اعتراض لافروف على قرار غزو أوكرانيا، يستبعد مراقبون هذا الاحتمال ويعتبرون أن بوتين يحتفظ بورقة الدبلوماسي المخضرم لاستخدامها لاحقاً في المفاوضات التي ستأتي في نهاية العمليات العسكرية. وفي كلمته أمام المجلس، دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى طرد روسيا من مجلس حقوق الإنسان بسبب انتهاكها المبادئ الأساسية التي يقوم عليها المجلس. وكان وزير الخارجية الأوكراني دميترو لوبيلا وصف في كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان ما ترتكبه القوات الروسية في بلاده بأنها جرائم حرب، ودعا الأسرة الدولية إلى اتخاذ تدابير قاسية بحقها، مؤكداً «أن مستقبل الأمن العالمي يتحدد اليوم في أوكرانيا».
- «الناتو» يؤكد أن قواته لن تتدخل عسكرياً
إلى جانب ذلك قال الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ، إن قوات الحلف لن تتدخل عسكرياً في أوكرانيا «لأن الحلف الأطلسي ليس طرفاً في النزاع، ولن يرسل قوات إلى أوكرانيا». وجاءت هذه التصريحات في مؤتمر صحافي عقده مع الرئيس البولندي خلال زيارة تفقدية لقاعدة تابعة للحلف الأطلسي في لاسك وسط بولندا. وأضاف ستولتنبيرغ، أن الحلف لن يرسل طائرات حربية، لكنه سيحمي أراضي البلدان الأعضاء ويدافع عنها، داعياً موسكو إلى «وقف الغزو الوحشي وغير المقبول، وإنهاء العمليات العسكرية فوراً».
وفي آخر تحديث لها حول موضوع اللاجئين، قالت الأمم المتحدة، أمس، إن عدد الذين عبروا الحدود الأوكرانية حتى صباح أمس زاد على 700 ألف، وأن ثمّة مليون نازح داخلياً، في حين رفع الاتحاد الأوروبي توقعاته حول عدد اللاجئين، مشيراً إلى أنه قد يصل إلى 7 ملايين إذا طالت المعارك بعد نهاية الشهر الحالي. ومن جهته، طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرّيش توفير 1.6 مليار دولار لتقديم المساعدات الإنسانية والطبية التي يحتاج إليها المتضررون من العمليات العسكرية في أوكرانيا وخارجها.



حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.