«النواب» الليبي يوافق على حكومة باشاغا بعد «تعديلها»

«قادة الثوار» هدد باستخدام السلاح دفاعاً عن «الوحدة»

فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» المكلف (أ.ب)
فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» المكلف (أ.ب)
TT
20

«النواب» الليبي يوافق على حكومة باشاغا بعد «تعديلها»

فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» المكلف (أ.ب)
فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» المكلف (أ.ب)

منح مجلس النواب الليبي أمس حكومة «الاستقرار» التي شكلها فتحي باشاغا، الثقة، كاشفاً قبل انعقاد جلسة التصويت، عن تلقي كثير من أعضائه «تهديدات بالقتل».
وقال عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، أمس، إن الحكومة نالت الثقة بـأغلبية 92 صوتاً، من أصل 101 نائب، حضروا الجلسة التي اختتمت مساء أمس.
وبدأ مجلس النواب من مقره في مدينة طبرق (شرق) جلسته المؤجلة، بعد ظهر أمس، بحضور صالح ونائبيه، ونحو مائة من أعضاء المجلس، من بينهم 10 عبر الهاتف والرسائل الصوتية، لظروف إصابتهم بفيروس «كورونا»، وفقاً لمصادر برلمانية وإعلامية.
وتلا رئيس المجلس أسماء الوزراء بالحكومة الجديدة في بداية الجلسة، قبل بدء التصويت عليها. وأظهرت النسخة الثانية المعدلة من الحكومة بعد اعتمادها، أنها تضم 29 وزيراً، و6 وزراء دولة، و3 نواب لرئيسها.
في سياق ذلك، أدان مجلس النواب بشدة ما تعرض له «عدد كبير من أعضائه على مدى اليومين الماضيين، من تهديدات بالقتل لهم ولعائلاتهم، والتهديد بالمنع من العودة لبيوتهم، ووصل الأمر حد الاعتداء على المنازل».
وبعدما ندد بما وصفه بـ«التصرفات الإجرامية والإرهابية» التي قال إنها «لا يمكن أن تصدر إلا من مجرمين خارجين عن القانون»، أكد المجلس تضامنه التام ودعمه لجميع النواب، تجاه ما يتعرضون له، بغض النظر عن أي توجه سياسي، وتأكيده على حرية رأيهم، ورفض أي محاولات للتأثير على مواقفهم السياسية.
كما حمَّل المجلس السلطة التنفيذية -في إشارة إلى حكومة الدبيبة- كامل المسؤولية عن أمن وسلامة أعضائه، وطالب النائب العام بفتح تحقيق عاجل فيما حدث، وإحالة المجرمين إلى العدالة.
واستمر الجدل بين أعضاء مجلس النواب حول تشكيلة حكومة باشاغا الجديدة؛ حيث أعلن المجلس على لسان المتحدث الرسمي باسمه، عبد الله بليحق، مساء أول من أمس، للمرة الثانية على التوالي، تأجيل جلسته التي كانت مقررة لعدم اكتمال المشاورات حول التشكيلة الوزارية للحكومة الجديدة.
وأُسندت وزارة الخارجية إلى حافظ قدور، سفير ليبيا السابق لدى إيطاليا والاتحاد الأوروبي، بينما حصل أحميد حومة على حقيبة الدفاع، وعصام أبوزريبة على حقيبة الداخلية.
وقال أعضاء في مجلس النواب، إنه جرت «تفاهمات وتوافقات» بشأن التشكيلة الحكومية في نسختها الثانية، بينما اتهمت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة «الوحدة»، المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، بمنع نواب المنطقة الغربية من مغادرة مطار مدينة طبرق، والعودة إلى العاصمة طرابلس.
وطالب نواب من المنطقة الغربية بتغيير وزيري الداخلية والخارجية في حكومة باشاغا، وادعوا تلقيهم تهديدات، تزامناً مع إصدار الدبيبة قراراً يقضي بمنح رتبة لواء كترقية استثنائية لعصام أبوزريبة، شقيق عضو مجلس النواب علي أبوزريبة الذي ورد اسمه في تشكيلة حكومة باشاغا وزيراً للداخلية.
في غضون ذلك، أعلن «تجمع قادة ثوار ليبيا» دعمه لحكومة الدبيبة، وطالبها بعدم تسليم السلطة لباشاغا، كما هدد في بيان له، مساء أول من أمس، باستخدام السلاح، وقال متوعداً: «أيدينا على الزناد، ونحن على أهبة الاستعداد للدفاع عن ثورتنا، وصون دماء شهدائنا الأبرار».
وأضاف بيان «التجمع» موضحاً: «نشجع حكومة (الوحدة) وندعمها في إجراء الانتخابات في يونيو (حزيران) القادم، شريطة إجراء الانتخابات البرلمانية أولاً، ثم الرئاسية بعد الاستفتاء على الدستور».
كما حذر «التجمع» البعثة الأممية من التدخل السافر والمستفز في شؤون البلاد، وذكرها بأنَّ الحكومة هي نِتاج مؤتمر جنيف الذي نفذته وأشرفت عليه، ودعا مجلسي النواب والدولة إلى «إنهاء هذه المهازل وحلِّ المجلسين فوراً».
من جهتها، كررت ستيفاني ويليامز، المستشارة الأممية، التأكيد على الأهمية الملحة للتوافق في البيئة السياسية المعقدة الحالية في ليبيا، وشددت -خلال اجتماعها في طرابلس مع ممثلي المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا- على أن أفضل طريق للمضي قدماً لتلبية مطالب 2.8 مليون ليبي سجلوا للتصويت «هو إجراء انتخابات حرة وذات مصداقية، بناء على قاعدة دستورية سليمة، وقوانين انتخابية متوافق عليها».
ونقلت ويليامز عن المجتمعين إشارتهم إلى تهميش مجتمعهم في العملية السياسية ومؤسسات الدولة، ودعوتهم إلى إشراكهم في العملية الدستورية الجارية، لافتين إلى حالات تم فيها احتجاز أمازيغ خارج نطاق القانون، على يد قوات مختلطة من رجال الأمن والمجموعات المسلحة.
في شأن آخر، أمرت النيابة العامة بحبس 4 مسؤولين في وزارة الإسكان بحكومة «الوفاق» السابقة، احتياطياً على ذمة قضايا فساد مالي وإداري. وقال مكتب النائب العام في بيان، مساء أول من أمس، إن التحقيقات أثبتت تورط المسؤولين الأربعة في الوزارة، في واقعة تسهيل ارتكاب جرم للاستيلاء على مبلغ 1.8 مليون دينار، وإيداعه في حساب مصرفي يديره وافد فلسطيني؛ مشيراً إلى توجيه عدة تهم، من بينها غسل الأموال، وإساءة استعمال الوظيفة للمتهمين.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.