تغريم مرشحين لرئاسيات تونس بـ«جرائم انتخابية»

بينهم المرزوقي والشاهد والجبالي

وصول عدد من أفراد الجالية التونسية المقيمة في أوكرانيا بعد تأمين رحلة لهم إلى مطار قرطاج أمس (أ.ف.ب)
وصول عدد من أفراد الجالية التونسية المقيمة في أوكرانيا بعد تأمين رحلة لهم إلى مطار قرطاج أمس (أ.ف.ب)
TT

تغريم مرشحين لرئاسيات تونس بـ«جرائم انتخابية»

وصول عدد من أفراد الجالية التونسية المقيمة في أوكرانيا بعد تأمين رحلة لهم إلى مطار قرطاج أمس (أ.ف.ب)
وصول عدد من أفراد الجالية التونسية المقيمة في أوكرانيا بعد تأمين رحلة لهم إلى مطار قرطاج أمس (أ.ف.ب)

أصدرت المحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية، أمس، غرامات مالية في حق عدد من المرشحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت سنة 2019، والانتخابات البلدية التي نظمت سنة 2018، وذلك بناءً على ما ورد في تقرير محكمة المحاسبات المتعلق بالاستحقاقات الانتخابية، وما شابها من «جرائم انتخابية».
وتم تغريم كل من يوسف الشاهد، وسليم الرياحي، وكلاهما كان من بين أبرز المرشحين للانتخابات الرئاسية، التي جرت سنة 2019 بغرامة مالية قدرها 40 ألف دينار تونسي (نحو 15 ألف دولار).
كما قضت المحكمة ذاتها بتغريم السياسي البارز الهاشمي الحامدي بغرامة مالية قدرها 30 ألف دينار، فيما تم تغريم مهدي جمعة، الذي شغل منصب وزير الصناعة في حكومة علي العريض، قبل أن يتم تكليفه رسمياً من قِبل الرئيس منصف المرزوقي بعد تقديم علي العريض لاستقالته واستقالة حكومته بتشكيل حكومة جديدة في 10 من يناير (كانون الثاني) 2014، بدفع 20 ألف دينار تونسي.
كما تم تغريم الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، بغرامة قدرها 10 آلاف دينار، وحمادي الجبالي، الذي تولى منصب رئيس الوزراء في ديسمبر (كانون الأول) 2011 بعد فوز حركة النهضة في انتخابات المجلس التأسيسي، بغرامة قدرها خمسة آلاف دينار.
من جهة ثانية، بدأت تونس أمس في إجلاء دفعة أولى من رعاياها من أوكرانيا، حيث استقبل عثمان الجرندي، وزير الخارجية التونسية، صباح أمس بمطار تونس قرطاج ركاب أول رحلة خصصت لإجلاء عدد من أفراد الجالية التونسية، وذلك بعد تأمين وصولهم عبر المعابر الحدودية الرومانية إلى مطار بوخارست.
وقال الجرندي في تصريح إعلامي إن طائرة عسكرية حطت رحالها في تونس محملة بـ106 طلاب، إضافة إلى طفل رضيع، وذلك من مجموع الرحلات التي يؤمنها الجسر الجوي، الذي أمر به الرئيس قيس سعيد.
وأضاف الجرندي موضحاً أن «الوضع بخير، والحالة النفسية والصحية للتونسيين الوافدين عالية». فيما عبر الكثير من الواصلين عن فرحتهم وتنفسهم الصعداء، بمجرد أن لامست عجلات الطائرة العسكرية التي أقلتهم إلى أرض تونس، بعد رحلة طويلة وشاقة. وقالوا إنهم تكبدوا خلال الرحلات البرية عدة مصاعب، وعاشوا أثناءها حالة من الرعب والخوف بسبب الحرب الدائرة رحاها هناك، ما اضطرهم إلى قطع مسافة 16 كلم سيراً على الأقدام.
كما كشف الجرندي عن تسجيل 600 طالب في رحلات الإجلاء، بعد تأكيد رغبتهم في العودة إلى تونس، وقال إنه تم تأمين وصول 250 طالباً إلى عاصمة رومانيا، وسيتم إجلاؤهم في رحلات مماثلة، تزامناً مع وصول طلبة تونسيين إلى الحدود البولونية، سيتم إرسال طائرة لتأمين عودتهم.
ويقدر عدد التونسيين الموجودين في أوكرانيا بنحو 1500 شخصاً، أغلبهم من طلاب الجامعات.
في السياق ذاته، جددت الخارجية التونسية دعوة الراغبين في العودة إلى تونس من أفراد الجالية بأوكرانيا إلى ضرورة التواصل مع سفارتي تونس برومانيا وفرصوفيا، لتسجيل أسمائهم حتى يتم تأمين عودتهم، خصوصاً أن عملية الإجلاء كانت شديدة التعقيد، وتطلبت أياماً من التنسيق والجهود الدبلوماسية، وكانت أصعب مراحلها تأمين وصول الطلبة براً إلى الحدود الرومانية، ومنها إلى العاصمة بوخارست.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.