«خلافات» تؤجل تنصيب الحكومة الليبية الجديدة

الدبيبة وصف مجلس النواب بـ«المخطوف»... والقاهرة وطرابلس تحتويان أزمة «إعلامية»

فتحي باشاغا رئيس «حكومة الاستقرار» الجديدة (رويترز)
فتحي باشاغا رئيس «حكومة الاستقرار» الجديدة (رويترز)
TT

«خلافات» تؤجل تنصيب الحكومة الليبية الجديدة

فتحي باشاغا رئيس «حكومة الاستقرار» الجديدة (رويترز)
فتحي باشاغا رئيس «حكومة الاستقرار» الجديدة (رويترز)

وسط أجواء من الترقب والتوتر ودعوات أممية للهدوء، أعلن مجلس النواب الليبي تأجيل جلسته، التي كانت مقررة أمس، إلى وقت لاحق، وذلك بسبب عدم توافر النصاب المطلوب قانوناً لتمرير «حكومة الاستقرار» الجديدة، التي يرأسها فتحي باشاغا، خلفاً لحكومة «الوحدة» الحالية، التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، الذي ما زال يجادل حتى اللحظة بشأن بقائه في السلطة.
وأرجع أعضاء في المجلس تأجيل الجلسة إلى ما وصفوه بعدم التفاهم النهائي على تشكيلة الحكومة الجديدة، التي سعى رئيسها فتحي باشاغا خلال اجتماع مع ممثلي الجنوب إلى إزالة اعتراضهم على تسمية بعض الوزراء، خصوصاً نائبه ووزير الدفاع. وكان باشاغا قد وصل في وقت سابق من مساء أول من أمس إلى مقر مجلس النواب استعداداً لعرض تشكيلته الحكومية، المكونة من 31 حقيبة وزارية موزعة على الأقاليم الثلاثة. ورصد شهود عيان، ووسائل إعلام محلية تمترس عدة آليات عسكرية أمام مقر مجلس النواب لحمايته، تحسباً لاحتمال حدوث مظاهرات احتجاجاً على تنصيب الحكومة الجديدة.
وفي هذا السياق اعتبر خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، أن مشروع الحكومة المقترحة هو بمثابة «إدخال للمعتدين على العاصمة طرابلس من النافذة، بعد فشلهم في دخولها بالقوة». في إشارة إلى تحالف فتحي باشاغا مع المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني. كما أوضح المشري في بيان له أمس أن رؤيته للحل هي «اعتماد قاعدة دستورية، وقوانين انتخابية توافقية للذهاب إلى الانتخابات في مدة زمنية محددة وسريعة».
بدوره، جدد الدبيبة أمس تمسكه بإجراء الانتخابات البرلمانية في شهر يونيو (حزيران) المقبل، ورفضه للتمديد وللمراحل الانتقالية، وبقاء الأجسام السياسية بما فيها حكومته. ووصف مجلس النواب بـ«المخطوف»، واتهمه في كلمة ألقاها مساء أول من أمس، لدى حضوره ملتقى الحراك الشعبي لدعم الانتخابات في العاصمة طرابلس، بـ«إدخال البلاد في نفق مظلم خلال السنوات الماضية، بسبب مناوراته السياسية الرامية للبقاء في السلطة، وتعطيل مشروع الدستور الذي قدمته الهيئة التأسيسية منذ عام 2017، وحرمان الشعب من حقه في الاستفتاء على مشروع الدستور».
وقال الدبية بهذا الخصوص: «لقد سئمنا من كل هذه المراحل الانتقالية، والوجوه الباقية في السلطة، والتي يجب عليها الرحيل... ولن نقبل بالتمديد»، موضحاً أن المرحلة الراهنة، التي يقودها المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة «تنتهي في يونيو المقبل بناءً على خريطة الطريق، التي أقرها ملتقى الحوار السياسي»، مستنكراً اتهام مجلس النواب للسلطة التنفيذية بأنها «القوة القاهرة».
في المقابل، قالت ستيفاني ويليامز، المستشارة الأممية، إنها شددت خلال اجتماع عقدته مساء أول من أمس في مدينة صبراتة مع عميدها وأعضاء مجلسها البلدي، وممثلين عن مجلس الحكماء والأعيان، والمجتمع المدني والنساء، على أهمية تعزيز التوافق في العملية السياسية، وتعزيز الثقة بين مختلف الأطراف. وكررت دعوتها للحفاظ على الهدوء، وتجنب خطاب الكراهية، وإعطاء الأولوية للمصلحة العليا للشعب الليبي. بالإضافة إلى أهمية ضمان حصول الليبيين على الخدمات الأساسية، وضرورة إشراك النساء والشباب في العملية السياسية، وتنفيذ عملية المصالحة الوطنية في ليبيا.
إلى ذلك، أعلنت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة، استدعاء القائم بأعمال السفارة المصرية، تامر مصطفى، على خلفية ما جاء في وسائل إعلام بمصر، اعتبرها ليبيون «استخفافاً بالسيادة الليبية وبحكومة الوحدة، بعد تشبيه ما يقع بين أوكرانيا وروسيا، بالعلاقة التي تربط بين مصر وليبيا».
ونقلت نجلاء عن تامر توضيحه بأن «الجهة التي قامت بهذا الفعل لا تمثل توجه الحكومة المصرية ومواقفها حول ليبيا»، بينما أكدت المنقوش أن «العلاقة التاريخية بين البلدين الشقيقين هي أكبر وأعمق من أي توجهات أو استقطابات سياسية».
من جانبه، اعتبر المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، السفير أحمد حافظ، أن كافة وسائل الإعلام والصحف والقنوات المصرية والأجنبية تعمل في مصر بحرية كاملة، وأنها تُعبر عن وجهة نظرها إزاء مختلف القضايا، موضحاً أن الموقف الرسمي للدولة المصرية يتم التعبير عنه من خلال البيانات الصادرة عن الحكومة المصرية.
من جهة أخرى، قال مصدر عسكري بالجيش الوطني إن كتيبة «سبل السلام»، التابعة له، خاضت معارك ضد مجموعات مسلحة خارجة عن القانون قرب منطقة ربيانة جنوب الكفرة على الحدود التشادية، مشيراً إلى أن المعارك أسفرت عن مقتل 26 مرتزقاً، وأسر 14 آخرين، ومصادرة أربع سيارات.
وأكد اللواء خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي بالجيش، أن قواته المسلحة اشتبكت مع عصابة عابرة للحدود بالقرب من منطقة ربيانة جنوب الكفرة، وقال في بيان مقتضب إن إحدى وحدات كتيبة سبل السلام اشتبكت مع العصابة ودمرت 3 آليات، وسيطرت على 4 أخرى، لافتاً إلى مقتل عدد من أفراد هذه العصابة.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».