آثار محتملة للحرب الأوكرانية على الشرق الأوسط

تقرير أميركي يعرض حالة الاستقطاب والتداعيات على النفط والقمح

مركبة عسكرية مدمرة جراء القصف قرب كييف (د.ب.أ)
مركبة عسكرية مدمرة جراء القصف قرب كييف (د.ب.أ)
TT

آثار محتملة للحرب الأوكرانية على الشرق الأوسط

مركبة عسكرية مدمرة جراء القصف قرب كييف (د.ب.أ)
مركبة عسكرية مدمرة جراء القصف قرب كييف (د.ب.أ)

لا يزال العالم يترقب تبعات الغزو الروسي لأوكرانيا؛ إذ لن تقف آثاره عند القارة الأوروبية فقط، وإنما ستتعدى تبعاته ونتائجه «مناطق النزاع»، كما يجادل البعض بأن منطقة الشرق الأوسط تعد الأقرب لتلك الآثار، على المدى القريب والبعيد كذلك.
وأبرز آثار وتبعات هذه الحرب، هي الآثار الاقتصادية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث تعتمد كثير من الدول على القمح الروسي، وكذلك على النفط والصناعات الروسية والأوكرانية، بينما ستنشط عمليات «الاستقطاب السياسي» في المنطقة، لتكوين حشد دولي بين الفريقين الغربي والروسي.
وفي تقرير لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية الدولية بواشنطن، يعتقد جون ألترمان، نائب الرئيس، والمشرف العام على دراسات الشرق الأوسط في المركز، أن آثار الغزو الروسي لأوكرانيا ستنتشر في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وستكشف عن تحالفات «جيوستراتيجية» جديدة، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي، وتهدد بإشعال مواجهات عسكرية جديدة، وذلك في حال استمرت المواجهة بين روسيا ومعظم أنحاء العالم لفترة طويلة، كما يبدو مرجحاً، فقد تكون الآثار الأكثر خطورة على المدى الطويل بدلاً من المدى القصير.
ويرى ألترمان الذي ساهم في كتابة التقرير مع ويل تودمان، الزميل الباحث في المركز، أن إيران وسوريا هما أبرز المؤيدين والمصطفين مع روسيا في الشرق الأوسط؛ لأنهم اتخذوا مواقف معادية للغرب ولفترة طويلة. فقد أعلن الرئيس السوري بشار الأسد أن سوريا ستعترف باستقلال منطقتين انفصاليتين تدعمهما روسيا في شرق أوكرانيا. وقال وزير الخارجية الإيراني إن الأزمة «متجذرة في استفزازات (الناتو)».
لكن حلفاء وشركاء الولايات المتحدة الرئيسيين في المنطقة كانوا حذرين، فبينما أدان وزير خارجية إسرائيل روسيا، لم يفعل رئيس وزرائها ذلك على وجه الخصوص.
كما ترى إسرائيل في روسيا شريكاً مهماً. ويشكل المهاجرون الروس جمهوراً مهماً في الناخبين الإسرائيليين.
وترى دول الخليج وبعض الدول العربية الأخرى، أن روسيا حليف مهم في إنتاج الطاقة، ومصدر محتمل للأسلحة والاستثمار والسلع الأخرى؛ حيث عبَّرت تلك الدول عن قلقها؛ لكنها تجنبت إلقاء اللوم على روسيا مباشرة.

ارتفاع أسعار النفط
تسببت الأزمة والحرب الروسية– الأوكرانية التي اندلعت في 24 فبراير (شباط) الماضي، في قفز أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل، للمرة الأولى منذ عام 2014، بعد الغزو، وبالنسبة للدول المصدرة للنفط في المنطقة، ستوفر الأسعار المرتفعة تخفيفاً مرحباً بالميزانية على المدى القصير، بعد الضربة الاقتصادية التي خلفتها جائحة «كوفيد– 19».
وعلى عكس ما هو متوقع، على المدى الطويل، يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط المستدام إلى تسريع انتقال الطاقة التقليدية إلى الجديدة، أو المعروفة بـ«النظيفة»، وذلك من خلال جعل مصادر الطاقة المتجددة والكهرباء أكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية، في حين أن هناك ضغطاً دائماً بين الدول المصدرة للنفط لتوجيه المكاسب غير المتوقعة إلى رواتب موظفي القطاع العام والإعانات، وقد تستخدم بعض الحكومات جزءاً من الأرباح المكتشفة حديثاً للاستثمار في الجهود المبذولة لتنويع استثماراتها في مجال الطاقة، لا سيما في مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين. كما تخشى بعض الدول الإقليمية أيضاً أن تفتقر روسيا إلى الموارد اللازمة للحفاظ على دورها في سوريا، مما يترك فراغاً ستملأه القوات الإيرانية؛ خصوصاً إذا تم إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، وخصصت أسعار النفط المرتفعة مزيداً من الأموال في الخزانة الإيرانية.

نقص إمدادات القمح الروسي والسلع الغذائية
وعرض التقرير جوانب من تأثير الأزمة الأوكرانية– الروسية على خطوط الإمداد والسلع الغذائية العالمية، والتي تسيطر على رُبع الصادرات العالمية؛ حيث قفزت أسعار السلع العالمية إلى أرقام كبيرة تصل في زيادتها إلى 80 في المائة، على الرغم من ارتفاعها أساساً منذ بدء الجائحة، وتفشي وباء «كورونا».
كما ارتفعت العقود الآجلة للقمح في باريس بنسبة 16 في المائة، منذ اندلاع الحرب في 24 فبراير، بالإضافة إلى ذلك، قطعت روسيا صادراتها من سماد نترات الأمونيوم، وكذلك عديد من البلدان في الشرق الأوسط معرضة بشكل خاص لارتفاع الأسعار وتعطل الإمدادات.
وعلى سبيل المثال، مصر تعد أكبر مستورد للقمح في العالم، ويأتي عديد من وارداتها من منطقة البحر الأسود. وعلى الرغم من أن الحكومة المصرية حاولت تنويع إمداداتها في الفترة التي سبقت الغزو، فإن علامات نقص الإمدادات واضحة بالفعل، وربما تظهر خلال الأشهر القادمة. كما أن الحكومة المصرية سارعت في إصدار البيانات والتطمينات بأن لديها مخزوناً كافياً من القمح لمدة تزيد عن 6 أشهر. كما تلقت مصر عدداً كبيراً من العطاءات لمناقصة قمح الأسبوع الماضي؛ لكنها ألغت هذا الأسبوع مناقصة بعد تلقيها عرضاً واحداً باهظ الثمن.
وفي أماكن أخرى من شمال أفريقيا، تتزامن الزيادات في الأسعار وانقطاع الإمدادات مع موجات الجفاف الشديدة. وتأتي التحديات الاقتصادية في وقت صعب للرئيس التونسي قيس سعيد الذي يبذل جهوداً متجددة لتوطيد سلطته، بعد إقالة البرلمان الصيف الماضي، والذي يواجه ركوداً اقتصادياً متزايداً.
ويجادل التقرير الذي أصدره مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية، بأن نقص القمح سوف يصيب الدول الهشة في المنطقة بشكل أقوى، فقد قوضت الأزمة الاقتصادية في لبنان بالفعل قدرة سكانه على شراء المواد الغذائية؛ حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 1000 في المائة في أقل من 3 سنوات. ويستورد لبنان القمح لتلبية معظم احتياجاته؛ حيث يأتي 60 في المائة منه من أوكرانيا، والبلاد لديها ما يقرب من شهر من القمح في المخزن. كما أن ليبيا واليمن اللتين تمزقهما الحرب معرضتان بشكل مماثل لنقص القمح.

الاستقطاب السياسي والعسكري في المنطقة
توعد الرئيس بوتين البلدان التي تتدخل في العمليات الروسية في أوكرانيا بـ«عواقب لم ترها من قبل»، إذ إن لدى روسيا خيارات عدة لإلحاق الأذى بالغرب في الشرق الأوسط، رداً على العقوبات. وقد تؤدي التوترات إلى قيام روسيا بدور المفسد في سوريا.
بدوره، حذر القائد الجديد للقيادة المركزية الأميركية، اللفتنانت جنرال مايكل كوريلا، من أن روسيا قد انتهكت بشكل متزايد بروتوكولات عدم التضارب مع الولايات المتحدة في شرق سوريا، في الأشهر الأخيرة.
وإذا تدهورت العلاقات بشكل أكبر، وتجنبت روسيا آليات تفادي الصراع، فسوف يرتفع خطر مواجهة أكثر جدية، وستتاح لروسيا فرصة واضحة لتقويض الغرب في يوليو (تموز) المقبل، عندما يصوّت مجلس الأمن الدولي على تجديد عمليات الأمم المتحدة الإنسانية عبر الحدود، في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غربي سوريا.
وربما يعرّض «الفيتو» الروسي 4 ملايين سوري يعتمدون على المساعدة المنقذة للحياة إلى الخطر. ويزيد الضغط بشكل حاد على تركيا، ويمكن أن يؤدي إلى موجة كبيرة من الهجرة القسرية في شرق البحر الأبيض المتوسط، في الوقت الذي شددت فيه إدارة بايدن على الدبلوماسية الإنسانية. ومن المرجح أن يؤدي استخدام روسيا لحق النقض (الفيتو) إلى القضاء على أي آمال في التعاون الجاد بشأن الملف السوري، بين الولايات المتحدة وروسيا.
وربما تسعى روسيا إلى زيادة الضغط على أوروبا، من خلال تأجيج الصراع في ليبيا، في وقت هش لعملية السلام. وبالمثل، يمكن لروسيا أن تستغل تهديد الهجرة غير النظامية من ليبيا لزعزعة استقرار أوروبا، مثلما تسارع اللاجئين من أوكرانيا. وأخيراً، يمكن لروسيا أن تعقّد الدبلوماسية الدولية بشأن الملف النووي الإيراني. وفي حين أن غزو أوكرانيا لم يعرقل مفاوضات خطة العمل المشتركة الشاملة في فيينا عن مسارها حتى الآن، إلا أن المفاوضات الناجحة ستظل تتطلب عملية تنفيذ دقيقة، ويمكن لروسيا أن تسعى إلى لعب دور «المعطّل».



عطل يضرب تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام»

انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)
انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)
TT

عطل يضرب تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام»

انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)
انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)

أظهر موقع «داون ديتيكتور» الإلكتروني لتتبع الأعطال أن منصتي «فيسبوك» و«إنستغرام» المملوكتين لشركة «ميتا» متعطلتان لدى آلاف من المستخدمين في الولايات المتحدة، اليوم (الأربعاء).

وأبلغ أكثر من 27 ألف شخص عن وجود أعطال في منصة «فيسبوك»، وما يزيد على 28 ألفاً عن وجود أعطال في «إنستغرام»، وبدأ العطل في نحو الساعة 12:50 مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة.

وذكر موقع «داون ديتيكتور» أن «واتساب»، تطبيق التراسل المملوك لـ«ميتا»، توقف عن العمل أيضاً لدى أكثر من ألف مستخدم. وتستند أرقام «داون ديتيكتور» إلى بلاغات مقدمة من مستخدمين.

وربما يتفاوت العدد الفعلي للمستخدمين المتأثرين بالأعطال. وقالت «ميتا» إنها على علم بالمشكلة التقنية التي تؤثر في قدرة المستخدمين على الوصول إلى تطبيقاتها. وذكرت في منشور على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»: «نعمل على إعادة الأمور إلى طبيعتها بأسرع ما يمكن ونعتذر عن أي إزعاج».

وكتب بعض مستخدمي «فيسبوك» و«إنستغرام» على منصة «إكس» منشورات تفيد بمواجهتهم عطلاً يعرض لهم رسالة «حدث خطأ ما»، وأن «ميتا» تعمل على إصلاح العطل. وأدّت مشكلة تقنية في وقت سابق من العام الحالي إلى عطل أثّر في مئات الألوف من مستخدمي «فيسبوك» و«إنستغرام» عالمياً. وواجهت المنصتان عطلاً آخر في أكتوبر (تشرين الأول)، لكنهما عادتا إلى العمل إلى حدّ كبير في غضون ساعة.