«لجان المقاومة» السودانية تقترح ميثاقاً لتوحيد «قوى الثورة»

قدمت رؤية اقتصادية لرفع معاناة المواطنين

متظاهرون سودانيون في الخرطوم أول من أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون سودانيون في الخرطوم أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

«لجان المقاومة» السودانية تقترح ميثاقاً لتوحيد «قوى الثورة»

متظاهرون سودانيون في الخرطوم أول من أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون سودانيون في الخرطوم أول من أمس (أ.ف.ب)

قدمت تنظيمات شعبية في السودان مقترحاً لتوحيد القوى الوطنية أطلقت عليه «ميثاق تأسيس سلطة الشعب»، ويهدف لتوحيد ما أطلقت عليها «قوى المقاومة الثورية»، على إقامة دولة مدنية وديمقراطية، تحفظ حقوق المواطنين، وترفض شرعنة السلطة العسكرية، وإعادة هيكلة وإصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية.
وقال متحدثون باسم لجان المقاومة في مؤتمر صحافي عقد في الخرطوم أمس، إن الميثاق يهدف لوضع حد «للانقلابات العسكرية» ودورها في تشكيل ملامح المشهد السياسي في السودان، وأضافوا: «الانقلابات العسكرية حالت دون تأسيس دولة وطنية ديمقراطية».
وقطع الميثاق برفض الشراكة مع ما أطلق عليها «القوى المضادة للثورة»، وإبعادها عن الحياة السياسية، ورفض شرعنة الشموليات، وعدم المساومة على حق الشعب في الحياة، وتحقيقها عبر الضغط الشعبي المدني، بانتهاج العمل السلمي المجرب والمبتكر، باستنهاض الحركة الجماهيرية.
كما نص الميثاق الذي زودت «الشرق الأوسط» بنسخة على: «إسقاط انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول)، ومحاسبة الضالعين فيه من القوى المدنية والعسكرية، وإلغاء الوثيقة الدستورية، ومراجعة الاتفاقات والمراسيم المبرمة منذ 11 أبريل (نيسان) 2019، ورفض أي دعوات للتفاوض المباشر وغير المباشر معهم».
واقترحت لجان المقاومة صياغة دستور انتقالي، تتحدد بموجبه هياكل الحكم وأهداف الثورة، بما يسهم في إنجاز مهام التغيير في فترة قدرها عامان، بما في ذلك تسمية رئيس وزراء انتقالي «من الكفاءات الوطنية المستقلة المنحازة للثورة بالتوافق بين القوى الموقعة على الميثاق».
ورأت أهمية تشكيل مجلس تشريعي انتقالي من قوى الثورة، يتم الالتزام فيه باحترام التعدد الثقافي والنوعي والإثني، يتم تشكيله وفقاً للآليات المتوافق عليها، إضافة لمجالس تشريعية وولائية تتكون بذات الآليات، فضلاً عن تكوين 11 مفوضية مستقلة، من بينها مفوضية العدالة الانتقالية ومفوضية العدالة الانتقالية والحدود والفساد وإصلاح القطاع الأمني والعسكري، وغيرها.
واشترط الميثاق الذي قدم أمس، اتباع نظام حكم فدرالي «يعزز خيارات الوحدة ويضمن التوزيع العادل للثروة والسلطة، وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية»، كما دعا لإعمال مبدأ العدالة الانتقالية والجنائية، بما يضمن انتقالاً سياسياً مكتملاً يخاطب: «كل رصيد الغبن والمرارات وقطع الطريق على فظائع وانتهاكات المستقبل، وتشكيل حائط صد وردع حقيقي لكل من يفكر في سفك الدماء، وممارسة القهر والتعذيب والتنكيل، والانتهاكات لحق الشعب في المستقبل».
ونص الميثاق على ضمان المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، بتكوين محاكم ونيابات متخصصة تعمل على محاسبة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب في عهد الإنقاذ وبعد الحادي عشر من أبريل، وجريمة فض الاعتصامات، و«جرائم ما بعد الخامس والعشرين من أكتوبر 2021. وربط قضية العدالة الانتقالية بعمليات السلام والسلطة القضائية والعدلية وإعادة هيكلتها وإصلاح وهيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية».
ودعا الميثاق إلى إعادة بناء جهاز المخابرات العامة، وقصر مهامه على جمع المعلومات وتصنيفها وتحليلها وتقديمها للجهات المعنية، وإعادة إصلاح الشرطة وضمان مهنيتها واستقلاليتها، وإعادة هيكلة القوات المسلحة، وتكوين جيش وطني موحد، بعقيدة عسكرية تقوم على حماية الوطن والمواطن والدستور، وحل الميليشيات والحركات المسلحة، وإعادة دمجها وتأهيلها لإدخالها في القوات المسلحة، وتكوين مفوضية إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية.
ويقترح الميثاق رؤية اقتصادية تقوم على الاقتصاد التنموي، بما يرفع المعاناة عن المواطنين، ويعالج الضائقة الاقتصادية، وبناء نظام اقتصادي يقوم على دولة الرعاية، يوازن بين الدين العام ومرجعيات التفاوض مع المؤسسات المالية الدولية، وبين برامج التنمية الاقتصادية وحشد الموارد الداخلية، وفرض ولاية وزارة المالية على المال العام، ووقف التجنيب، وتخضع بموجبه الاستثمارات لولاية الوزارة، وتراجع فيه الاتفاقات الاقتصادية الموقعة. واعتبر الميثاق محاسبة الفساد واسترداد الأموال العامة والأصول المنهوبة، تكوين مفوضية للفساد والأموال المنهوبة، وانتهاج سياسية خارجية تقوم على الندية والمصالح المشتركة والاستقلال عن صراعات المحاور، مبادئ مهمة من مبادئ الحكم في البلاد.
بما يشكل «دولة وطنية ديمقراطية تقوم على المواطنة، وصيانة حقوق المرأة، وتمثيل الشباب في جميع المجالات».
وأعلنت لجان المقاومة طرح الميثاق المقدم منها للنقاش والتطوير والتوقيع من تنسيقيات لجان المقاومة في الخرطوم والولايات والتنظيمات المهنية والنقابية والمطلبية والنسوية وتنظيمات النازحين والتنظيمات السياسية وغيرها.
واستثنى من التوقيع عليه، «كل القوى التي شاركت الإنقاذ حتى سقوطها، والقوى الأخرى المشاركة»، كما اشترط على القوى المدنية والسياسية التي «قبلت وشاركت في التفاوض مع اللجنة الأمنية لنظام الإنقاذ، تقديم تقييم موضوعي للتجربة التي قادت إلى إنتاج الشراكة، والاعتذار الجماهيري عن الأخطاء التي نتجت عنها».
ونشأت لجان المقاومة السودانية كتنظيمات شعبية إبان معارضة نظام الإسلاميين، ولعبت دوراً بارزاً في تحشيد الشعب لإسقاطه بالثورة الشعبية، ولاحقاً لعبت دوراً كبيراً في الحشد المعارض للإجراءات العسكرية التي اتخذها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021، واعتبرتها انقلاباً عسكرياً.
ومنذ ذلك التاريخ ظلت لجان المقاومة تقود وتنظم الاحتجاجات والمواكب المناهضة للحكومة العسكرية، والمطالبة بإلغاء حالة الطوارئ، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والثأر للشهداء، وواجهت العنف المفرط الذي استخدمته السلطة ضد المحتجين، وأدى لمقتل 83 وإصابة أكثر من ألفين منذ أكتوبر الماضي.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».