تحليل: قرار فصل بنوك روسية عن شبكة سويفت «ضربة مدمرة» لموسكو

شعار «سويفت» مع أعلام الاتحاد الأوروبي وروسيا (رويترز)
شعار «سويفت» مع أعلام الاتحاد الأوروبي وروسيا (رويترز)
TT

تحليل: قرار فصل بنوك روسية عن شبكة سويفت «ضربة مدمرة» لموسكو

شعار «سويفت» مع أعلام الاتحاد الأوروبي وروسيا (رويترز)
شعار «سويفت» مع أعلام الاتحاد الأوروبي وروسيا (رويترز)

من شأن القرار الذي أصدره الحلفاء الغربيون أمس (السبت)، فصل مجموعة «مختارة» من البنوك الروسية عن شبكة «سويفت» للمدفوعات الدولية أن يوجه لطمة اقتصادية معوقة إلى روسيا لكنه سيُلحق أذى كبيراً بشركاتهم وبنوكهم في الوقت نفسه.
ويترك القرار المجال مفتوحاً أيضاً أمام الحلفاء لأخذ خطوات أخرى.
وتمثل جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت) شبكة مؤمّنة للتراسل لضمان المدفوعات السريعة عبر الحدود وقد أصبحت آلية أساسية لتمويل التجارة العالمية.
وستجد البنوك الروسية المحرومة من الاستفادة من شبكة «سويفت» صعوبة في التواصل مع البنوك الأخرى على المستوى الدولي حتى في دول صديقة مثل الصين، مما سيؤدي إلى إبطاء حركة التجارة ويزيد من كلفة المعاملات.
غير أن الحلفاء الذين توعدوا أيضاً بفرض قيود على البنك المركزي الروسي للحد من قدرته على دعم الروبل لم يعلنوا حتى الآن أسماء البنوك المستهدفة. وقال خبراء في العقوبات وخبراء مصرفيون إن ذلك يمثل خطوة حاسمة لقياس أثر القرار، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.
وقال إدوارد فيشمان، خبير العقوبات الاقتصادية في مركز أورآسيا بمجلس الأطلسي، في تغريدة على «تويتر» إنه إذا شملت العقوبات أكبر بنوك روسيا مثل «سبير بنك» و«في تي بي» و«غازبروم بنك» فسيكون أثرها «هائلاً جداً».
وسبق أن قال «سبير بنك» و«في تي بي» إنهما مستعدان لأي تطورات.
وقال خبير إن قرار استبعاد بعض البنوك من شبكة «سويفت» وليس كلها قد يدفع بعض الكيانات الروسية إلى التحول لبنوك ومؤسسات كبرى متعددة الجنسيات غير خاضعة للعقوبات.
ومثل هذا التحول قد يسبب مشكلة للبنوك العالمية.
وقال كيم مانشستر الذي تقدم شركته برامج تدريب على الاستخبارات المالية للمؤسسات: «هو فعلاً خنجر في قلب البنوك الروسية».

* ضربة مدمرة
قال سيرغي أليكساشينكو، نائب الرئيس السابق للبنك المركزي الروسي الذي يعيش الآن في الولايات المتحدة، إنه من المرجح أن تضر العقوبات بالروبل الروسي بشدة عندما تفتح الأسواق يوم الاثنين، بما يؤدي لاختفاء كثير من الواردات المتجهة إلى روسيا.
وأضاف: «هذه هي النهاية لشطر رئيسي من الاقتصاد. فنصف السوق الاستهلاكية سيختفي».
لكن من الممكن التخفيف من حدة التداعيات إذا اقتصرت البنوك المعنية على البنوك المفروض عليها عقوبات بالفعل وأتيح للبنك المركزي الروسي وقتاً لنقل أصول لجهات أخرى، حسبما قال مصرفي روسي كبير سابق اشترط عدم نشر اسمه.

مظاهرة في فيينا تطالب بمعاقبة روسيا وفصلها من شبكة «سويفت» للمدفوعات الدولية (أ.ف.ب)

وقد استهدفت العقوبات الأميركية السابقة في عدد محدود من البنوك الروسية بما فيها «سبير بنك» و«في تي بي»، القسم الأكبر من تعاملات يومية في الصرف الأجنبي قيمتها نحو 45 مليار دولار تنفذها مؤسسات مالية روسية. واستهدفت تلك العقوبات نحو 80% من كل الأرصدة المصرفية في روسيا.
وبديلاً لشبكة «سويفت» أنشأت روسيا شبكة خاصة بها اسمها نظام نقل المراسلات المالية.
ويقول البنك المركزي إن عدد المراسلات على هذه الشبكة بلغ نحو مليونين في 2020 أي نحو خُمس حركة التراسل الداخلية الروسية، ويستهدف البنك المركزي رفع النسبة إلى 30% في 2023.
غير أن الشبكة الروسية التي تقيّد عدد المراسلات وتعمل في أيام العمل الأسبوعية فقط واجهت صعوبة في ضم أعضاء أجانب إليها.

* «سلاح نووي مالي»
خلال الأيام القليلة الماضية وبينما كانت أوكرانيا تحث الدول الغربية على استبعاد روسيا من شبكة «سويفت» وأيّدتها دول مثل بريطانيا كانت دول أخرى مثل ألمانيا تشعر بالقلق من التداعيات المحتملة على اقتصادها وشركاتها.
ويوم الجمعة قال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير، إن الاستبعاد من سويفت «سلاح نووي مالي».
وقال للصحافيين: «عندما يكون في يديك سلاح نووي تمعن في التفكير قبل استخدامه».
غير أن التيار تحوّل مع هجوم القوات الروسية على كييف وتبدد الآمال في حل دبلوماسي.
وفي وقت سابق أمس (السبت)، خففت ألمانيا التي تملك أكبر تدفقات تجارية من الاتحاد الأوروبي مع روسيا موقفها، وأشارت إلى أنها تبحث عن وسيلة لإخراج روسيا من شبكة «سويفت» وفي الوقت نفسه تحاول تقليل الأضرار الجانبية.
وقال مانشستر المتخصص في التدريب على الاستخبارات المالية، إن الحظر سيجبر البنوك الروسية على مزيد من الابتكار في التواصل مع النظام المالي.
فمن الممكن أن تصبح المؤسسات متعددة الجنسيات التي لها عمليات ضخمة في العملات والبنوك المتصلة بشبكة «سويفت»، المراكز الجديدة للتعاملات المالية من روسيا مع الخارج.



انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا يزيد الضغوط على الاقتصاد

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
TT

انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا يزيد الضغوط على الاقتصاد

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)

من المتوقع أن يؤدي انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا إلى زيادة معاناة الاقتصاد في الأشهر القادمة. ورغم ذلك، هناك بصيص أمل في إمكانية تشكيل حكومة جديدة أقل تشتتاً قادرة على تقديم سياسات أكثر انسجاماً قد تعيد الزخم للاقتصاد الألماني.

وجاء هذا الانهيار في وقت بالغ الحساسية بالنسبة للاقتصاد الأكبر في أوروبا، بعد ساعات فقط من فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، مما أثار احتمالية نشوب حرب تجارية بين الولايات المتحدة وألمانيا، وهو ما يزيد القلق على مستوى السوق العالمية، وفق «رويترز».

أزمة داخلية تزيد من الضغط الاقتصادي

ويوم الأربعاء، أقال المستشار أولاف شولتز وزير المالية، مما يمهد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة بعد شهور من المشاحنات داخل ائتلافه المكون من ثلاثة أحزاب، ما أثر سلباً على الثقة في الاقتصاد الذي يعاني من ارتفاع تكاليف الطاقة وتآكل القدرة التنافسية.

ويُتوقع أن ينكمش الاقتصاد الألماني للسنة الثانية على التوالي في 2024، مما يجعله الأسوأ أداءً بين اقتصادات مجموعة السبع الكبرى. كما يُحتمل أن يتسبب انهيار الائتلاف في مزيد من الضرر للاستهلاك والاستثمار في الأشهر القادمة التي من المتوقع أن تشهد تراجعاً، حيث أشار ثلث الشركات الألمانية في استطلاع حديث إلى خطط لتقليص الإنفاق.

وقال رئيس الاقتصاد الكلي في بنك «آي إن جي»، كارستن برزيكي: «بالإضافة إلى فوز ترمب، من المرجح أن تتراجع الثقة الاقتصادية بشكل كبير، مما يجعل الانكماش في الربع الرابع أكثر احتمالاً». لكنه أشار إلى أن هناك أيضاً إمكانية للحصول على دفعة جديدة إذا تم تشكيل حكومة أكثر استقراراً.

وأوضح برزيكي أنه مع اقتراب الانتخابات في مارس (آذار)، يُتوقع أن تكون الحكومة الجديدة قادرة على إنهاء حالة الركود الاقتصادي وتقديم توجيه سياسي اقتصادي أكثر وضوحاً. ويخطط شولتز لإجراء تصويت على الثقة في حكومته في 15 يناير (كانون الثاني)، ما قد يؤدي إلى انتخابات مبكرة في نهاية مارس. وحتى ذلك الحين، من المتوقع أن يرأس حكومة أقلية تضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر، مع الاعتماد على تحالفات مؤقتة في البرلمان لتمرير التشريعات.

وهناك مَن يرى أنه يمكن لحكومة جديدة أن تمنح الاقتصاد بعض الزخم. وقال كبير الاقتصاديين في بنك «بيرنبرغ»، هولغر شميدينغ: «بمجرد أن تستقر الأوضاع ويستلم الحكومة الجديدة التي تحمل أجندة جديدة زمام الأمور بعد الانتخابات المبكرة، من المحتمل أن يكون التأثير إيجابياً».

وقد يسمح رحيل وزير المالية كريستيان ليندنر بتخصيص مزيد من الأموال لدعم الاقتصاد الضعيف. وكان ليندنر، من الحزب الديمقراطي الحر، يعارض خطط شولتز لتعليق «فرامل الديون» التي تحد من الدين العام.

وبحسب شولتز، فإن ألمانيا لديها مجال كافٍ للإنفاق دون التأثير على صحة ماليتها العامة. وقال: «من بين جميع الديمقراطيات الاقتصادية الكبرى، لدينا أقل دين بنسبة بعيدة». وأضاف: «هناك حلول لكيفية تمويل مؤسساتنا العامة ومسؤولياتنا بشكل سليم».

ترمب يشكل تهديداً إضافياً للاقتصاد

الأزمة الداخلية في ألمانيا تتزامن مع وصول ترمب إلى البيت الأبيض مجدداً، مما يضيف مزيداً من الضغط على الاقتصاد الألماني. فقد أشار تقرير صادر عن معهد الاقتصاد الألماني «آي دبليو» إلى أن فرض إدارة ترمب رسوماً جمركية بنسبة 20 في المائة على السلع الأوروبية، كما ألمح خلال حملته الانتخابية، قد يتسبب في تقلص الاقتصاد الألماني المعتمد على الصادرات بنسبة تصل إلى 1.5 في المائة بحلول عامي 2027 و2028.

وتشير التوقعات الحالية إلى أن الاقتصاد الألماني في طريقه إلى الركود أو مزيد من الانكماش في العام المقبل، ما يجعله يشهد أطول فترة من دون نمو اقتصادي منذ إعادة توحيد ألمانيا في عام 1990.