أميركا تطلب جلسة طارئة لمجلس الأمن اليوم لنقل {ملف الغزو} إلى الجمعية العامة

المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا ممارساً حق النقض ضد مشروع القرار الأميركي في مجلس الأمن (أ.ب)
المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا ممارساً حق النقض ضد مشروع القرار الأميركي في مجلس الأمن (أ.ب)
TT

أميركا تطلب جلسة طارئة لمجلس الأمن اليوم لنقل {ملف الغزو} إلى الجمعية العامة

المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا ممارساً حق النقض ضد مشروع القرار الأميركي في مجلس الأمن (أ.ب)
المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا ممارساً حق النقض ضد مشروع القرار الأميركي في مجلس الأمن (أ.ب)

طلبت الولايات المتحدة وألبانيا أمس السبت عقد جلسة طارئة جديدة لمجلس الأمن بعد ظهر اليوم الأحد للتصويت على قرار بنقل ملف الغزو الروسي لأوكرانيا الى الجمعية العامة للأمم المتحدة لعقد جلسة طارئة استثنائية تحت بند «الاتحاد من أجل السلام».
وتوقع دبلوماسيون تمرير هذا القرار لأنه يحتاج الى تسعة أصوات من الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن. وبسبب الطابع الإجرائي لهذه الخطوة، لا يمكن لأي دولة استخدام حق النقض الفيتو، وبالتالي لن تتمكن روسيا من إسقاط هذا القرار.
وقال دبلوماسيون لـ {الشرق الأوسط» إنه بعد التصويت، يمكن فتح هذه الدورة الاستثنائية للجمعية العامة في غضون 24 ساعة وتقديم قرار سيكون ملزماً لكل الدول الأعضاء في المنظمة الدولية، بما في ذلك روسيا.
وجاءت هذه الخطوة غداة استخدام روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لمنع إصدار قرار يطالبها بوقف الحرب وسحب قواتها فوراً من أوكرانيا.
وبدأت الجهود الغربية لعقد جلسة للجمعية العامة تظهر حتى قبل التصويت والفيتو الذي كان متوقعاً أن تستخدمه روسيا خلال الجلسة التي عقدها مجلس الأمن، وهو برئاسة روسيا خلال فبراير (شباط) الجاري، ليل الجمعة بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة. وبعد تأجيل للموعد مرتين في إطار جهود اللحظات الأخيرة التي دفعت المفاوضين إلى إدخال تعديلات على مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة وألبانيا أملاً في الحصول على أكبر دعم ممكن من الدول المترددة، بالإضافة إلى فرض المزيد من العزلة على روسيا، وبعدما استجاب المفاوضون الغربيون لبعض المطالب المهمة، أزيلت العبارة التي تشير إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ما دفع الصين إلى الانضمام للهند والإمارات العربية المتحدة في الامتناع عن التصويت على القرار، فحظي بتأييد 11 دولة هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والنرويج وألبانيا وإيرلندا وغانا وكينيا والغابون والمكسيك والبرازيل.
وبالإضافة إلى الانتقادات اللاذعة من مندوبي الدول الـ15 الأعضاء لروسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، شهدت جلسة التصويت مشاحنات بين المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا ونظيره الأوكراني سيرغي كيسليتسيا الذي كرر مطالبته بعدم مشاركة روسيا في التصويت على القرارات الخاصة بأوكرانيا لأنها الطرف الرئيسي المعني بها. وهذا طبعاً لم يحصل، لكنه كان بذلك يمهد بذهاب إلى الجمعية العامة استجابة لطلب تقدم به سابقاً من أجل فتح دورة طارئة استثنائية.
- نص القرار
وبعدما أزال المفاوضون الإشارة إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة وغيرها من الإجراءات القهرية لتنفيذ قراراته، نصت الصيغة النهائية لمشروع القرار على تأكيد مجلس الأمن «التزامه سيادة أوكرانيا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها داخل حدودها المعترف بها دولياً»، مع التنديد بـ«أشد العبارات بعدوان الاتحاد الروسي على أوكرانيا»، ما يعد «انتهاكاً للفقرة الرابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة». ويطالب روسيا بأن «توقف على الفور استخدام القوة ضد أوكرانيا، والامتناع عن أي تهديد آخر غير قانوني أو استخدام القوة ضد أي دولة عضو في الأمم المتحدة». وكذلك يطالب الاتحاد الروسي بأن «يسحب على الفور وبشكل كامل وغير مشروط جميع قواته العسكرية من أراضي أوكرانيا داخل حدودها المعترف بها دولياً».
ويندد النص بـقرار روسيا في 21 فبراير 2022 فيما يخص وضع مناطق معينة من منطقتي دونيتسك ولوغانسك في أوكرانيا «باعتباره انتهاكاً لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها»، فضلاً عن أنه «غير متسق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة»، مقرراً أنه «على الاتحاد الروسي أن يلغي فوراً ومن دون قيد أو شرط القرار المتعلق بوضع مناطق معينة في منطقتي دونيتسك ولوهانسك في أوكرانيا». ويدعو الأطراف إلى «التزام اتفاقات مينسك والعمل بشكل بناء في الأطر الدولية ذات الصلة، بما في ذلك صيغة نورماندي ومجموعة الاتصال الثلاثية، من أجل تنفيذها بشكل كامل». ويدعو كل الأطراف إلى «السماح وتسهيل الوصول السريع والآمن ومن دون عوائق للمساعدة الإنسانية للمحتاجين في أوكرانيا، ولحماية المدنيين، وبينهم العاملون في المجال الإنساني والأشخاص في حالات الضعف، بمن في ذلك الأطفال».
ويندد المشروع بـ«كل انتهاكات القانون الإنساني الدولي وتجاوزات حقوق الإنسان». ويرحب بالجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا والمنظمات الدولية والإقليمية الأخرى، داعياً إلى «دعم وقف تصعيد الوضع الحالي».
- مواقف… ومشادات
وبعد استخدام روسيا الفيتو، توالى ممثلو الدول الأعضاء على الكلام. خاطبت المندوبة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد نظيرها الروسي وأعضاء المجلس، قائلة: «روسيا، يمكنكِ استخدام حق النقض ضد هذا القرار، لكن لا يمكنك استخدام حق النقض ضد أصواتنا. لا يمكنك نقض الحقيقة. لا يمكنك نقض مبادئنا. لا يمكنك نقض الشعب الأوكراني. لا يمكنك نقض ميثاق الأمم المتحدة. ولن تنقضي المساءلة»، مضيفة: «نحن متحدون خلف أوكرانيا وشعبها، على الرغم من أن عضواً دائماً متهوراً وغير مسؤول في مجلس الأمن يسيء استخدام سلطته لمهاجمة جارته وتخريب الأمم المتحدة ونظامنا الدولي». ووعدت بنقل هذه المسألة إلى الجمعية العامة «حيث لا ينطبق الفيتو الروسي، وحيث يمكن لدول العالم، بل يجب عليها، أن تحاسب روسيا».
كذلك قال المندوب الفرنسي نيكولا دو ريفيير إن «نتيجة تصويت اليوم واضحة: روسيا باتت معزولة»، مضيفاً أن «روسيا تدوس على مسؤولياتها كعضو دائم في مجلس الأمن. وتستغل ميثاق الأمم المتحدة لانتهاك مبادئه الأساسية». وأكد أن بلاده ستواصل مع شركائها دعم أوكرانيا والشعب الأوكراني داخل الأمم المتحدة وفي جميع المنتديات.
أما المندوب الروسي فقال: «نحن لسنا في حال حرب مع أوكرانيا» بل «نقوم بعملية عسكرية خاصة ضد القوميين لحماية سكان دونباس»، مضيفاً أنه «سيجري الانتهاء قريباً بما فيه الكفاية وسيتمكن الشعب الأوكراني مرة أخرى من تقرير مصيره بشكل مستقل بينما يعيش في سلام وتعاون مع الجيران».
وفي المقابل، طلب المندوب الأوكراني من أعضاء المجلس تخصيص دقيقة صمت للصلاة على أرواح أولئك الذين قُتلوا في بلاده. وقال: «كما أدعو السفير الروسي للصلاة من أجل الخلاص». ورد نيبينزيا بأنه يرغب أيضاً في إضافة «كل من قضى خلال السنوات الماضية في دونباس».
وبعد دقيقة الصمت، وصف السفير الأوكراني الهجمات الروسية بأنها «انتهاكات وجرائم حرب»، لكنه كرر أن كييف «منفتحة على المفاوضات»، نافياً ما تردد بأن بلاده لا ترغب في الحوار. وطلب مجدداً فتح «دورة استثنائية طارئة» للجمعية العامة عملاً بالقرار 377 الذي اتخذ في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 1950 بموجب بند «الاتحاد من أجل السلام». ويجيز القرار للجمعية العامة أن تعقد «دورة استثنائية طارئة» في غضون 24 ساعة «إذا بدا أن هناك تهديداً للسلام أو خرقاً للسلام أو أن هناك عملاً من أعمال العدوان، ولم يتمكن مجلس الأمن من التصرف بسبب تصويت سلبي من جانب عضو دائم، حيث يمكنها أن تنظر في المسألة على الفور من أجل إصدار توصيات إلى الأعضاء باتخاذ تدابير جماعية لصون أو إعادة السلام والأمن الدوليين».
ويمكن تحريك هذا الإجراء إما بقرار يتخذه مجلس الأمن أو بتصويت بغالبية الثلثين من الأعضاء الـ193 في الجمعية العامة. وكان لهذا القرار دور بارز في الإجراءات التي اتخذت لوقف الحرب الكورية بدءاً من عام 1953.
وفي هذا السياق، تبدأ في مطلع الأسبوع جهود إضافية ليس فقط مع رئاسة الإمارات العربية المتحدة لمجلس الأمن خلال الشهر المقبل، بل أيضاً بالتوجه إلى الجمعية العامة قريباً من أجل إجراء مناقشات جديدة حول غزو روسيا لأوكرانيا، في وقت لا تزال فيه المشاورات جارية حيال الصيغة التي ستعقد فيها هذه الجلسة.
ولم يكن من الواضح على الفور ما إذا كانت الجمعية العامة ستتمكن من المضي في هذا التوجه، علماً بأنها ستصوت قريباً على قرار خاص بأوكرانيا.


مقالات ذات صلة

خبراء: القصف الإسرائيلي ضد مواقع عسكرية سورية يتعارض مع القانون الدولي

المشرق العربي قوات إسرائيلية تتحرك داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا في مرتفعات الجولان (إ.ب.أ)

خبراء: القصف الإسرائيلي ضد مواقع عسكرية سورية يتعارض مع القانون الدولي

أكّد خبراء أمميون، أمس (الأربعاء)، أنّ الغارات الجوية التي شنّتها إسرائيل ضدّ مواقع عسكرية سورية أخيراً تتعارض مع القانون الدولي.

«الشرق الأوسط» (جنيف- دمشق)
العالم من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة يوم الأربعاء لصالح المطالبة بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار بين إسرائيل ومقاتلي حركة المقاومة الإسلامية.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

فيصل بن فرحان يناقش المستجدات السورية مع بيدرسون

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع غير بيدرسون المبعوث الأممي إلى سوريا، مستجدات الأوضاع السورية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي غزيون يسيرون بين أنقاض المباني المنهارة والمتضررة على طول شارع في مدينة غزة (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تطلب أكثر من 4 مليارات دولار لمساعدة غزة والضفة في 2025

طلبت الأمم المتحدة اليوم الأربعاء، أكثر من أربعة مليارات دولار لتقديم مساعدات إنسانية لثلاثة ملايين شخص في الأراضي الفلسطينية المحتلة العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يحضر مؤتمراً صحافياً في بريتوريا، جنوب أفريقيا، 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

غوتيريش: نرى بارقة أمل من نهاية الديكتاتورية في سوريا

قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اليوم (الأربعاء)، خلال زيارة إلى جنوب أفريقيا، أن هناك بارقة أمل من نهاية الديكتاتورية في سوريا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.