القاهرة تدعو رعاياها في أوكرانيا للابتعاد عن أماكن الاشتباكات

الوزيرة نبيلة مكرم خلال اجتماع عبر «الإنترنت» مع ممثلين عن الجالية المصرية بأوكرانيا (الهجرة المصرية)
الوزيرة نبيلة مكرم خلال اجتماع عبر «الإنترنت» مع ممثلين عن الجالية المصرية بأوكرانيا (الهجرة المصرية)
TT

القاهرة تدعو رعاياها في أوكرانيا للابتعاد عن أماكن الاشتباكات

الوزيرة نبيلة مكرم خلال اجتماع عبر «الإنترنت» مع ممثلين عن الجالية المصرية بأوكرانيا (الهجرة المصرية)
الوزيرة نبيلة مكرم خلال اجتماع عبر «الإنترنت» مع ممثلين عن الجالية المصرية بأوكرانيا (الهجرة المصرية)

أكدت مصر «حصر احتياجات رعاياها في أوكرانيا بشكل مستمر»، ودعتهم لـ«الابتعاد عن أماكن الاشتباكات في الشرق والجنوب». فيما شددت وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، نبيلة مكرم، أمس، على «عدم الانسياق خلف الأخبار غير الموثوقة، التي تروج خلال هذه المرحلة، والاعتماد فقط عن البيانات الصادرة عن الجهات الحكومية المصرية، وفي مقدمتها السفارة المصرية في كييف، حرصاً على سلامة جميع المصريين في أوكرانيا».
جاء ذلك خلال اجتماع وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج عبر «الإنترنت» مع ممثلين عن الجالية المصرية بأوكرانيا، ضمّ عدداً من الطلبة المصريين الموجودين في مختلف المدن الأوكرانية، قصد متابعة المستجدات كافة، والاطمئنان على أوضاعهم، في ضوء تطورات الوضع بالأزمة الروسية - الأوكرانية.
ووفق إفادة لوزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، أمس، فقد وجهت الوزيرة مكرم المصريين في أوكرانيا بـ«التزام الأماكن الموجودين بها وعدم المغادرة، خاصة في المناطق الواقعة في الشرق والجنوب التي تشهد اشتباكات». وقالت إنه «على المصريين، القادرين على المغادرة في اتجاه دولتي رومانيا وبولندا، ضرورة إبلاغ السفارة المصرية في كييف أولاً، وكذلك التواصل بشكل فوري مع سفارة مصر في الدولتين، حتى تتم مخاطبة السلطات المعنية هناك».
وأكدت الوزيرة مكرم على «سلامة المصريين في المقام الأول في ظل الظروف الحالية»، مشيرة إلى أن «وزارة الهجرة تتلقى جميع الاستفسارات والأوراق الخاصة بالطلبة المصريين عبر البريد الإلكتروني، ونقل موقفهم بشكل تفصيلي لوزارة التعليم العالي المصرية، لبحث الموقف واتخاذ ما ترتئيه من إجراءات حيال ذلك»، موضحة أن «هناك متابعة مستمرة لتطورات الأوضاع، وحصر جميع احتياجات الجالية المصرية في مختلف المدن بشكل مستمر، ورفع جميع المستجدات، والتطورات الخاصة بالمصريين في أوكرانيا إلى أجهزة الدولة المعنية في مصر».
كما قدمت الوزيرة المصرية الشكر إلى رئيس الجالية المصرية في أوكرانيا، علي فاروق، وممثل مركز وزارة الهجرة للحوار لشباب الدارسين بالخارج في أوكرانيا، خالد محمد، على «جهدهما المبذول خلال الأيام الماضية، وتواصلهما بشكل دائم مع مختلف المصريين هناك، وتلبية احتياجات الجالية والطلبة المصريين هناك».
في غضون ذلك، أكدت السفارة المصرية في كييف، أمس، أن «الاشتباكات العسكرية الجارية لا تسمح بالتحرك من المدن، لأن الطرق غير آمنة». وناشدت، مجدداً، عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، جميع المواطنين المصريين الموجودين بأوكرانيا، خاصة في المناطق الشرقية في خاركيف وخارسون دنيبرو، «الالتزام بتعليمات السفارة».
وكانت السفارة قد دعت أبناء الجالية المصرية الموجودين في أوكرانيا، الراغبين في التوجه لرومانيا، موافاة السفارة في كييف ببياناتهم، وكذلك النقطة الحدودية التي سيتوجهون إليها، مؤكدة أن «السلطات الرومانية أصدرت فيما يتعلق بالإجراءات الاحترازية المتعلقة بجائحة (كورونا)، قراراً مساء أول من أمس، بإعفاء القادمين براً من أوكرانيا إلى رومانيا من الحجر الصحي لمدة 5 أيام». فيما أكدت السلطات الرومانية، من جانبها، «إمكانية منح تأشيرات دخول مؤقتة لمدة 15 يوماً عند نقاط دخول معينة».
وفي إفادة للسفارة المصرية في كييف أمس، فقد «تم التنسيق مع السفارة المصرية في سلوفاكيا، ويمكن دخول الحدود السلوفاكية من دون تأشيرة».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.