القاهرة تتمسك باتفاق «قانوني وعادل» مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة»

وزارة الري قالت إن المفاوضات «متجمدة» بسبب «التعنت» الإثيوبي

وزير الري المصري خلال لقائه مع عدد من الصحافيين والإعلاميين في القاهرة (الحكومة المصرية)
وزير الري المصري خلال لقائه مع عدد من الصحافيين والإعلاميين في القاهرة (الحكومة المصرية)
TT

القاهرة تتمسك باتفاق «قانوني وعادل» مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة»

وزير الري المصري خلال لقائه مع عدد من الصحافيين والإعلاميين في القاهرة (الحكومة المصرية)
وزير الري المصري خلال لقائه مع عدد من الصحافيين والإعلاميين في القاهرة (الحكومة المصرية)

جددت مصر أمس تأكيدها على «ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني وعادل وملزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي».
وقال وزير الري المصري، محمد عبد العاطي، إن «المفاوضات متجمدة في الوقت الحالي بسبب التعنت الإثيوبي»، مشيراً إلى أن «ملف سد النهضة هو ملف الدولة المصرية بمؤسساتها المختلفة».
وبدأت أديس أبابا الأسبوع الماضي تشغيلاً «محدوداً» لتوربين بـ«السد»، كمرحلة أولى لإنتاج الكهرباء، وهو ما اعتبرته القاهرة والخرطوم «إمعاناً من الجانب الإثيوبي في خرق التزاماته، واستمراراً لسياسة أديس أبابا في العمل بشكل أحادي».
وتطالب مصر والسودان، دولتا مصب نهر النيل، إثيوبيا، بـ«الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات أحادية فيما يتعلق بملء بحيرة السد، أو التشغيل، قبيل إبرام اتفاقية قانونية ملزمة» تضمن لهما الحد من التأثيرات السلبية المتوقعة للسد، وهو ما فشلت فيه المفاوضات الثلاثية، والممتدة بشكل متقطع منذ 10 سنوات.
والتقى وزير الري المصري، أمس، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر كرم جبر، وعدداً من كبار الصحافيين والإعلاميين وأعضاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، في حوار مفتوح حول «سبل الإدارة المثلى للموارد المائية في مصر، في ظل التحديات المائية الحالية».
وأكد الوزير عبد العاطي أن «المشروعات والسياسات التي تم تنفيذها، أو الجاري تنفيذها حالياً في مصر، تهدف في المقام الأول إلى خدمة المزارعين وكافة المنتفعين، وتعظيم الاستفادة من وحدة المياه، وزيادة قدرة المنظومة المائية في مصر على التعامل مع كافة أشكال (التحديات أو الصدمات المائية»، مشيراً إلى أن مصر «تعد من أكثر دول العالم التي تُعاني من الشُّح المائي، وتعتمد بنسبة 97 في المائة على مياه نهر النيل»، ومؤكداً أن «وزارة الري وضعت خطة لإدارة الموارد المائية بالتعاون مع كافة الوزارات المعنية في مصر باستثمارات تتجاوز الـ50 مليار دولار، من المتوقع زيادتها إلى 100 مليار دولار، بهدف تحسين نوعية المياه، وتنمية موارد مائية جديدة، وترشيد استخدام الموارد المتاحة حالياً، وتهيئة البيئة الداعمة لقضايا المياه».
كما أشار الوزير عبد العاطي، وفق إفادة لـ«مجلس الوزراء المصري» أمس، لقضية التغيرات المناخية التي تُعد من أهم القضايا، التي يواجهها العالم في الوقت الحالي، نظراً للآثار الواضحة والمتزايدة للتغيرات المناخية على كافة مناحي الحياة، وخصوصاً التأثيرات السلبية على الموارد المائية.
من جهته، أكد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، أمس، أن «قضية المياه تأتي في صدارة اهتمامات المصريين، ومصر لن تفرط في متر مكعب واحد من حصتها المائية، مع تمسكها بالتوصل لاتفاق قانوني عادل وملزم بشأن ملء وتشغيل (سد النهضة)»، مضيفاً أن الدولة المصرية «اتخذت الإجراءات الكفيلة لترشيد استهلاك المياه وتنويع مصادر الإنتاج، بما يجنب حدوث أي أزمات، سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل»، لافتاً إلى أن «مصر جاهزة للتعامل مع أي طارئ فيما يخص قطاع المياه».
وجرت آخر جلسة للمفاوضات في أبريل (نيسان) الماضي، برعاية الاتحاد الأفريقي، أعلنت عقبها الدول الثلاث فشلها في إحداث اختراق؛ ما دعا مصر والسودان للتوجه إلى مجلس الأمن، الذي أصدر «قراراً رئاسياً» منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي يشجع الدول الثلاث على استئناف المفاوضات، برعاية الاتحاد الأفريقي، بهدف الوصول إلى اتفاق مُلزم خلال فترة زمنية معقولة. وأعلنت مصر الأسابيع الماضية، على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي استعدادها لاستئناف المحادثات المتوقفة منذ نحو عام، بشرط «توافر الإرادة السياسية لتوقيع اتفاق قانوني ملزم ينظم عمليتي ملء وتشغيل السد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.