«النفط» الليبية تدين التدخل الأجنبي في شؤون القطاع

محمد عون، وزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة» (المكتب الإعلامي للوزارة)
محمد عون، وزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة» (المكتب الإعلامي للوزارة)
TT

«النفط» الليبية تدين التدخل الأجنبي في شؤون القطاع

محمد عون، وزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة» (المكتب الإعلامي للوزارة)
محمد عون، وزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة» (المكتب الإعلامي للوزارة)

رفضت وزارة النفط والغاز بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية دخول خمس دول غربية على خط أزمتها، المعلنة مع رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، في وقت سارعت فيه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى التعبير عن «دعمها الكامل لضرورة الحفاظ على سلامة واستقلالية المؤسسة».
ويأتي هذا الصراع على خلفية توتر المشهد السياسي، وما يجري في البلاد لجهود عزل حكومة عبد الحميد الدبيبة، وتكليف فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» الجديدة، وما تبعه من محاولات اصطفاف جديدة لقيادات داخل القطاع.
وكانت سفارات خمس دول غربية كبرى في ليبيا، هي فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، قد حذرت من «تسييس» المؤسسة الوطنية للنفط بالبلاد، وحثت ما سمتهم «الجهات الفاعلة» على «احترام الوحدة والنزاهة والاستقلال، والحفاظ على الطبيعة غير السياسية والتقنية للمؤسسة».
وفيما عبرت وزارة النفط عن «شديد استنكارها» للبيان المشترك، الصادر عن السفارات الغربية الخمس، اعتبرته «تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للدولة الليبية، ومحاولة للهيمنة على سلطة قرار الدولة، وبسط سيادتها الكاملة على الثروات الوطنية». معتبرة أن السفارات الخمس «تعدت بشكل صارخ على الروح الوطنية للعاملين بقطاع النفط، وهو الأمر الذي يستفز المشاعر الوطنية، ويخلق روحا عدائية، ستؤدي بالضرورة إلى وضع القطاع داخل المعترك السياسي».
وبدأ الصراع مبكراً حول مؤسسة النفط بين رئيسها صنع الله، ووزير النفط بحكومة «الوحدة الوطنية» محمد عون، الذي سبق أن عزل الأول مرتين، وأحاله للتحقيق الإداري، لكن الدبيبة احتوى الأمر، وأجهض قرار العزل.
ومع تصاعد الخلافات وتباين المواقف السياسي، عيّن الدبيبة علي العابد وزير العمل والتأهيل، خلفاً لعون، الذي يقول إنه في إجازة سنوية ويتمسك بمنصبه، فضلاً عن أنه دخل على خط الأزمة السياسية الراهنة في البلاد، داعيا لاحترام قرار مجلس النواب، الذي كلف باشاغا بتشكيل حكومة جديدة خلفاً للدبيبة.
ونقلت وكالة «بلومبيرغ» الأميركية عن عون، خلال مشاركته في منتدى الدول المصدرة للغاز الذي أقيم في قطر مؤخراً، قوله إن «البرلمان الشرعي اختار رئيس حكومة جديد وصادق على ذلك، ومن وجهة نظري وشعوري والحكمة، التي لدينا وحتى (السيد) الدبيبة، أنه لن يتصاعد الوضع إلى القتال».
من جهتها، اعتبرت وزارة النفط والغاز الليبية قيام سفراء دول أجنبية بزيارة مؤسسة اقتصادية، وتكرار صدور بيانات عنهم لدعم وحماية هذه المؤسسة، وما تتضمنه من تحذيرات لكيانات الدولة، «هو في واقع الأمر إخراج لهذه المؤسسة عن دورها الفني والتجاري، الذي أنشئت من أجله، وإقحامها في دور سياسي، وإدخالها حلبة الصراع السياسي».
وقالت الوزارة بهذا الخصوص: «إن وزارة النفط والغاز إذ تجدد رفضها، واستنكارها لمثل هذا النوع من البيانات أو الزيارات، ستخاطب الجهات المعنية كافة بالدولة الليبية لتوضّح لهم ما تشكله مثل هذه البيانات من تهديد، وخطر محدق بقطاع النفط، والذي سيعود أثره بالضرر على الشعب الليبي». مشيرة إلى أنها «ستطلب من هذه الجهات المحلية ضرورة التدخل بمخاطبة الدول، التي يمثلها السفراء لوقف هذه الأعمال، التي لا تتصف بالمهنية حماية لمصالح الشعب الليبي».
كما دعت الوزارة إلى ضرورة «احترام سيادة الدولة، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية»، وانتهت إلى التأكيد على أن «التهديد الحقيقي لأمن وسلامة ليبيا هو التدخل المستمر في شؤونها، من قبل أطراف تحاول أن تملي إرادتها على الإرادة الوطنية».
وأمام تصاعد التوتر ثانية حول المؤسسة الوطنية للنفط، قالت البعثة الأممية لدى ليبيا إنها تدعم بشكل كامل «الحفاظ على سلامة واستقلالية المؤسسة الوطنية للنفط لضمان أن تعود الموارد الليبية بالنفع، والفائدة على جميع الليبيين».
وأضافت البعثة في بيان أمس أن هذا الدعم يأتي من رؤوساء مجموعة العمل الاقتصادية لعملية برلين، التي تضم مصر والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
وظلت غالبية حقول وموانئ النفط محاصرة من قبل مواليين لـ«الجيش الوطني» الليبي لمدة تسعة أشهر، إلى أن أمر المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش في 18 من سبتمبر (أيلول) عام 2020 بإعادة استئناف إنتاجه وتصديره.
في شأن آخر، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط عن استئنافها لممارسة حقها في شراء حصة شركة «تراستا»، البالغة 50 في المائة في شركة «لیركو» المشتركة، المشكلة لتشغیل مصفاة راس لانوف، وفقاً لبنود الاتفاقیة المنظمة للشركة. وأضافت المؤسسة في بيان، مساء أول من أمس، أن شركة «تراستا» كانت قد «حاولت عرقلة ممارسة المؤسسة لحقها في شراء حصتها في دعوى تحكیمیة أمام غرفة التجارة الدولیة، انتهت بصدور حكم رافض لمحاولات تراستا، ومؤید لحق المؤسسة في شراء الحصة». وكان إنتاج النفط الليبي قد انخفض من قرابة 1.3 مليون برميل يومياً في العام الماضي، إلى 729 ألف برميل يومياً، قبل أن يعاود الصعود إلى مليون برميل يومياً بعد استئناف الإنتاج في ثلاثة حقول مغلقة، في الحادي والعشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.