«المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية»: على القادة الأوروبيين اختراع «غرب جديد» يمكنهم فيه تحديد قواعد الاشتباك

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
TT

«المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية»: على القادة الأوروبيين اختراع «غرب جديد» يمكنهم فيه تحديد قواعد الاشتباك

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

وفق تقرير «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية»، فإن ما ظهر في «مؤتمر ميونيخ للأمن» من وحدة غربية وتصميم من «ناتو» على حماية دوله، «قد لا يستمر طويلاً، بل سيخضع للامتحان، خاصة إذا ما قرّرت روسيا نصب أسلحة نووية في بيلاروسيا. وهو ما سيشكل فعلياً نهاية الاتفاق المعقود بين (ناتو) وموسكو، الذي يمنع نشر جنود أو أسلحة نووية في الدول الأوروبية الشرقية». وتابع التقرير أن هذا الأمر سيعرّض «ناتو» لخطر الانقسامات، خاصة مع تركيا المقرّبة من روسيا، والتي تبحث عن موازنة علاقتها بين الغرب وموسكو، وأيضاً مع دول أوروبية أخرى، مثل الرئيس المجري فيكتور أوروبان المقرّب من الكرملين.
وخلص تقرير «المجلس» إلى أنه «قد يكون مغرياً بالنسبة لأوروبا أن تعتمد على الدعم الأميركي، وأن تقبل بأن يكون الأمن الأوروبي بيد الأميركيين، وتجري مناقشته من فوق رؤوسهم. ولكن عوضاً عن الاحتفال بعودة العلاقات الغربية كما كانت، يتوجب على القادة الأوروبيين الذين تجمعوا في ميونيخ أن يركزوا على اختراع غرب جديد يمكنهم فيه أن يحددوا قواعد الاشتباك التي ستخرج عن هذه الأزمة».
وكي توقف أوروبا اعتمادها هذا على الولايات المتحدة، ستحتاج إلى زيادة إنفاقها العسكرية، خاصة ألمانيا أكبر قوة اقتصادية في القارة. وسيتعين على برلين أن تصل إلى نسبة 2 في المائة من الإنفاق العسكري من ناتجها العام، وهو ما زالت تقاومه حتى اليوم، رغم الانتقادات المتكررة من إدارات أميركية متعاقبة، كان أقساها انتقادات إدارة ترمب.
راهناً تنفق ألمانيا 1.57 في المائة من ناتجها العام على أمنها الدفاعي، في ارتفاع كبير عن العام الذي سبقه، عندما لم يتعدَّ فيه الإنفاق العسكري نسبة 1.36 في المائة. وتملك ألمانيا اليوم جيشاً مترهلاً وآليات عسكرية قديمة بحاجة للتحديث والصيانة، إلا أنها تتحجج بالاعتبارات التاريخية لرفض زيادة الإنفاق العسكري بسرعة. ولكن وزيرة الدفاع الحالية كريستين لامبريخت، التي تكلمت في مؤتمر ميونيخ، أضافت سبباً آخر لتلكؤ حكومتها بزيادة الإنفاق العسكري، إذ ردت عندما سئلت عن ذلك، إن «هناك أولويات أخرى مكلفة» على الحكومة الألمانية التعامل معها، مثل مواجهة «كوفيد 19» ومحاربة التغير المناخي.
ولكن بعد أسبوع على انتهاء «المؤتمر»، وتغير الوضع الأمني في أوروبا جذرياً، قد تجد ألمانيا نفسها جاهزة لمراجعة كثير من سياساتها التي تتمسك بها لأسباب تاريخية، خاصة أن طبول الحرب لم تعد أصواتها بعيدة جداً عن أبوابها، وهي تُسمع لدى «جارتها» بولندا.



ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل
TT

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ) و«الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، فإنه كان غالباً «الشريك» المطلوب لتشكيل الحكومات الائتلافية المتعاقبة.

النظام الانتخابي في ألمانيا يساعد على ذلك، فهو بفضل «التمثيل النسبي» يصعّب على أي من الحزبين الكبيرين الفوز بغالبية مطلقة تسمح له بالحكم منفرداً. والحال أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تحكم ألمانيا حكومات ائتلافية يقودها الحزب الفائز وبجانبه حزب أو أحزاب أخرى صغيرة. ومنذ تأسيس «الحزب الديمقراطي الحر»، عام 1948، شارك في 5 حكومات من بينها الحكومة الحالية، قادها أحد من الحزبين الأساسيين، وكان جزءاً من حكومات المستشارين كونراد أديناور وهيلموت كول وأنجيلا ميركل.

يتمتع الحزب بشيء من الليونة في سياسته التي تُعد «وسطية»، تسمح له بالدخول في ائتلافات يسارية أو يمينية، مع أنه قد يكون أقرب لليمين. وتتمحور سياسات

الحزب حول أفكار ليبرالية، بتركيز على الأسواق التي يؤمن بأنها يجب أن تكون حرة من دون تدخل الدولة باستثناء تحديد سياسات تنظيمية لخلق أطر العمل. وهدف الحزب الأساسي خلق وظائف ومناخ إيجابي للأعمال وتقليل البيروقراطية والقيود التنظيمية وتخفيض الضرائب والالتزام بعدم زيادة الدين العام.

غينشر

من جهة أخرى، يصف الحزب نفسه بأنه أوروبي التوجه، مؤيد للاتحاد الأوروبي ويدعو لسياسات أوروبية خارجية موحدة. وهو يُعد منفتحاً في سياسات الهجرة التي تفيد الأعمال، وقد أيد تحديث «قانون المواطنة» الذي أدخلته الحكومة وعدداً من القوانين الأخرى التي تسهل دخول اليد العاملة الماهرة التي يحتاج إليها الاقتصاد الألماني. لكنه عارض سياسات المستشارة السابقة أنجيلا ميركل المتعلقة بالهجرة وسماحها لمئات آلاف اللاجئين السوريين بالدخول، فهو مع أنه لا يعارض استقبال اللاجئين من حيث المبدأ، يدعو لتوزيعهم «بشكل عادل» على دول الاتحاد الأوروبي.

من أبرز قادة الحزب، فالتر شيل، الذي قاد الليبراليين من عام 1968 حتى عام 1974، وخدم في عدد من المناصب المهمة، وكان رئيساً لألمانيا الغربية بين عامي 1974 و1979. وقبل ذلك كان وزيراً للخارجية في حكومة فيلي براندت بين عامي 1969 و1974. وخلال فترة رئاسته للخارجية، كان مسؤولاً عن قيادة فترة التقارب مع ألمانيا الديمقراطية الشرقية.

هانس ديتريش غينشر زعيم آخر لليبراليين ترك تأثيراً كبيراً، وقاد الحزب بين عامي 1974 و1985، وكان وزيراً للخارجية ونائب المستشار بين عامي 1974 و1992، ما جعله وزير الخارجية الذي أمضى أطول فترة في المنصب في ألمانيا. ويعتبر غينشر دبلوماسياً بارعاً، استحق عن جدارة لقب «مهندس الوحدة الألمانية».