وفق تقرير «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية»، فإن ما ظهر في «مؤتمر ميونيخ للأمن» من وحدة غربية وتصميم من «ناتو» على حماية دوله، «قد لا يستمر طويلاً، بل سيخضع للامتحان، خاصة إذا ما قرّرت روسيا نصب أسلحة نووية في بيلاروسيا. وهو ما سيشكل فعلياً نهاية الاتفاق المعقود بين (ناتو) وموسكو، الذي يمنع نشر جنود أو أسلحة نووية في الدول الأوروبية الشرقية». وتابع التقرير أن هذا الأمر سيعرّض «ناتو» لخطر الانقسامات، خاصة مع تركيا المقرّبة من روسيا، والتي تبحث عن موازنة علاقتها بين الغرب وموسكو، وأيضاً مع دول أوروبية أخرى، مثل الرئيس المجري فيكتور أوروبان المقرّب من الكرملين.
وخلص تقرير «المجلس» إلى أنه «قد يكون مغرياً بالنسبة لأوروبا أن تعتمد على الدعم الأميركي، وأن تقبل بأن يكون الأمن الأوروبي بيد الأميركيين، وتجري مناقشته من فوق رؤوسهم. ولكن عوضاً عن الاحتفال بعودة العلاقات الغربية كما كانت، يتوجب على القادة الأوروبيين الذين تجمعوا في ميونيخ أن يركزوا على اختراع غرب جديد يمكنهم فيه أن يحددوا قواعد الاشتباك التي ستخرج عن هذه الأزمة».
وكي توقف أوروبا اعتمادها هذا على الولايات المتحدة، ستحتاج إلى زيادة إنفاقها العسكرية، خاصة ألمانيا أكبر قوة اقتصادية في القارة. وسيتعين على برلين أن تصل إلى نسبة 2 في المائة من الإنفاق العسكري من ناتجها العام، وهو ما زالت تقاومه حتى اليوم، رغم الانتقادات المتكررة من إدارات أميركية متعاقبة، كان أقساها انتقادات إدارة ترمب.
راهناً تنفق ألمانيا 1.57 في المائة من ناتجها العام على أمنها الدفاعي، في ارتفاع كبير عن العام الذي سبقه، عندما لم يتعدَّ فيه الإنفاق العسكري نسبة 1.36 في المائة. وتملك ألمانيا اليوم جيشاً مترهلاً وآليات عسكرية قديمة بحاجة للتحديث والصيانة، إلا أنها تتحجج بالاعتبارات التاريخية لرفض زيادة الإنفاق العسكري بسرعة. ولكن وزيرة الدفاع الحالية كريستين لامبريخت، التي تكلمت في مؤتمر ميونيخ، أضافت سبباً آخر لتلكؤ حكومتها بزيادة الإنفاق العسكري، إذ ردت عندما سئلت عن ذلك، إن «هناك أولويات أخرى مكلفة» على الحكومة الألمانية التعامل معها، مثل مواجهة «كوفيد 19» ومحاربة التغير المناخي.
ولكن بعد أسبوع على انتهاء «المؤتمر»، وتغير الوضع الأمني في أوروبا جذرياً، قد تجد ألمانيا نفسها جاهزة لمراجعة كثير من سياساتها التي تتمسك بها لأسباب تاريخية، خاصة أن طبول الحرب لم تعد أصواتها بعيدة جداً عن أبوابها، وهي تُسمع لدى «جارتها» بولندا.
«المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية»: على القادة الأوروبيين اختراع «غرب جديد» يمكنهم فيه تحديد قواعد الاشتباك
«المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية»: على القادة الأوروبيين اختراع «غرب جديد» يمكنهم فيه تحديد قواعد الاشتباك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة