(تحليل سياسي): هل تعوق خلافات البرلمان و«المجلس الأعلى للدولة» منح الثقة للحكومة الليبية الجديدة؟

وسط تظاهرات بشرق البلاد للمطالبة بإسقاط المجلسين

جانب من اجتماعات المجلس الأعلى للدولة في ليبيا أول من أمس (المكتب الإعلامي للمجلس)
جانب من اجتماعات المجلس الأعلى للدولة في ليبيا أول من أمس (المكتب الإعلامي للمجلس)
TT

(تحليل سياسي): هل تعوق خلافات البرلمان و«المجلس الأعلى للدولة» منح الثقة للحكومة الليبية الجديدة؟

جانب من اجتماعات المجلس الأعلى للدولة في ليبيا أول من أمس (المكتب الإعلامي للمجلس)
جانب من اجتماعات المجلس الأعلى للدولة في ليبيا أول من أمس (المكتب الإعلامي للمجلس)

أدت الانقسامات الداخلية بين أعضاء المجلس الأعلى للدولة في ليبيا إلى إرباك حسابات البرلمان، بشأن مشروع تعديل «الإعلان الدستوري»، الذي أقره قبل أسبوعين، ويفترض أن يمهد الطريق لإجراء الاستحقاق الانتخابي منتصف العام الجاري.
وطرحت إجراءات المجلس، الذي يعد أكبر جهة استشارية في ليبيا، مجموعة من الأسئلة، بعضها يتعلق بمدى تأثير هذه التحولات في المواقف على منح الثقة لحكومة «الاستقرار» الجديدة، برئاسة فتحي باشاغا.
فعلى مدار يومين متتاليين، عقد مجلس الدولة جلسات وسط أجواء غلب عليها التوتر والشد والجذب، انتهت إلى إلقاء (كرة اللهب) ثانية في ملعب برلمان طبرق، رافضاً أي حديث عن التعديل الدستوري، وتغيير عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، وأرجع ذلك إلى أن هذا الإجراء «يخالف الاتفاق السياسي، وشكل وروح التوافق بين المجلسين».
وكأي تحرك سياسي في ليبيا، وجد موقف المجلس الأعلى للدولة، الذي وصف بـ«المتراجع»، معارضة من المؤيدين لباشاغا، وتأييدا كبيرا من قبل أنصار الدبيبة. لكن محمد صوان، رئيس «الحزب الديمقراطي»، رأى أن دور مجلس الدولة بالنسبة لتغيير الحكومة «ينحصر في تقديم 30 تزكية للمرشح، وقد تم ذلك لمرشح واحد فقط».
وذهب صوان في تصريح صحافي، مساء أول من أمس، إلى أن «ما وقع خلال انعقاد المجلس الأعلى، بالإضافة إلى عدم جدوى ما نتج عنه، يفتقر للنصاب القانوني للانعقاد»، بالإضافة إلى أنها «صدرت تحت دوافع أخرى، ولا قيمة قانونية لها».
ورفض 51 عضواً بالمجلس الأعلى من أصل 57 حضروا جلسة الخميس الماضي الإجراءات، التي اتخذها «النواب» المتمثلة في «التعديل الدستوري» الثاني عشر، وتغيير رئيس الحكومة، وقرر تشكيل لجنة مشتركة مع المجلس الأعلى للدولة من أجل وضع القاعدة الدستورية للانتخابات. علماً بأن العدد الإجمالي للمجلس هو 145 عضواً، وفقاً للاتفاق السياسي، الذي وقع في 17 ديسمبر (كانون الأول) عام 2015 برعاية أممية.
وزاد صوان، وهو قيادي إخواني، موضحا أن «أعضاء مجلس الدولة الموافقين على تعديلات مجلس النواب لم يحضروا الجلسة، لعلمهم أنها غير مجدية، وليس لها أي أثر قانوني»، مستغرباً مما سماه بـ«تناقض» مواقف خالد المشري، رئيس المجلس، الذي قال إنه «كان مؤيداً لتعديلات النواب، قبل أن يعود ويعلن رفضها».
وكان مجلس النواب قد صوت على تعديل الإعلان الدستوري رقم (12)، وقرر تشكيل لجنة من 24 عضواً، يتم اختيارهم بالمناصفة مع المجلس الأعلى للدولة، وهي اللجنة التي ستكلف بتعديل المواد الخلافية في مشروع الدستور المقدم من الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، وإحالته مباشرة بعد التعديل إلى مفوضية الانتخابات للاستفتاء الشعبي عليه.
وبحسب التعديل ستجرى الانتخابات الرئاسية والنيابية مع الاستفتاء على الدستور في أجل أقصاه 14 شهراً، الأمر الذي لاقى رفضاً من بعض الجهات، خصوصاً معسكر غرب ليبيا، بحجة بقاء مجلسي النواب والدولة لـ14 شهراً أخرى في السلطة.
وكان باشاغا قد أعلن نهاية الأسبوع عن الانتهاء من تشكيل حكومته وإحالتها إلى البرلمان، بعد مشاورات موسعة مع الأطراف السياسية كافة، والتواصل مع مجلسي النواب و«الدولة»، لافتاً إلى أنه راعى في ذلك «معايير الكفاءة والقدرة، وتوسيع دائرة المشاركة الوطنية».
وقبل أن تخرج حكومة «الاستقرار» إلى النور، خرجت تظاهرات غاصبة، وعبر سياسيون ونشطاء عن رفضهم لتمديد الفترة الانتقالية إلى يونيو (حزيران) المقبل، دون وضع جدول زمني لإجراء الاستحقاق الانتخابي.
وراج في العاصمة طرابلس أن عدداً من أعضاء مجلس النواب، وخصوصاً بغرب البلاد، سيقاطعون جلسة منح الثقة لباشاغا، التي رجح البعض أنها ستكون بعد غد، على إثر موقف المجلس الأعلى للدولة. لكن شيئاً من ذلك لم يتضح بعد، لا سيما مع إصرار جبهة شرق ليبيا على الإطاحة بالدبيبة، وتحميله مسؤولية «ضياع الوقت دون إجراء الانتخابات، وتزايد معدلات الفساد خلال فترة ولايته»، لافتين إلى أن موقف المشري ومجلسه «غير مؤثر في منح الثقة للحكومة الجديدة».
واستدراكاً منه لتعقد الأمور، علق المشري على رفض مخرجات مجلس النواب قائلا: «نحن حريصون على التعامل مع البرلمان؛ لكننا حريصون أيضاً على الاستجابة لضغوط الشارع، ومطالباته بضرورة تجديد الشرعية وإنهاء الأجسام القائمة». وانتهى قائلاً: «أتمنى استجابة البرلمان لهذا الأمر، وتعاون كل من كان له شأن تنفيذي، سواء كان الدبيبة أو غيره، وكل من يريد الترشح للحكومة المقبلة، سواء كان باشاغا أو غيره».
في شأن ذي صلة، وفي إجراء نادر تظاهر مواطنون ونشطاء في مدينة البيضاء (شرق) ضد مجلسي النواب والدولة، تنديداً بما وصفوه «تدني سوء الأحوال المعيشية والخدمات، ومن بينها نقص الوقود وانقطاع الكهرباء».
وطاف مئات المواطنين الشوارع، مساء أول من أمس، مطالبين بإسقاط المجلسين، اللذين حملوهما مسؤولية ما آلت إليه أوضاع البلاد، مرددين هتافات غاضبة من قبيل: «يسقط برلمان عقيلة ومجلس المشري... لا ضوء ولا بنزين». ونقلت وسائل إعلام محلية أن الناشط طلال البرعصي خطف عقب مشاركته في المظاهرة، التي شهدتها مدينة البيضاء.



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».