عندما احتفلت جماهير ريال مدريد بهزيمة فريقها في باريس

مبابي وهدف إطاحة ريال مدريد في ذهاب دور الـ16 بدوري الأبطال (أ.ف.ب)
مبابي وهدف إطاحة ريال مدريد في ذهاب دور الـ16 بدوري الأبطال (أ.ف.ب)
TT

عندما احتفلت جماهير ريال مدريد بهزيمة فريقها في باريس

مبابي وهدف إطاحة ريال مدريد في ذهاب دور الـ16 بدوري الأبطال (أ.ف.ب)
مبابي وهدف إطاحة ريال مدريد في ذهاب دور الـ16 بدوري الأبطال (أ.ف.ب)

يعلم الجميع أن النجم الفرنسي كيليان مبابي يمتلك قدرات استثنائية، فهذا هو اللاعب الذي حمل كأس العالم وهو في التاسعة عشرة من عمره، وكان هدفه في المباراة النهائية للمونديال ضد كرواتيا واحدا من أكثر من 200 هدف أحرزها وهو لم يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره، وهو اللاعب الذي رفض باريس سان جيرمان الحصول على 200 مليون يورو للتخلي عن خدماته رغم علمه بأنه قد يرحل في صفقة انتقال حر في نهاية المطاف.
وعندما سُئل المدير الفني لباريس سان جيرمان، ماوريسيو بوكيتينو، عما شعر به عندما سجل مبابي هدف الفوز في مرمى ريال مدريد في الدقيقة 94 في ذهاب دور الستة عشر بدوري أبطال أوروبا، قال المدير الفني الأرجنتيني: «شيئان: فقد شعرت في البداية بالسعادة، ثم شعرت بالألم بعد أن قفز اللاعب لياندرو باريديس نحوي بقوة لدرجة أنني اعتقدت أن أنفي قد كُسر». وعلى طول خط التماس، كان مبابي يحتفل بالهدف من خلال الركض والاستلقاء على ظهره، في الوقت الذي قفز فيه زملاؤه عليه.
لقد كان هذا الهدف القاتل بمثابة رسالة واضحة من النجم الفرنسي الشاب للجميع. لقد انفجر ملعب «حديقة الأمراء» من كل مكان، ما عدا الزاوية التي كان فيها الجمهور يشجع مبابي قبل بداية المباراة ويصفق عندما تم ترديد اسمه في قائمة فريقه، وأعني بذلك جماهير ريال مدريد التي كانت تتغنى باسمه قبل بداية المباراة، لكنها أصيبت بالصدمة وسيطر عليها الهدوء التام بعد إحراز مبابي لهذا الهدف القاتل. لكن رغم ذلك، كان هناك شعور بالإعجاب والترقب من جانب جماهير النادي الملكي، التي سرعان ما بدت وكأنها في حالة احتفال رغم اهتزاز شباك فريقها بهدف.
وقال المدير الفني لريال مدريد، كارلو أنشيلوتي عن مبابي: «لقد حاولنا السيطرة عليه، ومضاعفة الرقابة عليه، وقام ميليتاو بعمل جيد في هذا الصدد، لكن يمكن لمبابي دائماً ابتكار شيء ما. وفي اللحظة الأخيرة، اخترع بالفعل شيئا ما». ووصفه المدير الفني لريال مدريد بأنه الأفضل في أوروبا. أما المدير الفني لباريس سان جيرمان فأكد على أنه لا يملك الكلمات المناسبة التي تساعده على وصف مدى جودة وبراعة مبابي، قائلا: «لا أستطيع أن أصفه».
لقد بدا خلال الأيام القليلة الماضية وكأن بوكيتينو لا يستمتع كثيرا بما يقوم به مع باريس سان جيرمان، ولا يستمتع بكل الأشياء - ونعم، كل الأشخاص أيضاً – فيما يتعلق بتدريب هذا النادي. لكن مبابي يبدو مختلفاً، ولم تعمه الأضواء كثيراً. وقال دانيلو عن زميله النجم الفرنسي الشاب: «مبابي ليس مثل البقية». من الواضح أن دانيلو كان يتحدث عن الموهبة، لكن ذلك قد ينطبق على الحالة المزاجية أيضا. وقال بوكيتينو: «إنه ناضج بشكل لا يصدق. أنا محظوظ لأنني تمكنت من العمل معه كل يوم خلال العام الماضي».
قد لا يتبقى وقت طويل لمبابي مع باريس سان جيرمان، لكن يتعين عليه أن يستمتع بهذه الأشهر المتبقية. ربما يكون «الكبرياء» هو الذي جعل باريس سان جيرمان يرفض المساح لمبابي بالرحيل، وقال رئيس ريال مدريد، فلورنتينو بيريز، إنه ليس من الطبيعي أن يرفض نادٍ عرضاً بهذا الحجم للاعب في العام الأخير من عقده، واعترف رئيس باريس سان جيرمان، ناصر الخليفي، بأن العلاقة بين الناديين مقطوعة. لقد بدا الأمر وكأنه «حماقة مالية» أيضاً، مهما كان ثراء النادي الباريسي، لكن في تلك اللحظة التي أحرز فيها مبابي هدف الفوز في شباك الريال بدا الأمر وكأن بقاء مبابي – وإن كان لموسم واحد فقط - يستحق الـ200 مليون يورو!
وإذا نجح مبابي في قيادة باريس سان جيرمان للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا، فسيؤكد أن النادي كان محقا عندما ضحى بهذا المبلغ المالي الكبير. وبعد ذلك، يمكنه الرحيل من الباب الكبير كبطل وملك متوج. سيكون أول لقب لدوري أبطال أوروبا هو الأغلى بالطبع لباريس سان جيرمان، وسيكون مبابي هو السبب الرئيسي في ذلك في حال حدوثه. وبعد نهاية مباراة باريس سان جيرمان أمام ريال مدريد، أكد مبابي مرة أخرى على أنه لم يتخذ القرار النهائي بشأن مستقبله. وعندما سُئل عما إذا كان هذا قد يغير ذلك، أجاب «لا، لا»، لكن رده على ذلك السؤال بلغة إسبانية لا تشوبها شائبة تعني كل شيء في حقيقة الأمر!
وبعد الطريقة التي لعب بها مبابي أمام الريال، لا يمكن أن يكون هناك لوم - من كلا الجانبين. فمن جهة ريال مدريد - من المشجعين ووسائل الإعلام، وربما من جانب المسؤولين أيضا - كان هناك شعور احتفالي بالهزيمة، حيث أثبت مبابي من خلال هذا الأداء الاستثنائي أن ريال مدريد كان محقا تماما عندما أصر على التعاقد معه، وأن مستقبل النادي سيكون مشرقا مع هذا اللاعب، وهو ما يزيد الشعور بالإثارة بشأن الوصول الوشيك للاعب إلى «سانتياغو برنابيو» في صفقة قد تكون الأبرز في هذا الجيل.
قد لا يفوز ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا هذا العام بسبب هذا الهدف، لكن هذه اللحظة بالذات جعلت النادي الإسباني على قناعة تامة بأنه إذا جاء مبابي فإنه لن يمر وقت طويل قبل أن يحصل النادي على البطولة الأقوى في القارة العجوز من جديد. إن نجاح مبابي في الفوز على ريال مدريد بهذه الطريقة قد أضاف بُعدا جديدا على هذه الصفقة بطريقة ما، نظرا لأنه أظهر القدرات والإمكانيات الهائلة التي يمتلكها هذا اللاعب الشاب.
وكان مبابي قد صرح في وقت سابق بأنه لن يدخل في مفاوضات مع الأندية الأخرى عندما تكون خصوماً لفريقه الحالي، مشيرا إلى أن أي قرار بشأن مستقبله يجب أن ينتظر حتى ما بعد هذه المواجهة أو حتى الصيف. لقد كان هناك عمل يجب القيام به أولاً، ومباريات يجب الفوز بها، بداية من المباراة التي سلطت عليه الأضواء بشكل أكبر من أي وقت مضى. وقال مبابي: «لقد قلت إنني سأقدم كل شيء، وقد فعلت. إننا نطرح الكثير من الأسئلة، ونقول أشياء كثيرة جداً». لقد أراد مبابي أن يلعب كرة القدم فقط، وهو الأمر الذي يفعله بطريقة مختلفة عن أي شخص آخر!


مقالات ذات صلة

صلاح ودي بروين... متى نقول وداعاً؟

رياضة عالمية محمد صلاح سينتهي عقده مع ليفربول بنهاية الموسم (إ.ب.أ)

صلاح ودي بروين... متى نقول وداعاً؟

لمدة عقد تقريباً، كان أحد ألمع النجوم في سماء الدوري الإنجليزي، ويُصنف على أنه ربما يكون أفضل لاعب في جيله.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية حافلة نادي ريال مدريد كما بدت خلال الحادث المروري (الشرق الأوسط)

حافلة ريال مدريد تتعرض لحادث بعد الهزيمة أمام ليفربول

تعرضت حافلة فريق ريال مدريد الإسباني لحادث على الطريق «إم 40» وذلك بعد يوم واحد من خسارة الفريق أمام ليفربول الإنجليزي بهدفين لصفر، بدوري أبطال أوروبا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية بوروسيا دورتموند (إ.ب.أ)

دورتموند يتطلع لمباراة بايرن بعد الفوز في «الأبطال»

لا يملك فريق بوروسيا دورتموند الألماني لكرة القدم الوقت الكافي للاحتفال بفوزه 3-صفر على دينامو زغرب الكرواتي في دوري أبطال أوروبا، أمس الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية كارلو أنشيلوتي (ا.ف.ب)

أنشيلوتي الأكثر ظهوراً في «دوري الأبطال» متجاوزاً فيرغسون

حطَّم الإيطالي كارلو أنشيلوتي، المدير الفني لريال مدريد الإسباني، الرقم القياسي للمدرب الأسطورة أليكس فيرغسون، وأصبح المدرب الأكثر ظهوراً في دوري أبطال أوروبا.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية أنهى مبابي المباراة بتسديدة واحدة فقط على المرمى (رويترز)

مبابي الحزين... الصبر هو الدواء الذي سيعيده للواجهة

فاز ليفربول الإنجليزي على ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا، يوم الأربعاء، تاركاً للوس بلانكوس، وكيليان مبابي على وجه الخصوص، كثيراً من الحسرة والأسى.

The Athletic (ليفربول)

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».