حميدتي ولافروف يتفقان على تفعيل الاتفاقيات بين البلدين

ارتباك في بيانات وزارة الخارجية بشأن تصريحات نائب رئيس «السيادة»

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال استقباله محمد حمدان دقلو (حميدتي)  والوفد السوداني في موسكو أمس (تويتر)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال استقباله محمد حمدان دقلو (حميدتي) والوفد السوداني في موسكو أمس (تويتر)
TT

حميدتي ولافروف يتفقان على تفعيل الاتفاقيات بين البلدين

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال استقباله محمد حمدان دقلو (حميدتي)  والوفد السوداني في موسكو أمس (تويتر)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال استقباله محمد حمدان دقلو (حميدتي) والوفد السوداني في موسكو أمس (تويتر)

قالت وزارة الخارجية السودانية إن التصريحات التي أدلى بها المسؤول الثاني في البلاد، قبيل ساعات من الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا وعدت موقفاً داعماً ومؤيداً لموقف روسيا، أخرجت من سياقها الصحيح.
وقال نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الذي يزور موسكو هذه الايام إن «من حق روسيا الدفاع عن مواطنيها بما يكفله لها القانون الدستور". وأضاف: «نتمنى أن يكون الحل سلمياً ودبلوماسياً لتجنب الحروب».
وعقد دقلو والوفد المرافق له جلسة مباحثات مشتركة مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ناقشت توسيع قاعدة التعاون الثنائي بين البلدين في المجالات السياسية، والدبلوماسية، والاقتصادية، والتجارية، كما جرى التشاور حول القضايا الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وقال المسؤول السوداني، إن «المباحثات مع وزير الخارجية أسهمت في خلق تفاهمات جديدة ستدفع بالعمل المشترك للاستفادة من الفرص الكبيرة التي يوفرها السودان، في مجالات الزراعة والتعدين والصناعات التحويلية والنفط والغاز وغيرها من المجالات الاقتصادية». وأشار إلى أن الزيارة أكدت عزم السودان على المضي قدماً بالعلاقات بين البلدين إلى آفاق أرحب، إلى جانب تعزيز التعاون القائم بما يحقق الاستفادة من الإمكانيات المشتركة لدى البلدين.
واتفق الجانبان، بحسب تصريحات صحافية صادرة عن قوات الدعم السريع، على الإسراع في تفعيل الاتفاقيات القائمة بين البلدين، وعقد اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة.
من جانبه، قال لافروف إن بلاده تدرك أهمية التطورات الراهنة في السودان، ومقدرة السودانيين على حل مشاكلهم، داعياً إلى عدم التدخل في شؤون السودان. وشدد على عمق العلاقات الروسية السودانية، وأن ما يجمع البلدين ساعد في خلق روابط صداقة ممتدة مبنية على الاحترام المتبادل.
وأكد حرص بلاده على رفع مستوى التعاون مع السودان في مجالات الطاقة والزراعة والتعدين، وحماية البيئة، داعياً إلى إزالة التعقيدات التي تعيق تدفق الاستثمارات الروسية من بينها قوانين الاستثمار، مشيراً إلى استعداد الشركات الروسية لبدء عمليات استثمار في السودان.
ونفت الخارجية السودانية في البيان الأول التصريح الذي نسب لنائب رئيس مجلس السيادة، يعلن فيه تأييد السودان لقرار الرئيس الروسي فلاديمير يوتن الاعتراف بسيادة إقليمي دونيتسك ولوهاتسك عن أوكرانيا، وعدته {تشويها متعمداً وأخرج عن سياقه في محاولة رخيصة للاصطياد في الماء العكر}.
وأضافت أن المسؤول السوداني تحدث بصورة عامة عن ضرورة اتباع السبل والوسائل الدبلوماسية لحل الأزمة، كما أمن على حق روسيا في حماية مواطنيها بما يكفله القانون والدستور. الا انها عادت في بيان ثان لتؤكد أن النص المتداول لنائبي رئيس مجلس السيادة اثناء زيارته روسيا الاتحادية لم يعتمد رسميا من قبلها. واشارت إلى ان النص الصحيح المعتمد هو الذي فند الادعاء بأن السودان يساند الموقف الروسي.
ومن المقرر أن يجري المسؤول السوداني مباحثات مع عدد من المسؤولين في الحكومة الروسية تبحث العلاقات الثنائية بين البلدين والتشاور حول القضايا الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. ودار جدل كثيف في الأوساط السياسية السودانية عن التوقيت غير المناسب لزيارة حميدتي إلى موسكو في ظل أجواء متوترة ومشحونة، رجحت كل المعطيات إلى مواجهات عسكرية محتملة.
وعلى الصعيد الداخلي حذر حزب الأمة القومي السوداني، من مغبة اتخاذ قرارات باسم البلاد تعقد الأزمة الداخلية وتدفع به للدوران في فلك التبعية مجدداً.
ودعا حزب الأمة إلى النأي بالسودان بعيدا عن المحاور والتكتلات الايدلوجية والسياسية والتبعية، وبناء علاقات متينة وقوية مع كل الأطراف الإقليمية والدولية، والالتزام بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية. فيما اعتبر تجمع المهنيين السودانيين أن تصريحات نائب رئيس مجلس السيادة، «تفتقر للدبلوماسية وتخالف الأعراف الدولية في ظل الظروف السياسية والوضع الإقليمي المحتقن في شرق أوروبا والعالم».
وقال في بيان أمس إن «تلك التصريحات الداعمة لروسيا لا تمثل السودان وشعبه ولا تعبر عن حقيقة رؤيتهم للسياسة الخارجية والعلاقات الدولية التي تجمع السودان بأصدقائه وشركائه الدوليين و الإقليميين».
ويعول القادة العسكريون في السودان على دعم روسيا لتثبيت اركان حكمهم في مواجهة أميركية داعمة للمسار الديمقراطي المدني.
ووصل نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، محمد حمدان دقلو حميدتي أمس إلي العاصمة الروسية موسكو في زيارة رسمية بدعوة من الحكومة الروسية، يرافقه كل من الوزراء المكلفين لوزرات الخارجية المالية والطاقة والنفط والمعادن الزراعة.
وأظهرت روسيا موقفاً ضبابياً من استيلاء العسكريين على السلطة في السودان برفضها وصف ما جرى بأنه انقلاب عسكري. وفي يونيو(تموز) الماضي اخلت روسيا القاعدة العسكرية على البحر الأحمر بعد طلب من الخرطوم التي قررت الحد من التواجد الروسي على ارضيها. وجمد السودان في أبريل (نيسان) الماضي اتفاقية إنشاء قاعدة عسكرية روسية بالقرب من ميناء بورتسودان على البحر الأحمر.
وكان الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، طلب خلال زيارته روسيا عام 2017 من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بإنشاء قاعدة عسكرية في البحر الأحمر، بسبب مخاوفه من أي تدخلات أميركية مناوئة في الشؤون الداخلية السودانية. وصادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 على مقترح الحكومة الروسية الخاص بتوقيع اتفاق مع الخرطوم حول إنشاء مركز إمداد مادي فني لقوات الأسطول الحربي البحري الروسي في أراضي السودان.
ونص الاتفاق على إنشاء "مركز دعم لوجستي" في السودان يمكن من خلاله تأمين " تصليحات وعمليات التزويد بالوقود واستراحة أفراد طواقم" البحرية الروسية، على أن لا يتجاوز الحد الأقصى لعدد أفراد النقطة البحرية التي تنفذها قوات 300 فرد.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».