ليبيا: باشاغا يعلن جاهزية حكومته... والدبيبة يتمسك بمنصبه

«الأعلى للدولة» يرفض «التعديل الدستوري»

فتحي باشاغا رئيس الحكومة الليبية المكلف (إ.ب.أ)
فتحي باشاغا رئيس الحكومة الليبية المكلف (إ.ب.أ)
TT

ليبيا: باشاغا يعلن جاهزية حكومته... والدبيبة يتمسك بمنصبه

فتحي باشاغا رئيس الحكومة الليبية المكلف (إ.ب.أ)
فتحي باشاغا رئيس الحكومة الليبية المكلف (إ.ب.أ)

مضى مجلس النواب الليبي أمس قدما في تنصيب حكومة جديدة، برئاسة فتحي باشاغا، بعدما أعلن عن جلسة الاثنين المقبل، يرجح أنه سيمنحها الثقة خلالها، على الرغم من إعلان المجلس الأعلى للدولة رفضه هذا الاتجاه لصالح عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة»، الذي جدد في المقابل تمسكه بالبقاء في منصبه، ودعا لإجراء انتخابات برلمانية.
وأعلن المكتب الإعلامي لباشاغا أمس عن جاهزية التشكيلة الحكومية، وإحالتها لمجلس النواب في وقت صوت فيه المجلس الأعلى للدولة، خلال جلسته أمس بالعاصمة طرابلس، على رفض التعديل الدستوري المعتمد من مجلس النواب، في موقف يتعارض مع تأييده السابق لتنصيب حكومة باشاغا، وأقر بأغلبية التصويت تشكيل لجنة مشتركة لوضع القاعدة الدستورية في أجل أقصاه نهاية الشهر المقبل، ووضع قانون الانتخابات نهاية أبريل (نيسان) المقبل، مؤجلا بذلك تغيير السلطة التنفيذية.
وعقدت هذه الجلسة على الرغم من مطالبة العشرات من أعضاء المجلس تأجيلها بسبب عدم توفر عوامل السلامة والأمن، وبعد تعرضهم للتهديد وإطلاق نار في جلسة عقدت أول من أمس، وسط ما وصفوه بـ«المؤامرة» لمنعهم من التصويت ضد قرارات مجلس النواب.
وكان أعضاء من مجلس الدولة قد أعلنوا في بيان صحافي عقدوه مساء أول من أمس، على ضوء هواتفهم النقالة، أن الكهرباء انقطعت في القاعة التي عقدوا بها جلستهم المطولة لحظة التصويت على الحكومة. وقالوا إنهم تعرضوا لإطلاق نار بأسلحة ثقيلة أثناء خروجهم من الجلسة، ومنعهم من التصويت بحجة انقطاع التيار الكهربائي، بعد تأكد داعمي حكومة فتحي باشاغا بأن نتيجة التصويت لن تكون في صالحهم.
وقال شهود عيان إن مجموعة من السيارات كان بداخلها أشخاص مسلحون أطلقوا النار على مقر «جمعية الدعوة الإسلامية»، مكان انعقاد مجلس الدولة، الذي أرجع رئيسه خالد المشري سبب رفع الجلسة إلى انقطاع مفاجئ للتيار الكهربائي، ومعلومات عن تحرك قوة عسكرية بالقرب من مقر الدعوة الإسلامية مكان انعقاد الجلسة، ما قد يشكل خطرا.
كما أكد المشري مجددا أنه «ما لم تكن هناك حكومة توافقية يرضى عليها ‏مجلس الدولة، فإنه لا يمكن لها أن تمارس عملها من العاصمة طرابلس»، مشيرا إلى أنه تم إبلاغ باشاغا «بأن مشروع عسكرة الدولة لا مجال له في المنطقة الغربية، وأن الدفاع عن (ثورة فبراير) لا يزال مستمرا»، وقال بهذا الخصوص: «لا يهمنا في موضوع الحكومة بقاء الدبيبة أو باشاغا، بل يهمنا الذهاب للانتخابات».
وأفادت رسالة وجهها مقرر مجلس الدولة، سعيد كلا، للنائب العام ونشرتها وسائل إعلام محلية، بتعرض المجلس لتهديدات من جهات مجهولة، قصد إجباره على التراجع عن التوافق مع مجلس النواب، والتزكيات المُقدمة لاختيار رئيس الحكومة.
في المقابل، نفت الشركة العامة للكهرباء مسؤوليتها عن انقطاع الكهرباء من مصادرها المغذية لمبنى «جمعية الدعوة الإسلامية» بمنطقة الجبس جنوب طرابلس، وأكدت مساء أول من أمس أن مصادر التغذية «جيدة ولا يوجد طرح أحمال، ولم تنقطع الكهرباء عن تلك المنطقة».
ومن جانبها، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» أنها باشرت التحقيقات حول ما حدث في جلسة أول من أمس، وقالت أمس إنها تولت تأمين الجلسة، وستحقق المستوى المطلوب لممارسة مجلس الدولة مهامه.
ورحب الدبيبة باتجاه مجلس الدولة «لتركيز جهده في إنجاز قاعدة قانونية لتحقيق الانتخابات في أسرع وقت ممكن، وتبعدنا عن شبح المراحل الانتقالية غير المنتهية»، وتساءل في بيان مقتضب عبر موقع تويتر: «لكن هل سيجد ذلك صداه عند أعضاء مجلس النواب في دعم الانتخابات في أسرع وقت».
وكان الدبيبة قد اعتبر أن مهمة حكومته هو الوصول بالبلاد إلى انتخابات ديمقراطية مبنية على دستور صحيح، رافضا حرمان الشعب الليبي من الاستفتاء عليه. وقال خلال اجتماعه مساء أول من أمس مع عدد من المرشحين للانتخابات البرلمانية إن حكومته وفرت جميع الإمكانيات، والدعم المالي والأمني للمفوضية العليا للانتخابات، بما يتيح لها إجراء الانتخابات في موعدها.
وأضاف الدبيبة موضحا أن «الانتخابات الرئاسية تشهد مشاكل ويمكن تأجيلها. لكن من الغد يمكننا إجراء الانتخابات البرلمانية السهلة»، لافتا إلى أن المفوضية اعتبرته «خطرا على الأمن القومي»، ولقبته بـ«القوة القاهرة». وقال في هذا السياق: «نحن نريد الانتخابات لكنهم لا يريدون ذلك، وسنرى من سيفوز، ولا شيء يمنعنا من إجرائها بعيدا عن الأميركيين والأمم المتحدة»، موجهاً مجددا انتقادات إلى المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز.
في غضون ذلك، قال سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى ليبيا، محمد علي الشامسي، إنه بحث مساء أول من أمس مع ويليامز في تونس أهم التطورات السياسية على الساحة الليبية، وجهود البعثة الأممية في ليبيا. ومن جهتها، قالت ويليامز إنها شددت وعماد البناني، رئيس حزب «العدالة والبناء» الذراع السياسية لتنظيم الإخوان، الذي التقته أمس في طرابلس، على أهمية تعزيز التوافق بين الأطراف الليبية، والحفاظ على الاستقرار، والمضي قُدماً نحو عملية انتخابية شاملة في ليبيا.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.