حافظ عبد الرحمن يخاطب العالم بـ30 مقطوعة موسيقية

الموسيقار السوداني لـ {الشرق الأوسط}: علاقتي مع آلة «الفلوت» نبعت من إحساسي العميق بأنها أصبعي السادسة

الموسيقار حافظ عبد الرحمن لدى أدائه بعض المقطوعات الموسيقية (تصوير: بشير صالح)
الموسيقار حافظ عبد الرحمن لدى أدائه بعض المقطوعات الموسيقية (تصوير: بشير صالح)
TT

حافظ عبد الرحمن يخاطب العالم بـ30 مقطوعة موسيقية

الموسيقار حافظ عبد الرحمن لدى أدائه بعض المقطوعات الموسيقية (تصوير: بشير صالح)
الموسيقار حافظ عبد الرحمن لدى أدائه بعض المقطوعات الموسيقية (تصوير: بشير صالح)

حافظ عبد الرحمن موسيقار سوداني، يتنفس الفن، بمواصفات عالمية، فشدّت أنغام صفارته آلة «الفلوت»، التي عشقها منذ نعومة أظافره بين كثبان كردفان ودارفور بغرب السودان مستمعي إذاعة أم درمان منذ منتصف سبعينات القرن الماضي، وحمل معه شجن النغم إلى أوروبا، حيث أعجب به أحد الكتاب اليهود في ألمانيا ليفرد مساحة لقرائه يتحدث عبره عن نبوغ هذا البلبل القادم من أفريقيا السمراء.
شدا عبد الرحمن بمقطوعاته الموسيقية في معظم أنحاء العالم، فطرب له الأميركان في مسرح كيني سنتر في واشنطن واليابانيون في طوكيو، وتولت شركة فرنسية إنتاجه الموسيقي وتوزيعه على رقعة واسعة من العالم، واستعانت به عدد من الإذاعات العالمية لا سيما الـ«بي بي سي»، و«مونت كارلو» و«صوت أميركا» وغيرها، فحصد جوائز عالمية منها الجائزة الذهبية في مهرجان البحرين.
وتعد مقطوعته الموسيقية «المرفأ القديم» أول إبحار موسيقي خاص في حياة عبد الرحمن، يعبر بها إلى أذن مستمعي الإذاعة والتلفزيون، وذلك كان في منتصف السبعينات من القرن الماضي، حيث أدخلها الإعلامي محمد سليمان شعارا لبرنامجه الشهير «دنيا دبنقا»، حيث أول ما تم بثّها في التلفزيون قبل الإذاعة.
وعزف عبد الرحمن في معظم أنحاء العالم بدأها من طوكيو في الشرق الأقصى مرورا بعواصم ومدن أوروبية وآسيوية ومن ثم إلى واشنطن في الغرب الأقصى، حيث كان الفنان السوداني الوحيد الذي يؤدي فواصل موسيقية في مسرح «كيني سنتر» في واشنطن لليلة كاملة. التقت «الشرق الأوسط» الموسيقار عبد الرحمن، على هامش فعاليات احتفاء السفارة السودانية بالرياض بعيد استقلال بلادها الـ58. فغنّى أغانيها الوطنية أنغاما شدّت الحضور وتفاعل معها الجمهور رسميون وشعبيون.. فسكب مشاعرهم جداول من الشجن والأمل في غد أفضل. يقول عبد الرحمن: «إن علاقتي مع آلة الفلوت أتت من إحساسي العميق بأنها الأصبع السادسة في كفي، فمنذ طفولتي الباكرة كنت مولعا بآلة (الصفارة) العادية، حيث إنها كانت متاحة فهي أحيانا تكون من الصفيح وأحيانا من الأبنوس وأحيانا من القصب، وكنت أصنعها بنفسي في أحايين كثيرة».
ولذلك لم تفلح أسرته عندما حاولت صدّه عنها ليتفرغ للدراسة وعندما أكمل الصف الرابع في المدرسة الابتدائية كانت قد نضجت مهارته في العزف، حيث كان يحتضن جهاز «الراديو» ليجاري الموسيقى التي تبثه الإذاعة السودانية «أم درمان».
وفي ذلك يقول: «كنت أستخدم أصبعي الثالثة في اكتشاف وتمييز كل لونية موسيقية لكل أداء فني ولذلك استطعت التمييز بين موسيقى كبار الفانين والذين كان من بينهم عثمان حسين وسيد خليفة وأحمد المصطفى وغيرهم من الفنانين الكبار».
ومن الأغاني التي استحوذت على بداياته، أغنية «على الجمال تغار منّا ماذا علينا إذا نظرنا» للفنان سيد خليفة وكلمات الشاعر الشفيف إدريس جماع، وأغنية «المصير» للفنان إبراهيم عوض وأغنية «خاطرك الغالي» للفنان عثمان حسين، وغيرها حيث تعد بمثابة سيمفونيات موسيقية.
التحق عبد الرحمن فيما بعد بمعهد الموسيقى والدراما، وقال: «من الطرائف أن الملتحق بالمعهد في العادة يختبر بعد التأكد من شهاداته الأكاديمية، ويسأل عن ماذا سوف يعزف، فكانت اللجنة مكونة من أساتذة كوريين حيث كانوا وقتها معلمين بالمعهد، ولكن كانت إجابتي بمداعبة الصفارة وبمجرد هذه المداعبة الموسيقية انتبهوا إلى نضج هذه التجربة مع الموهبة مع اختلافها عن غيرها من أداءات غيري من الممتحنين».
وأكمل دراسته بكلية الموسيقى في آلة الفلوت حيث وجد أنها أوسع في مدارها وفي طريقة تعبيرها عما عليه غيرها من الآلات الموسيقية الصغيرة الأخرى، ومن المقطوعات الموسيقية التي عزفتها على آلة الفلوت منها «الأيام الخالدة» و«حتى نلتقي» و«شجن» وغيرها من المقطوعات الخالدة التي ألفتها عبر مسيرتك الفنية.
وفي ذلك يقول: عند التفكير في التأليف الموسيقي تسقط قوانين تحديد الأشياء، التي تبدع من خلالها فتسمياتي لبعض المقطوعات الموسيقية التي قمت بتأليفها مثل «الأيام الخالدة»، و«شجن» و«حتى نلتقي» وغيرها انطلاقا من شكل النغم المخزون فيها وأحيانا الاسم يلائم وأحيانا أخرى لا يلائم، غير أنني أحرص على أن تتشابه أسماء المقطوعات مع شكل النغم الذي تحتويه، وحاليا لدي 30 مقطوعة موسيقية ناجحة جدا أخاطب بها كافة العالم. وعن سرّ تشبع مقطوعة «شجن» بعميق الإحساس قال: «لدي موقف يفسّر لك ذلك، إذ أنني كنت أعزفها فإذا بامرأة تغطي وجهها بالثوب حتى نهاية العرض، وما أن انتهيت فإذا بها تأتي إلي من خلف المسرح لتعبر عن إعجابها بالمقطوعة الموسيقية، وعندما أسألها لماذا تغطي وجهك طيلة العرض الموسيقي، تحدثني بأن موسيقاي سافرت بها لابن لها في بلاد المهجر حملت خلالها الكثير من الأشواق والذكريات الخالدة، تعيشها لكأنها في كون آخر بمعزل عمن في معيتها من الحضور».
وعن سرّ التعبير الموسيقي التمييزي بين حالات الشجن والأمل، يعتقد عبد الرحمن أن ذلك يرتبط بشكل وطبيعة الآلة وما تختزنه من أنغام، فآلة «الطرومبيت» مثلا يمكن أن تشكّل صخبا وكذلك آلة «الكلارنيت» تشكل صخبا المشوب ببعض الهدوء، وكذلك آلة «الساكسفون» تبث أصواتا قوية تناسب «المارشات العسكرية»، وتبعث في النفس حب الوطن وتحفز في المستمع الحماس للذود عن حياض الوطن.
أما آلة «الصفار» وفق عبد الرحمن، كانت في قديم الزمان ولا تزال صديقة الرعاة في الخلاء حيث يمارس الراعي الصفارة وهو يهشّ على أغنامه أم يتكئ على جذع شجرة مثلا، لم تكن هذه الصفار تعزف إلا نغما تجيش به نفس العازف وفي الغالب يشوبه بعض الحزن وإن كان الكثيرون لا يدرون من أين يأتي ويتولد هذا الحزن وهذا الشجن إلا أنهم يتمسكون به، ولذلك هناك ثمة أحزان في الدواخل لا تزحزحها الأيام وليست بالضرورة أن ترتبط بفقد عزيز في الدنيا. وعن أثر البيئة أو العادات والتراث في مقطوعاته، قال: «بالتأكيد حيث إنه تترجم في شكل رقصات متباينة كرقصة الكمبلة في جبال النوبة، ورقصة الكاتم في جنوب دارفور وغيرها، حيث إن هناك الكثير من الرقصات الجماعية الجميلة مع (الصفقة) ويعني بها التصفيق، إذ تكتنز شيئا من الموروث والعادات والتقاليد، وهن تدخل آلة الصفارة لتضيف لونا ونكهة مغايرة لتكتمل الصورة الجمالية للرقصة».



نوران أبو طالب لـ«الشرق الأوسط»: لا أسعى لتقليد أحد

نوران أول مطربة عربية تغني في حفل منظمة الفاو ({الشرق الأوسط})
نوران أول مطربة عربية تغني في حفل منظمة الفاو ({الشرق الأوسط})
TT

نوران أبو طالب لـ«الشرق الأوسط»: لا أسعى لتقليد أحد

نوران أول مطربة عربية تغني في حفل منظمة الفاو ({الشرق الأوسط})
نوران أول مطربة عربية تغني في حفل منظمة الفاو ({الشرق الأوسط})

أكدت المطربة المصرية نوران أبو طالب أنها تحمست كثيراً لفكرة تقديم «ميدلي» من أغاني الأفلام في حفل افتتاح مهرجان «الجونة السينمائي» الذي شاركت فيه بالغناء مع المطربين محمد الشرنوبي وهنا يسري، مؤكدة أنها تتطلع لدخول مجال التمثيل وتقديم أعمال موسيقية في السينما.

وأضافت في حوارها مع «الشرق الأوسط» أنها بدأت كمطربة بإعادة أغنيات معروفة، واختارت أغنية «شبابيك»، كما أن الفنان محمد منير دعاها لتغني معه الأغنية، وأشارت إلى أنها تعمل بشكل مستقل مع فرقتها بعدما رفضت احتكار بعض شركات الإنتاج، وتجمع نوران بين الغناء وتأليف وتلحين بعض أغنياتها، وتؤكد أنها لا تسعى لتقليد نجوم الأغنية العربية.

نوران والفنان محمد الشرنوبي في حفل افتتاح مهرجان الجونة ({الشرق الأوسط})

وتقول عن حفل افتتاح مهرجان الجونة: «تحمست له لأنني من محبي أغاني الأفلام وتترات المسلسلات التي تظل في وجدان الناس رغم مرور السنوات، كما أن المُلحن ماهر الملاخ أعدّ الموسيقى بشكل لطيف، وقدمنا عرضاً موسيقياً متكاملاً مع الراقصين؛ لمحاكاة المشاهد الدرامية التي تخللت الغناء».

وتلفت نوران إلى أن أول أغنية خاصة بها كانت «تتر» مسلسل «علامة استفهام» الذي عُرض في رمضان 2019، وقامت هي بوضع ألحانها مع الموسيقي سامر جورج، كما غنت تتر مسلسلين آخرين هما «بيت فرح» و«كل يوم».

تكتب وتلحن بعض أغنياتها لكنها لاتحتكر موهبتها ({الشرق الأوسط})

وتؤكد المطربة الشابة أن «الموسيقى والشعر والمسرح كان لها حضور كبير في بيتنا منذ طفولتي، بتأثير والدتي الدكتورة نسرين رشدي عميدة معهد الكونسرفتوار حالياً، ووالدي الدكتور أسامة أبو طالب رئيس البيت الفني للمسرح الأسبق»، وتضيف: «أراد والدي أن يوجهني للشعر والموسيقى، وقال لي (جربي أن تلحني أحد الدواوين)، وكان عمري 9 سنوات حيث قمت بتلحين عدة قصائد من ديوان للشاعر سيد حجاب».

ورغم دراستها القانون، فإنها كانت تدرس أيضاً الموسيقى طوال الوقت؛ فدرست آلة العود وتعرفت على موسيقيي الفرق المستقلة، وتقول: «في لحظة شعرت أنني لا بد أن أغني، كان ذلك بتشجيع من موسيقيين كبار مثل الراحل صلاح عرام، وراجح داود ويحيى خليل وفتحي سلامة، كما كانت والدتي تشجعني لكنها لم تتوقع أن أحترفه».

عندما غنت شبابيك مع المطرب محمد منير ({الشرق الأوسط})

بدأت نوران الغناء بإعادة تقديم أغنيات مطربين آخرين ولكن بشكل مختلف، وكانت أول أغنية تقدمها هي «شبابيك» لمحمد منير التي تراها «أغنية حزينة جداً لكن موسيقاها بها قدر من الحماس»، وقد عرفها الجمهور من خلالها ونشرتها على حسابها بـ«فيسبوك»، وسمعها المطرب الكبير محمد منير فدعاها لتشاركه غناءها في حفل عُرض «أونلاين» خلال جائحة «كوفيد 19».

وتشير نوران إلى أن أحدث أغنياتها المصورة التي طرحتها عبر مختلف المواقع الموسيقية «ليلة» هي من كتبت كلماتها، وقبلها قدمت أغنية «في ظروف تانية»، وأنها سجلت 8 أغانٍ تنوي طرحها ضمن ألبوم، خصوصاً بعد نجاح ألبوم أنغام والمطرب «تو ليت» اللذين طرحا أخيراً عبر «السوشيال ميديا»، مما يشجع لعودة فكرة الألبوم مجدداً، وفق قولها.

الموسيقى والشعر والمسرح كان لها حضور كبير في بيتنا منذ طفولتي

نوران أبو طالب

وقدمت نوران حفلات عدة بالأوبرا ومكتبة الإسكندرية ومسارح الجامعة الأميركية، كما غنت قبل أيام في روما خلال حفل المنتدى السنوي لمنظمة «الفاو» كأول مصرية وعربية تقدم أغنية المنتدى، وتقول عن ذلك: «سعدت جداً بهذا الحفل وقدمت خلاله أغنية حماسية للشباب الذين جاءوا من مختلف بلدان العالم وتضمنت جزءاً بالعربية وآخر بالإنجليزية، وأحدثت صدى أسعدني»، كما أحيت حفلات بالدنمارك والأردن والبحرين، وأكدت أنه «من المهم لكل مغنٍ أن يكون له تواجد على الأرض بين الجمهور».

وكونت المطربة المصرية فرقة موسيقية تضم 5 عازفين، وتوضح أنها «لا تعتبر فرقتها مجرد موسيقيين يصاحبونها بل هم جزء مما تقدمه».

جديدي أغنية «كان لك معايا» وستطرح على جميع المنصات الموسيقية

نوران أبو طالب

وعن خوضها تجربة تلحين بعض أغنياتها تقول: «وجدت نفسي أرغب في خوض هذه التجربة، وقد شجعني عليها موسيقيون لديهم خبرة مثل سامر جورج وهاني بدير ومصطفى سعيد، خصوصاً أن التلحين اختلف عما كان عليه في الماضي، حين كان المطرب يذهب للملحن ويبحث لديه عن أغان جديدة، الآن هناك فنانون يجمعون بين الغناء والتلحين، وفي الفرق المستقلة بعض المطربات يضعن ألحانهن، سواء في مصر أو العالم العربي، لكنني أيضاً أحب التعامل مع ملحنين آخرين».

تؤكد نوران اعتزازها بأنها قدمت أعمالاً تشبهها لكنها قد تتغير في أي وقت؛ لأن الإنسان نفسه يتغير، كما تعتز بأنها لم تسع لتقليد أحد ولم تقدم أي أغنية لإحداث «فرقعة»، مؤكدة: «لدي مشروعي الفني الذي أشعر بالمسؤولية تجاهه، لأنني أتعامل مع تجربتي بشكل مستقل».

وكشفت المطربة المصرية عن طرحها أغاني جديدة من بينها «كان لك معايا» من كلمات مصطفى ناصر وألحان تيام، وستطرحها على كل المنصات الموسيقية، كما تخوض تجربة التمثيل عبر أعمال تختار من بينها، مشددة على «ضرورة عودة العروض المسرحية الموسيقية وكذلك الأفلام الغنائية».