هل يفقد لاعبو كرة القدم الحافز بعد توقيع عقود طويلة الأمد؟

بعضهم حريص على تقديم مستويات جيدة قبل التجديد من أجل لفت أنظار أندية راغبة في ضمه

من اليمين: ديلي آلي وبيير إيمريك أوباميانغ وجاك كورك (غيتي)
من اليمين: ديلي آلي وبيير إيمريك أوباميانغ وجاك كورك (غيتي)
TT

هل يفقد لاعبو كرة القدم الحافز بعد توقيع عقود طويلة الأمد؟

من اليمين: ديلي آلي وبيير إيمريك أوباميانغ وجاك كورك (غيتي)
من اليمين: ديلي آلي وبيير إيمريك أوباميانغ وجاك كورك (غيتي)

رغم رحيل اللاعبين، الأول إلى برشلونة والثاني إلى إيفرتون، فقد لا يرحب مشجعو آرسنال أو توتنهام بالمقارنة، لكن فيما يتعلق ببيير إيمريك أوباميانغ وديلي آلي، فإن كلا الناديين في شمال لندن كانا لديهما لاعبان لم يقدما داخل الملعب ما يتناسب على الإطلاق مع المقابل المادي الكبير الذي كانا يحصلان عليه. فهل هناك أي أساس للاتهام الذي يقول إن العقود طويلة الأجل تجعل اللاعبين يفقدون الحافز لتقديم مستويات جيدة؟
إن الافتراض بأن مستويات اللاعبين تتراجع بمجرد أن يجف الحبر الموقعة به العقود الجديدة متجذر في فكرة أن أداء اللاعبين يبلغ ذروته قبل تمديد العقود الجديدة. ويُعد أوباميانغ خير مثال على ذلك: فالانتقادات قبل انتقاله إلى برشلونة، بشأن تمديد عقد اللاعب مع آرسنال لمدة ثلاث سنوات في سبتمبر (أيلول) 2020 ترجع جزئياً إلى فشله في تقديم نفس المستويات الاستثنائية التي كان يقدمها في موسم 2019 – 2020، عندما سجل 29 هدفاً في 44 مباراة، بما في ذلك نجاحه في هز الشباك وقيادة ناديه للفوز في مباراتي نصف نهائي ونهائي كأس الاتحاد الإنجليزي.
لكن الأدلة التي تدعم مفهوم «سنة العقد» - عندما يتحسن أداء اللاعب بشكل ملحوظ خلال السنة الأخيرة من عقده القديم - مختلطة. وأشارت دراسة أجريت على 275 لاعباً قضوا موسمين متتاليين في الدوري الإيطالي الممتاز بين عامي 2012 و2014 - التواريخ قبل وبعد توقيع العقد - إلى أن أداء اللاعبين كان أفضل في العام الأخير من عقودهم.
وفي حديثه عن هذا الموضوع في مقابلة صحافية أجريت معه مؤخراً، أشار لاعب خط وسط نادي بيرنلي، جاك كورك، وهو من بين عدد من اللاعبين الذين من المقرر أن يرحلوا عن ملعب «تيرف مور» عندما ينتهي عقده الصيف المقبل، إلى أن اللاعبين الذين يدخلون العام الأخير من عقودهم الحالية يكونون حريصين على تقديم مستويات جيدة من أجل لفت أنظار الأندية الجديدة التي قد ترغب في الحصول على خدماتهم، أو من أجل إقناع أنديتهم الأصلية بتمديد التعاقد معهم. وقال كورك: «إننا لا نريد أن نخذل أنفسنا. إذا سارت النتائج بشكل سيئ، فهذا ينعكس بشكل سيئ علينا فقط، وهذا شيء لا نريده في سيرتنا الذاتية، واللاعب لا يريد أي شيء سيئ في تلك الفترة لأن عقده ينتهي خلال الصيف».
ولا تقتصر فكرة «سنة العقد» على اللاعبين فقط، لكنها تمتد إلى المديرين الفنيين أيضاً. فعندما سُئل المدير الفني لمانشستر يونايتد، رالف رانغنيك، مؤخراً، عما إذا كان سيعتمد على بول بوغبا خلال الأشهر القليلة المقبلة قبل انتهاء عقده، قال المدير الفني الألماني إن لاعب خط الوسط الفرنسي سيكون حريصاً على تقديم مستويات جيدة من أجل لفت أنظار الأندية التي قد ترغب في التعاقد معه. وقال رانغنيك: «إنه سيكون متحمساً للغاية، حتى لو كان ذلك فقط من أجل إظهار ما يكفي لتوقيع عقد في مكان آخر. لماذا لا أشركه في المباريات؟».
ومع ذلك، وجد تقرير صدر عام 2019 يحلل أداء 249 لاعباً في الدوري الإنجليزي الممتاز، والدوري الإسباني الممتاز، والدوري الألماني الممتاز، والدوري الفرنسي الممتاز بين عامي 2008 و2015، أنه لا توجد أدلة تذكر على وجود علاقة واضحة بين مدة العقد والأداء عند النظر إلى مؤشرات مثل دقة التسديد ودقة التمرير والتدخلات الناجحة ودقائق مشاركة اللاعبين في كل مباراة من المباريات.
قد لا يكون اختلاف وجهات النظر مفاجئاً، نظراً لأن هذا الموضوع معقد للغاية. ولفت مؤلفو دراسة «تحليل أداء لاعبي كرة القدم على مستوى النخبة قبل وبعد توقيع عقد جديد» الانتباه إلى حقيقة أن «الأداء الفردي يمكن أن يتأثر بالاستراتيجيات والتكتيكات الجماعية، وهو ما قد يخفي التأثيرات الصغيرة التي قد يحدثها توقيع عقد جديد على مؤشرات الأداء الفردية التي يمكن ملاحظتها».
إنه بيان يمكن تطبيقه على الجدل الدائر حول المستوى الذي كان عليه ديلي آلي - قبل رحيله إلى إيفرتون - منذ أن وقع لاعب خط وسط توتنهام عقداً مدته ست سنوات في عام 2018، وبينما انخفض أداء اللاعب بشكل ملحوظ منذ موافقته على تمديد العقد، فإن الاتهامات الموجهة للاعب بانخفاض مستواه وعدم وجود حافز لديه لتقديم مستويات أفضل تتجاهل المشاكل الكبيرة التي يعاني منها توتنهام بشكل عام خلال الأعوام الأربعة الماضية، ناهيك عن عدد المراكز المختلفة التي لعب بها آلي بسبب غياب عدد كبير من لاعبي الفريق بداعي الإصابات أو بسبب تغيير الخطط التكتيكية أو بسبب النقص الواضح في قائمة الفريق.
هذا لا يعني أن دوافع اللاعبين لا علاقة لها تماماً بالأمر. ففي حلقة حديثة من برنامج «علم نفس كرة القدم»، وصف البروفسور مارك جونز الطريقة التي يتأثر بها الدافع باستقلالية الفرد وكفاءته، وكيف يمكن لعقد جديد أن يجعل اللاعب يقدم مستويات أفضل. وقال جونز: «لاعبو كرة القدم هم أشخاص موهوبون للغاية وسوف ينجذبون إلى العقود التي تحتوي على الحوافز والمكافآت المالية الكبيرة، لأن هذا يكون بمثابة اعتراف بخبراتهم وكفاءتهم في نفس الوقت». ويشير جونز إلى مفاوضات العقد التي سبقت انتقال آشلي كول من آرسنال إلى تشيلسي في عام 2006 كمثال على ذلك.
وفي السيرة الذاتية لآشلي كول بعنوان «دفاعي»، تحدث مدافع إنجلترا السابق بصراحة عن محادثاته مع مجلس إدارة آرسنال، قائلاً: «بدأ كل شيء بينما كنت جالساً تحت أشعة الشمس في فندق (سوبويل هاوس) في هيرتفوردشاير، الذي كان يقيم به المنتخب الإنجليزي قبل السفر إلى البرتغال للمشاركة في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2004، عندما صرخ صوت متحمس قائلاً (آشلي! السيد دين يقف هناك). لقد أخبرني بأنني لا أحصل على ما يكفي من الأموال وبأن راتبي سيرتفع. لكنني رسمت على وجهي ابتسامة أخبرته بكل ما يحتاج إلى معرفته. لقد كنت متحمساً للغاية».
ويضيف كول: «لكن النبرة التي كان يتحدث بها سرعان ما مسحت الابتسامة من على وجهي، فقد شعرت بأن موقفه يوحي بأنه كان يقدم لي معروفاً، كما لو كنت لاعباً متدرباً في السابعة عشرة من عمره. كان العرض الذي قدمه هو زيادة مالية قدرها 10.000 جنيه إسترليني أسبوعياً ليصل راتبي الأسبوعي إلى 35.000 جنيه إسترليني. صحيح أنها كانت زيادة كبيرة، لكن عند النظر إليها في سياق أجور لاعبي كرة القدم وتصريحه بأن قيمتي تصل إلى 20 مليون جنيه إسترليني، وعند مقارنة ذلك برواتب لاعبي آرسنال الآخرين الذين يحصلون على ما يتراوح بين 80 ألف جنيه إسترليني و100 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع، فقد كان عرضه سخيفاً. لقد كان بمثابة صفعة على الوجه، وليس تقديراً مالياً».
وفي حين يُنظر إلى سلوك كول - والانتقال اللاحق إلى تشيلسي – على أنه مثال على جشع وطمع اللاعبين، فإن جونز ينظر إلى رد فعل كول من الناحية النفسية، فغضب اللاعب كان نابعاً من إحباطه من عدم تقدير النادي له. يقول جونز: «لم يكن المال في حد ذاته هو سبب رفض كول تجديد عقده مع آرسنال، لأنه كان سيحصل على مبلغ كبير بالفعل، لكن الأمر كان يتعلق بما قيل حول نظرة النادي إليه».
وتجد وجهة نظر جونز دعماً من قبل آندي هيل، الطبيب النفسي بنادي بلاكبيرن روفرز، الذي أوضح أن لاعبي كرة القدم يتأثرون كثيراً بمسألة تقديرهم من جانب النادي، قائلاً: «إننا نسمع قصصاً عن لاعبين ناجحين للغاية يركضون حول الملعب في يوم المباراة ليخبروا اللاعبين الآخرين بمقدار الأموال التي يكسبونها، فقط لمحاولة التأثير عليهم من الناحية النفسية. الأمر يهم لاعبي كرة القدم كثيراً لأنه يتعلق بشعورهم بالتقدير من جانب النادي. لا يتعلق الأمر بالمال بالنسبة لمعظم اللاعبين، لكنه يتعلق بما يمثله ذلك».
وبعد توقيع عقد جديد مدته خمس سنوات في أغسطس (آب) 2021، تحدث جيمس وارد براوز مع الموقع الرسمي لنادي ساوثهامبتون حول الطريقة التي «جلس بها مسؤولو النادي معي وأخبروني بإعجابهم بي وبالطريقة التي يريدون مني بها قيادة الفريق». وتوضح تلك الكلمات كيف يمكن لعقد طويل الأجل، من خلال الاعتراف بالكفاءة، أن يحفّز اللاعب على التحسن والتطور. ومنذ تمديد عقده في الصيف، يقدم وارد براوز مستويات ممتازة، حيث ارتفع معدل تهديفه في الأسابيع الأخيرة.
يقول جونز عن ذلك: «حسب القصص المتناقلة، هناك العديد من اللاعبين المعروفين على الأرجح داخل اللعبة الذين تحسّن أداؤهم في العام الأخير من عقدهم، قبل التراجع بمجرد توقيعهم على عقد جديد. لكن من المحتمل أن تكون الحاجة إلى تقديم عقود بمبالغ مالية كبيرة أمراً إيجابياً في حد ذاته بالنسبة للعبة ككل، نظراً للطريقة التي تؤثر بها إيجابياً على دوافع فرد معين تقديراً لكفاءته».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».