بن غفير يقتحم «الشيخ جراح» ويجدد التوتر

بعد يوم من قرار تجميد إخلاء منزل عائلة فلسطينية

TT

بن غفير يقتحم «الشيخ جراح» ويجدد التوتر

تفجرت مواجهات جديدة في حي الشيخ جراح في القدس، أمس الأربعاء، بعد اقتحام عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير، للحي، واستفزازه الأهالي هناك بصحبة مستوطنين.
واقتحم بن غفير الحي، وراح يجول فيه أمام منازل الفلسطينيين المهددة بالمصادرة، في خطوة رفعت مستوى التوتر وقادت إلى مواجهات.
وقال محمود السعو، أحد سكان الحي، إن بن غفير تعمد استفزاز الأهالي، قبل أن تهاجم الشرطة الإسرائيلية السكان وتعتدي على الناشط المقدسي محمد أبو الحمص، ما تسبب في فقدانه الوعي قبل نقله إلى المستشفى، وتعتقل الشاب رائد حجازي أثناء المواجهات، ثم تقتحم منزل عائلة السعو، وتعتقل ختام السعو.
ويتعرض حي الشيخ جراح إلى حصار منذ أسبوعين، ووجود شرطي مكثف داخل الحي، بعد أن اقتحمه بن غفير وأقام خيمة فيه تمثل مكتباً برلمانياً له منادياً بحماية ونصرة اليهود في الحي. وجاء اقتحام بن غفير للحي، أمس، بعد يوم على قرار محكمة الصلح الإسرائيلية في القدس، بتجميد قرار إخلاء عائلة سالم من منزلها في حي الشيخ جراح، حتى صدور قرار جديد بشأن ذلك.
وكان الإخلاء، الذي كان من المقرر أن يبدأ في أول مارس (آذار) المقبل، أحد الأسباب الرئيسية للتوتر في الحي الواقع في القدس الشرقية في الأسابيع الأخيرة، مما أدى إلى احتجاج الفلسطينيين واشتباكات مع الشرطة والمستوطنين. قرار المحكمة الإسرائيلية جاء في سياق توجه إسرائيلي عام بتخفيض التوتر قبل شهر رمضان.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، طالبت الحكومة الإسرائيلية بتجنب مزيد من التصعيد في حي الشيخ جراح، الذي يشهد توترات متقطعة منذ فترة طويلة، بسبب قرار إسرائيلي بطرد عائلات الحي منه لصالح عائلات يهودية تقول إنها تتملك المنازل التي وصل إليها الفلسطينيون عام 1956 حين سلمتهم الحكومة الأردنية 28 وحدة سكنية في الحي ضمن اتفاق مع «وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)».
ووفقاً لمنظمة «عير عميم» اليسارية غير الربحية، فهناك نحو 300 فلسطيني مهددون حالياً بالإخلاء في الشيخ جراح، معظمهم في قضايا خاصة رفعتها مجموعات يهودية يمينية. وفيما تهدد الفصائل الفلسطينية بأن أي تطورات في الحي قد تقود إلى مواجهة جديدة مع إسرائيل، تعمل السلطة سياسياً للضغط على إسرائيل من أجل التراجع.
وأرسلت بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة 3 رسائل متطابقة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (روسيا) فاسيلي نيبينزيا، ورئيس الجمعية العامة عبد الله شاهد، حملت عنوان: «فلسطين تناشد حماية الشيخ جراح والمواقع المقدسة». وتضمنت الرسائل تفاصيل حول الانتهاكات المستمرة التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، لا سيما في القدس الشرقية المحتلة، واستهدافها المتواصل المواقع الدينية المسيحية، وهي على ثقة تامة بأنها لن تخضع للمساءلة.
وطالب الفلسطينيون بحشد الآليات الدبلوماسية والسياسية والقانونية المتاحة، لتجنب مزيد من التدهور في الوضع المؤسف ولرسم أفق لسلام عادل. وجاء في الرسائل أن «إسرائيل هي السلطة القائمة بالاحتلال وليس لها سيادة في القدس الشرقية المحتلة أو أي جزء آخر من الأرض الفلسطينية المحتلة، وليس لها أي حق على الإطلاق في تنفيذ مخططاتها الاستعمارية غير القانونية على أرضنا، بما في ذلك في البلدة القديمة وفي أماكنها المقدسة، بصرف النظر عن أي تصريحات أحادية الجانب، وما يسمى بـ(القانون الأساسي) أو غير ذلك».
وقالت البعثة إنه تم إخطار المجتمع الدولي بشأن حملات السلب الجماعي والتهجير الإسرائيلي في القدس، لا سيما في حيي الشيخ جراح وسلوان وأنها بدأت قبل عام واحد بالضبط، واليوم لا يزال الوضع في الشيخ جراح هو وضع تنام فيه العائلات في خوف لا تعلم ما إذا كان سيظل هناك سقف فوق رأسها، أو ما إذا كان الجنود المدججون بالسلاح سيقتحمون المنازل في منتصف الليل، أو ما إذا كان المستوطنون سيضرمون النار في منازلهم وممتلكاتهم، بحسب رسالة البعثة. وأكد الفلسطينيون، مجدداً، أن عملية الترحيل القسري الجارية في حي الشيخ جراح «هي جريمة حرب ومن أعمدة نظام الفصل العنصري الإسرائيلي».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.