برلين ترد على خطوة موسكو بتعليق تشغيل «نورد ستريم 2»

شولتس: الوضع تغير تماماً وروسيا على وشك أن تغزو كامل أوكرانيا

تعتمد ألمانيا حالياً بنسبة 40 في المائة من طاقتها على الغاز الروسي (أ.ف.ب)
تعتمد ألمانيا حالياً بنسبة 40 في المائة من طاقتها على الغاز الروسي (أ.ف.ب)
TT

برلين ترد على خطوة موسكو بتعليق تشغيل «نورد ستريم 2»

تعتمد ألمانيا حالياً بنسبة 40 في المائة من طاقتها على الغاز الروسي (أ.ف.ب)
تعتمد ألمانيا حالياً بنسبة 40 في المائة من طاقتها على الغاز الروسي (أ.ف.ب)

بعد أسابيع من التردد، أعلن أخيراً المستشار الألماني أولاف شولتس، تعليق منح الترخيص لمشروع غاز «نورد ستريم 2» المشترك مع ألمانيا، الذي يمكنه أن يوصل الغاز الطبيعي الروسي مباشرة إلى دول أوروبا الغربية، وذلك رداً على اعتراف موسكو بجمهوريتي دونتسك ولوغانسك الانفصاليتين في أوكرانيا.
وفي خطوة بالغة الأهمية، قال شولتس خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة الآيرلندي مايكل مارتن، الذي يزور برلين، إنه طلب من وزارة الاقتصاد إعادة تقييم التقرير الذي يدرس أمن الطاقة، والذي على أساسه منح مشروع «نورد ستريم 2» الضوء الأخضر للحصول على ترخيص لإيصال الغاز إلى ألمانيا. ويمسك بوزارة الاقتصاد روبرت هابك، الذي كان زعيم حزب الخضر قبل تعيينه وزيراً، ومن معارضي المشروع منذ البداية. ويبدو أن هابيك نجح بإقناع شولتس والحكومة بالتخلي عن المشروع، وإعادة تقييمه، رغم الكلفة الباهظة التي سيكون على ألمانيا دفعها.
وقاوم شولتس لأسابيع الالتزام بموقف يؤكد وقف المشروع رداً على التصعيد الروسي على الحدود مع أوكرانيا. وحتى عند لقائه الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض، رفض الالتزام بذلك بشكل واضح. ومنذ بدء روسيا حشد قواتها على الحدود مع أوكرانيا، والمستشار الألماني يكرر بأن برلين تسعى لحل التصعيد دبلوماسياً. وقد بذلت ألمانيا بالفعل جهوداً كبيرة للتوسط لحل الأزمة، من خلال زيارات متكررة لكييف وموسكو قام بها المستشار ووزيرة خارجتيه أنالينا بيوبوك، واجتماع بصيغة النورماندي يجمع بين أوكرانيا وروسيا وألمانيا وفرنسا، فشل في تحقيق أي توافق.
ولكن شولتس قال أمس في تبرير اتخاذه قرار وقف المشروع الآن، إن «الوضع تغير تماماً»، مضيفاً أن «روسيا على وشك أن تغزو كامل أوكرانيا، ولا أحد يعرف ما الذي سيحصل بعد الآن، ولذلك من المهم أن نرد الآن».
ودافعت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، عن مشروع «نورد ستريم 2» لسنوات، وبقيت متمسكة به حتى اللحظات الأخيرة لمغادرتها منصبها، رغم العقوبات الأميركية التي فرضتها إدارة ترمب السابقة على المشروع. وكررت ميركل لسنوات بأن المشروع اقتصادي بحث ولا يؤثر على مواقف ألمانيا تجاه روسيا، ولا يتسبب بتراخيها معها.
وحتى عندما زار شولتس موسكو، الأسبوع الماضي، لم يأت على ذكر المشروع أمام بوتين ولا التلويح بوقفه، بل سمع من الرئيس الروسي بأن المشروع «اقتصادي بحث» ومهم بالنسبة لأوروبا، لأنه سيزيد من «أمن الطاقة» بالنسبة لها.
إلا أن واشنطن وحتى بروكسل عارضتا المشروع منذ البداية، وظلتا تحذران من زيادة التأثير الروسي في ألمانيا لسنوات. وقد عادت هذه التحذيرات لتعلو منذ أيام، إذ عبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، خلال مؤتمر ميونيخ للأمن قبل بضعة أيام، عن استغرابها من توريد شركة «غاز بروم» الروسية المملوكة من الحكومة، للحد الأدنى من الغاز إلى أوروبا منذ أشهر. ووصفت هذا التصرف بأنه «غريب» بالنسبة لشركة، متهمة روسيا بالتلاعب بسوق الغاز الأوروبية. وما يزيد من حجر الحكومة الألمانية أن مستشارها السابق غيرهارد شرودر، المنتمي للحزب الاشتراكي الحاكم حالياً، مرشح لتولي منصب رئيس مجلس الإدارة في مشروع «نورد ستريم 2»، وهو من أكبر المروجين للمشروع والمدافعين عن بوتين في أوروبا.
وتعتمد ألمانيا حالياً بنسبة 40 في المائة من طاقتها على الغاز الروسي، وقد زاد هذا الاعتماد بعد قرار ميركل إغلاق كل معامل الطاقة النووية التي كانت تنجح ربع الطاقة في البلاد، بعد حادث فوكوشيما عام 2011 في اليابان إثر هزة أرضية تسببت بأسوأ تسرب نووي منذ حادث تشيرنوبل عام 1986، وزادت ألمانيا أيضاً من حفر مناجم الفحم منذ إغلاق المفاعل النووية، ما زاد من التلوث البيئي الذي تتسبب به. وتستورد ألمانيا الغاز الألماني حالياً عبر أنابيب تمر بأكرانيا، والمشروع الجديد يحرم أكرانيا من عائدات عبور ضخمة تدرها على خزينتها كونه ينقل الغاز مباشرة إلى ألمانيا عبر كيلومترات من الأنابيب شيدت تحت بحر البلطيق.
لكن الحكومة الجديدة التي يرأسها الاشتراكيون التزمت بسياسة خضراء بعد أن ضمت حزب الخضر إليها، ووضعت خطة للسنوات المقبلة للخروج من الاعتماد على الغاز الروسي والاستثمار في الطاقة الخضراء. وقد ذكر شولتس بذلك أمس عند إعلانه عن وقف البحث بمنح التراخيص اللازمة للمشروع، مشيراً إلى أن هذا التحدي الذي رسمته الحكومة لنفسها للخروج من اعتمادها على الغاز الروسي.
ومع اتخاذ ألمانيا خطوة كان الكرملين حذر منها، بدأت المخاوف تتزايد من تعرض البنى التحتية في البلاد، خصوصاً الطاقة والمياه، لاعتداءات سيبريانية قادمة من روسيا. وقالت السلطات الأمنية إنها في حال تأهب قصوى خوفاً من اعتداءات محتملة، وفي عام 2015 تعرض نواب في البرلمان الألماني لحملات قرصنة استمرت أسابيع استهدفت حواسيبهم الخاصة، ووصلت كذلك إلى حاسوب ميركل الشخصي، ونقلت كميات كبيرة من المعلومات منها. وتبين لاحقاً أن عملية القرصنة نفذتها شركة مرتبطة بالمخابرات الروسية. وجاءت العملية آنذاك بعد عقوبات فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا رداً على ضمها القرم إلى أراضيها.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».