يوم التأسيس: المؤرخ راشد بن عساكر لـ«الشرق الأوسط»: البعد الديني في قيام الدولة السعودية الأولى مبالَغ فيه

أزال الغموض الذي اكتنف تأسيسها

صورة تاريخية لوادي حنيفة عام 1917
صورة تاريخية لوادي حنيفة عام 1917
TT

يوم التأسيس: المؤرخ راشد بن عساكر لـ«الشرق الأوسط»: البعد الديني في قيام الدولة السعودية الأولى مبالَغ فيه

صورة تاريخية لوادي حنيفة عام 1917
صورة تاريخية لوادي حنيفة عام 1917

من يقرأ ما تم تدوينه في بعض الكتب التي أرّخت تاريخ الجزيرة العربية، وتحديداً وسطها (نجد أو اليمامة)، منذ العصور الإسلامية المبكرة وحتى القرون الأربعة الماضية، يلحظ إشارتها، بل وتأكيدها على انتشار وتفشي الجهل والبدع والشركيات بين السكان، بل جزمت بغياب مظاهر الوعي الديني والثقافي والعلمي بكل أشكاله، وحضر هذا الطرح بقوة في «الدرعية»، وحدها دون سائر مدن المنطقة التي تناثرت فيها وعلى ضفة وادي حنيفة الشهير إمارات شكّلت كل واحدة منها كياناً سياسياً مستقلاً، مارس السيادة على أراض أشبه بأحياء، وحارات المدن والبلدان، والكل يحلم بالتوسع على حساب الآخر، وقامت بينها صراعات وحروب ونزاعات، وغاب فيها الأمن وانتشر الفقر، وغاب القانون، ناهيك عن وجود أعداء خارج المنطقة يتربصون للانقضاض على هذه الكيانات الصغيرة تفوقهم قوة ليبسطوا عليها سيادتهم أو على الأقل تكون تابعة لهم وتحت إمرتهم، ونجح البعض وأخفق الكثير، لكن جل هذه الكيانات توارت واختفت من الخريطة.
ولعل من المتعارف عليه، أن فكرة إنشاء دولة تنطلق من الدرعية إلى مناطق أخرى لازمت حكامها من الأمير مانع المريدي وأبنائه واحفاده، وتحقق ذلك بعد ثلاثة قرون بعد أن تمكن الإمام محمد بن سعود، من إعلان هذه الدولة الحلم، التي حملت اسم (الدولة السعودية الأولى)، وصاحب إعلان هذه الدولة أطروحات من بعض المؤرخين، ركّزوا على مناصرة الإمام محمد بن سعود للدعوة الإصلاحية، وعدّوها منطلق قيام الدولة وبالغوا في وصف الأوضاع الدينية، وعدّوها الدافع الأهم من دوافع قيام الدولة الجديدة التي سقطت مرتين بفعل داخلي وخارجي، لتقوم مرة ثالثة مسجلة اسمها دولة عصرية حديثة، ورقماً صعباً في المعادلة الدولية.
لرصد واقع الحال في تلك الفترة وظروف قيام الدولة السعودية الأولى، التقت «الشرق الأوسط»، الدكتور راشد بن عساكر، المؤرخ والباحث والمؤلف في تاريخ المنطقة، فكان هذا الحوار:
عقد سياسي واجتماعي
> كيف تقرأ ما تناقله وسجله بعض المؤرخين المتقدمين وحتى المتأخرون في كتبهم وطروحاتهم عن تاريخ وسط الجزيرة العربية وقرروا خلالها بأن منطقة نجد تحديداً غابت عنها مظاهر العلم وتفشى فيها الجهل وانتشرت فيه البدع منذ القرون الأربعة الماضية، قبل قيام الدولة السعودية الأولى، وهل مناصرة الإمام محمد بن سعود للدعوة التي نادى بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب (التي ألصقت به ما اصطلح على تسميته الوهابية) له ما يبرره بخصوص الوضع في نجد قبل هذا التأييد؟
- السائد والمتناقل والمسجل في بعض الكتب التي أرّخت تاريخ وسط الجزيرة العربية بخصوص أن منطقة نجد أو اليمامة على وجه التحديد قد غابت عنها مظاهر الثقافة والوعي بكل أشكالهما وانتشرت فيها البدع وذلك منذ العصور الإسلامية المبكرة، وحتى القرون الأربعة الماضية، حتى شهدت مولد ما اصطلح على تسميته بالدعوى الإصلاحية بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب بمؤازرة من الإمام محمد بن سعود، وتبين بالبحث التاريخي أن ذلك غير صحيح وغير دقيق. فالبلاد ينتقصها توحيد الجانب السياسي، فالدين موجود وقائم قبل ذلك بالتعاليم الدينية والمذهب الحنبلي المنتشر والمعتمد على الكتاب والسنة.
الإمام محمد بن سعود سعى لإيجاد تحالفات سياسية وعسكرية، وكذلك معاضدة دينية للدعاة، ومنهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب، قبل نحو ثلاثة قرون، وتمخض هذا عن خلق عقد سياسي واجتماعي جديد ما زلنا حتى اليوم نتحرك داخل إطاره رغم انقلاب المجتمع، وتغير الظروف والأساس الذي قام عليه هذا العقد.
ولعل المؤرخين، خصوصاً الرسميين منهم والذين تناولوا تاريخ المنطقة في تلك الفترة لم يشيروا إلى وجود أي مظاهر ثقافية أو أي مؤشرات تدل على وجود نهضة علمية وعلماء في العلوم الشرعية وغيرها، بل وصل بالبعض من هؤلاء المؤرخين إلى وصف المنطقة بتفشي الجهل فيها ووجود مظاهر تخالف روح الإسلام، وانتشار الشركيات فيها، بل اعتبرت المنطقة تعاني من فقر في العلماء والفقهاء الذين كان وجودهم ضرورياً لتوجيه دفة المجتمع إلى بر الأمان والقضاء على كل مظهر يخالف الإسلام.
لا جهل ولا بدع ولا شركيات
> كمؤرخ وباحث ومؤلف، هل من الممكن أن تصف الحالة المغايرة لما ذكره بعض المؤرخين عن أوضاع المنطقة خلال تلك الفترة.
- لا شك أن المخطوطات والوثائق والشعر والأثر والنقش، وغيرها من المعطيات، هي الشاهد الأكبر والأوثق لدراسة تاريخ أي أمة وقراءة فكرها وتوجهاتها، وإعطاء حكم على طبيعة وجودها ودرجة مساهمتها في بناء الحضارة الإنسانية، وفيما يتعلق بالفترة التي وصمت بالجهل وانتشار البدع ووجود المظاهر الشركية في نجد قبل قيام الدولة السعودية الأولى، فإن كثيراً من المخطوطات والوثائق والقصائد تقول غير ما كتب عنها، فمثلاً الشاعر حميدان الشويعر، الذي عاش قبل وأثناء فترة ما يعرف بالدعوة الإصلاحية، يشير في إحدى قصائده إلى صلاة القيام (التراويح في العشر الأواخر من رمضان):

الوعد مثل من قال كحي واكح
في قيام العشر وان ظهرت اظهري
واقعدي عندنا لين ما يظهرون
واظهري والمطوع بهم يوتري

كما أشار الشاعر نفسه في صورة أخرى للحالة الدينية في نجد قبل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، إلى أن إخراج الزكاة (الركن الثالث من أركان الإسلام)، كان أمراً ضرورياً يهتم بها الحكام، والمجتمع اهتماماً بالغاً:

تاجر فاجر ما يزكي الحلال
لو يجي صايم العشر ما فطّره
ويكفي أن نقول إن عالماً شامياً، هو الأوزاعي، شد الرحال لطلب العلم في الرياض (التي كانت تسمى في ذلك الوقت حجر اليمامة)، وبالمثل العالم ومفسر الأحلام المشهور ابن سيرين اتجه للدراسة في جامع الرياض، لمتطلبات تولي قضاء البصرة فذهب للدراسة على علماء حجر اليمامة، وبالمثل إسحاق بن إسرائيل وابن راهوية فإنهما أخذا ونشرا علم الحديث ودراسته، وعدّ عالم حجر اليمامة الإمام يحيى بن أبي كثير أحد الستة الذين يؤخذ عنهم علم الإسناد في الحديث النبوي، وقد وصلت بعض أسماء طلاب العلم في حجر اليمامة إلى قرابة القرن الثالث الهجري إلى أكثر من مائتين وخمسين عالماً وطالباً للعلم، بل إن مؤرخاً وهو ياقوت الحموي وعاش قبل 960 عاماً، أشار إلى تمسك البلاد النجدية وتشددهم فيه من خلال إيراده ما قاله شاعر نجدي حنّ لبلاده نجد:

يا حبّذا نجد وطيب ترابهِ
وغلظةَ دنيا أهل نجد ودينهم

وبمجمل القول، فإن من يطلع على ما سجله عبد الله البسام في كتابه علماء نجد خلال ثمانية قرون، يجد عدداً كبيراً من العلماء النجديين تجاوز من ترجم لهم أكثر من 800 عالم خلال الفترة من القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر الهجري، حيث إنه عند إحصاء العلماء قبل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، نجد عددهم أكثر من 200 عالم، أما من ينظر إلى إحصائية علماء نجد منذ الفترات الإسلامية المبكرة فيجد أن عددهم من القرن الأول إلى الرابع الهجري أكثر من 250 عالماً ومحدثاً، أما في الفترات المتقطعة خلال الفترة من القرن الخامس إلى السابع الهجري نجد أن بعض هؤلاء العلماء من نجد قد ورد ذكرهم في بعض المصادر، مثل كتب الإجازات والسماعات، التي تترجم لبعض الأعلام في العالم الإسلامي.
أما بعد القرن السابع إلى القرن الماضي، فنجد أن الأرقام تشير إلى وجود أكثر من 1500 عالم أو طالب علم له القبول في المجتمع النجدي، وربما أن كثيراً من الوثائق التي يملكها الأفراد في كثير من المدن والقرى النجدية ستكشف عن وجود عدد كبير من العلماء المغمورين الذين لم يكن لهم حظ من البروز أو الشهرة، فقد وقع في يدي وثائق ومخطوطات خاصة بإحدى الأسر في منطقة نجد تجاوزت أكثر من (1000) وثيقة في فترات متفاوتة، وحملت معلومات مفيدة عن الحياة العلمية والاجتماعية والفكرية التي مرت في هذه المنطقة الغنية والمزدهرة منذ العصور الإسلامية الأولى، كما أن وجود كثير من وثائقنا الوقفية خارج البلاد تقدم معلومات مفيدة في هذا الجانب، خاصة ما يحفظ في مكتبات تركيا بحكم أن الدولة العثمانية حكمت العالم الإسلامي أكثر من ستة قرون.
ولعل من محاسن الصدف أن نجد وثائق من القرن العاشر الهجري، وربما قبل ذلك لبعض المناطق، مثل الوثيقة الخاصة بجد الأسرة المالكة السعودية (آل سعود) إبراهيم بن موسى المريدي الدرعي الحنفي نسبة إلى قبيلة حنيفة التي حكمت هذه المنطقة قبل الإسلام وبعده، وإبراهيم هذا هو الجد العاشر للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل، وتاريخ الوثيقة عام 981هـ. وفيها إشارة إلى هذا الأمير بحمايته للحجاج القادمين من شرق الجزيرة إلى غربها مروراً بنجد، وبمشاركه عدد من الأمراء المحليين.
غنى حضاري وتراثي
> هل أنجزت عملاً يؤكد ما ذهبت إليه وجمعتها في كتاب؟
- الملك سلمان - حفظه الله - الذي يعدّ المؤرخ الأول والقارئ والمطلع والناقد الحصيف، سهّل لي ولكثير من الباحثين البحث في تاريخ بلادنا المملكة العربية السعودية بشكل خاص، وتاريخ الجزيرة العربية على وجه العموم، وهو يطلع على كثير مما يُكتب في شتى المجالات العلمية والتاريخية والأدبية وعلم الأنساب، وكذلك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فإنه قارئ حصيف ومعتنٍ بتاريخ مراحل الدولة السعودية الثلاث، ولديه من المعلومات والبحوث ما لم يتوفر لغيره، والحديث عن سموه في هذا الأمر يطول من حيث سعة الاطلاع والتدقيق التاريخي، ووجّه سموه من خلال ما نشهده حالياً من عمليات تطويرية شاملة، ومنها العناية بالتوثيق التاريخي والعناية بتراث بلادنا المملكة العربية السعودية.
وفيما يتعلق بسؤالك عما أنجزته في هذا المجال، فقد شرعت منذ مدة في عمل يتعلق بمنطقة العارض الشاملة للعيينة والدرعية وعرقة والرياض ومنفوحة والمصانع، والأسرة المالكة ووثائقهم المختلفة من جمع ما يخص الحياة العلمية والكتب المخطوطة في منطقة نجد وما يتعلق بالعلماء والأسر والأماكن والحياة الاجتماعية والتراث الذي أُنجز في هذه المنطقة، وقد اطلعت على كثير من الوثائق والمخطوطات التي جمعتها وخرجت بنتائج تدل على أن هذه البلاد غنية بتاريخها وحضارتها وتراثها.
ابن غنام أهمل الحديث عن المؤسس
> هل ترى كل ما طرح عما اصطلح على تسميته بـ«الوهابية» بصورة سلبية قديماً وحديثاً مردّه اعتماد منتقدي الشيخ محمد بن عبد الوهاب على ما ذكره بعض المؤرخين، لعل أبرزهم المؤرخ حسين بن غنام؟
- المؤرخ حسين بن غنام توفي علم 1225هـ - 1810م، لم يكن عند تأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ - 1727م موجوداً ولا حتى بعد اللقاء بين الإمام محمد بن سعود والداعية الشيخ محمد بن عبد الوهاب 1157هـ - 1744م مولوداً، وقيل إن عمره في ذلك الوقت لا يتعدى ثلاث سنوات، وكانت ولادته في منطقة الأحساء، وكل ما أرّخه كان عن منطقة نجد، والذي يقرأ تاريخه يجد الحوادث التي ساقها تركز على شخصية وتاريخ ومنهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب، بإضفاء العبارات المبالغة عنه والسجع اللغوي الذي سلكة عليه، والتي توحي وكأن الشيخ هو الذي طلب منه كتابتها، إضافة إلى أن قارئ تاريخ ابن غنام يلمس بوضوح غياب الحديث عن الجوانب الإنسانية والفكرية للمؤسس الأول الإمام محمد بن سعود، وللائمة من آل سعود، وضمّن في تاريخه روضة الأفكار عدداً من الآراء التي لا نتفق معه فيها عندما جزم أن بلاد نجد ينتشر فيها الشرك مثالاً، ليأتي من بعده من المؤرخين الذين تناولوا الفترة سواءً من الغربيين والمحليين وينقلون تلك الآراء ويعدونها صحيحة.
فتح كبير وضرورة أمنية
> بماذا تختصر المشهد عن حقيقة واقع المنطقة في تلك الفترة، خصوصاً أنك مَن تخصص في رصد تاريخها وألّفت عنها؟
- الحدث أو الفتح الأكبر أو التحول العظيم في تاريخ المنطقة هو قيام الدولة السعودية الأولى التي تعد أول دولة مركزية في الجزيرة العربية بدأ أساسها منذ عام 1139هـ، وقد كان قيامها ضرورة لتحقيق الأمن لسكان المنطقة التي تنازعتها الحروب والنزاعات، وهو ما حدث بوجود شخصيه قيادية وعسكرية وفكرية وإدارية، رأت من المناسب استغلال الظروف لقيام دولة تحقق الأمن وتردع الظالم وتبني الأمل؛ وهذا ما تحقق على يد الإمام محمد بن سعود، والأئمة من بعده، إلى سقوط الدولة بفعل خارجي، ثم قيام الدولة الثانية، وأعقبها الدولة السعودية الثالثة التي قامت على يد الملك عبد العزيز، وأصبحت اليوم دولة سجلت اسمها على خريطة العالم كرقم صعب.
ما زال الإمام محمد بن سعود وجهوده وأفكاره تحتاج إلى مزيد من البحث والتنقيب مع إبراز جهود هذه الشخصية من خلال المؤتمرات والبحوث والأفلام الوثائقية كحق وواجب تجاه ما قام به من إيمان مخلص في توحيد بلادة واستقلالها وتحقيق العدل في أرجائها وخلفه من بعده أبناؤه وأحفاده.



دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)
تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)
TT

دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)
تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)

عبَرت دفعةٌ جديدةٌ من المساعدات الإنسانيّة السعوديّة، الأربعاء، منفذ رفح الحدودي متجهة إلى منفذ كرم أبو سالم جنوب شرقي قطاع غزة، تمهيداً لدخولها إلى القطاع بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصري.

تضمنت المساعدات كمية كبيرة من السلال الغذائية مقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ضمن الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وتأتي هذه المساعدات بالتزامن مع إقامة مخيمات سعودية بمنطقة القرارة جنوب قطاع غزة ومنطقة المواصي بخان يونس لإيواء النازحين، وتقديم المساعدات الإنسانية لهم مع دخول فصل الشتاء.

وتعد امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة؛ للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة الذي يواجه ظروفاً إنسانية تهدد الأطفال والنساء في ظل البرد، وصعوبة الظروف المعيشية.


48 ساعة من المباحثات المكثفة والتعاون السياسي والدفاعي بين السعودية وعمان

سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)
سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)
TT

48 ساعة من المباحثات المكثفة والتعاون السياسي والدفاعي بين السعودية وعمان

سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)
سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)

سجلت الساعات الماضية تصاعداً في مستوى التنسيق والتشاور الثنائي بين السعودية وعمان على الصعيدَين السياسي والدفاعي، بالإضافة إلى الشراكة الاقتصادية، وذلك وسط انعقاد الاجتماع الثالث لمجلس التنسيق السعودي - العُماني، في مسقط، وما صدر عنه من نتائج بيّنت التقدم الذي تشهده العلاقات الثنائية.

في التفاصيل، وصل، الاثنين، الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، إلى العاصمة العُمانية مسقط، واستقبله نظيره العماني بدر البوسعيدي، وعقد الوزيران لقاء استعرضا خلاله «العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها»، قبل أن يترأسا الاجتماع الثالث لمجلس التنسيق (السعودي - العُماني)، وبمشاركة رؤساء اللجان المنبثقة ورئيسي فريق الأمانة العامة للمجلس، وحضره من الجانب السعودي عدد من كبار المسؤولين من وزارات «الخارجية، والداخلية، والاستثمار، والاقتصاد والتخطيط، والثقافة».

مجلس التنسيق واستقبال السلطان

الاجتماع شهد تأكيد وزير الخارجية السعودي أنه يأتي امتداداً للاجتماع الثاني لمجلس التنسيق بين البلدين الشقيقين الذي عُقِد في مدينة العلا الشهر نفسه من العام الماضي، و«نتائجه الإيجابية المثمرة في إطار ما تم اعتماده من توصيات ومبادرات»، بينما أشاد الوزير العماني، بـ«التقدم النوعي في العلاقات بين البلدين الشقيقين وما شهدته من تطور ملحوظ في العديد من القطاعات».

الاجتماع الثالث لمجلس التنسيق السعودي العماني (واس)

واستمر الزخم عبر استقبال سلطان عمان السلطان هيثم بن طارق، الثلاثاء، وزير الخارجية السعودي في قصر البركة، وجرى استعراض آفاق التّعاون بين البلدين وجهود تعزيز متانة العلاقات الثّنائية وترسيخ المصالح المُشتركة، والتّطورات الجارية على السّاحتين الإقليميّة والدوليّة ومرئيّات السعودية تجاهها، ورؤية سلطان عمان في هذا الشأن، وفقاً لوكالة الأنباء العمانية.

تعاون في تبادل الأسرى اليمنيين

في موازاة ذلك، كان التعاون بين البلدين يتواصل، وتوصّلت الاجتماعات الجارية في عُمان، بشأن تبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، إلى توقيع الاتفاق الثلاثاء، لتبادل «الكل مقابل الكل»، وثمّنت السعودية «الجهود الصادقة والمساعي الكريمة التي بذلتها سلطنة عمان في استضافة ورعاية المباحثات ودعم الجهود التفاوضية خلال الفترة من 9 إلى 23 ديسمبر (كانون الأول)».

وعلى الصعيد الدفاعي والعسكري، استقبل اللواء الركن طيار خميس الغافري، قائد سلاح الجو السلطاني العُماني، الفريق الركن الأمير تركي بن بندر بن عبد العزيز، قائد القوات الجوية الملكية السعودية، والوفد العسكري المرافق له، وتبادل الجانبان وجهات النظر حول عدد من الموضوعات في المجالات العسكرية ذات الاهتمام المشترك، وفقاً لوكالة الأنباء العمانية، قبل أن يستقبل الفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السلطاني في عمان، الأربعاء، قائد القوات الجوية الملكية السعودية، وجرى بحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب استعراض مجالات التعاون العسكري القائمة بين البلدين، وسبل تعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة، كما أعرب الجانبان عن اعتزازهما بعمق العلاقات التاريخية التي تجمع سلطنة عُمان بالمملكة العربية السعودية، وتطلعهما إلى مزيد من التعاون والتنسيق في مختلف المجالات.

«وسام عُمان» لقائد القوات الجوية الملكية السعودية

والأربعاء، منح سلطان عمان، السلطان هيثم بن طارق، «وسام عُمان العسكري من الدرجة الثانية» للفريق الركن الأمير تركي بن بندر بن عبد العزيز قائد القوات الجوية الملكية السعودية، تقديراً لجهوده وإسهاماته في توثيق أواصر التعاون العسكري القائم بين البلدين، وسلّم الوسام نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع في عُمان.

منح «وسام عُمان العسكري من الدرجة الثانية» للفريق الركن الأمير تركي بن بندر بن عبد العزيز قائد القوات الجوية الملكية السعودية (وكالة أنباء عُمان)

بالتزامن.. شراكة اقتصادية

وفي جانب الشراكة الاقتصادية، احتفلت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة في عُمان، الأربعاء، بافتتاح مشروعين جديدين في شبكة الطرق بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وخلال الاحتفال جرى الكشف عن أن المشروع تم تمويله من قِبَل «الصندوق السعودي للتنمية»، ونُفّذ من قِبَل ائتلاف عُماني - سعودي يضم شركة «ستراباك عُمان» وشركة «الروسان للمقاولات».

افتتاح مشروع اقتصادي في عُمان بتمويل من الصندوق السعودي للتنمية (وكالة أنباء عمان)

حول هذه التحرّكات اللافتة خلال 48 ساعة، قال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور محمد العريمي، الكاتب والباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية والمتخصص أيضاً في الدراسات الخليجية، إنه في محصّلة ما يجري بين مسقط والرياض اليوم «لا يمكن قراءته بوصفه تنسيقاً ظرفياً فحسب، بل إعادة تموضع هادئة تهدف إلى بناء استقرار طويل الأمد، يكون فيه الحوار والتكامل الأمني ركيزتين أساسيتين لصياغة مستقبل المنطقة»، أما فيما يتعلق بتوقيت كثافة المباحثات هذه خلال فترة قصيرة جداً، فيعتبر العريمي أنه يعكس إدراكاً مشتركاً لدى القيادتين بأن منطقة الشرق الأوسط، ومنطقة الخليج خصوصاً، تمر بلحظة مفصلية تتطلب أعلى درجات التنسيق السياسي والأمني خصوصاً بين عُمان والسعودية.

«التوقيت ليس عابراً»

العريمي يرى أن التوقيت «ليس عابراً، بل يأتي في ظل تصاعد التهديدات الإقليمية، وتبدل خرائط النفوذ، وعودة منسوب القلق المرتبط بأمن الملاحة والطاقة، إضافةً إلى استمرار الأزمات المفتوحة وفي مقدمتها أزمة اليمن بالنسبة للجانبين»، وأردف في هذا السياق: «تبدو مسقط والرياض كأنهما تنتقلان من مرحلة إدارة التباينات الإقليمية إلى مرحلة الشراكة الاستباقية في إدارة المخاطر، خصوصاً في الملف اليمني»، ورأى أن الاجتماعات السياسية، واللقاءات على أعلى مستوى قيادي، والتنسيق العسكري الجوي، والإعلان عن اتفاق إنساني كبير في اليمن من مسقط، كلها حلقات في رسالة واحدة مفادها بأن البلدين يتحركان ضمن رؤية متقاربة ترى أن الاستقرار لا يُدار بردود الفعل، بل ببناء تفاهمات عميقة ومتراكمة. على حد وصفه.

تابع العريمي أن عُمان بدورها التقليدي بوصفها وسيطاً موثوقاً، والسعودية بثقلها السياسي والأمني، تقدمان نموذجاً لتكامل الأدوار في المنطقة، مرجّحاً أن تنعكس نتائج هذه المشاورات على مسار الأزمة اليمنية بصورة أوضح، سواء عبر تثبيت قنوات التفاوض، أو عبر ضمانات أمنية إقليمية تقلل من احتمالات الانفجار العسكري في هذا البلد، إلى جانب أن يمتد هذا التنسيق إلى أمن الخليج والبحر العربي، وحماية خطوط الملاحة والطاقة، في ظل تصاعد التحديات العابرة للحدود، أما بصورة أوسع فيعتقد العريمي أن هذا التقارب قد يسهم في توحيد المقاربات تجاه الملفات الإقليمية الكبرى، بما فيها العلاقة مع القوى الدولية، وإدارة التوازن مع إيران، وتعزيز العمل الخليجي المشترك بصيغة أكثر مرونة وواقعية.

جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

المحلل السياسي منيف الحربي، يتفق إلى حد كبير مع العريمي، ويزيد أنه منذ وصول السلطان هيثم بن طارق إلى مقاليد الحكم في سلطنة عمان، وقيامه بأول زيارة خارجية لجلالته إلى السعودية، تشكّلت حقبة جديدة من العلاقة الاستراتيجية بين الرياض ومسقط بأطرها المتعددة؛ السياسية والاقتصادية والعسكرية والاستثمارية والطاقة والثقافة والرياضة والسياحة.

الملف اليمني والأمن المشترك

الملف اليمني يبرز بوصفه ملفاً مهماً جداً للطرفين نظراً لأن السعودية متاخمة حدودياً لليمن، وينسحب ذلك على عمان، وبالنسبة للحربي فإن استقرار اليمن وخروجه من أزمته الحالية «يتماسّ بشكل مباشر مع الأمن الوطني للبلدين»، لكن رغم أن هذا الملف يأخذ الكثير من الوقت والجهد من جهود البلدين الدبلوماسية، فإن هذا أيضاً ينسحب على التوافق بين الرياض ومسقط في ملف غزة، ومسار حل الدولتين، والسودان، وأزمة حرية الملاحة في البحر الأحمر، وبحر العرب، وأهمية الحفاظ على الأمن القومي الخليجي والأمن القومي العربي.


بأمر خادم الحرمين... تقليد السفير الإماراتي السابق وشاح المؤسس من الطبقة الثانية

السفير السعودي لدى الإمارات يقلد السفير الإماراتي السابق لدى المملكة وشاح المؤسس من الطبقة الثانية (واس)
السفير السعودي لدى الإمارات يقلد السفير الإماراتي السابق لدى المملكة وشاح المؤسس من الطبقة الثانية (واس)
TT

بأمر خادم الحرمين... تقليد السفير الإماراتي السابق وشاح المؤسس من الطبقة الثانية

السفير السعودي لدى الإمارات يقلد السفير الإماراتي السابق لدى المملكة وشاح المؤسس من الطبقة الثانية (واس)
السفير السعودي لدى الإمارات يقلد السفير الإماراتي السابق لدى المملكة وشاح المؤسس من الطبقة الثانية (واس)

قلّد السفير السعودي لدى دولة الإمارات سلطان اللويحان العنقري، السفير الإماراتي السابق لدى المملكة الشيخ نهيان بن سيف آل نهيان، وشاح الملك عبد العزيز من الطبقة الثانية؛ نظير ما قام به من جهود في تطوير وتعزيز العلاقات الأخوية والتاريخية الراسخة بين البلدين الشقيقين خلال فترة عمله في السعودية، وذلك إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.

السفير السعودي لدى الإمارات خلال استقباله السفير الإماراتي السابق لدى المملكة في مقر السفارة السعودية بأبوظبي (واس)

وعبّر السفير العنقري، خلال استقباله بمقر السفارة الشيخ نهيان آل نهيان، عن تمنياته له بالتوفيق والسداد في مهامه الجديدة نائباً لوزير الدولة في وزارة الخارجية بدولة الإمارات.

حضر الاستقبال الوكيل المساعد لشؤون المراسم بوزارة الخارجية الإماراتية سيف الشامسي، ومدير إدارة مجلس التعاون لدول الخليج العربية السفير أحمد البلوشي، وعددٌ من سفراء الدول الخليجية والعربية.