السودانيون يتظاهرون مجدداً رفضاً لاستيلاء الجيش على السلطة

قوات الأمن أطلقت الرصاص الحي لتفريق الاحتجاجات المنددة بالإجراءات العسكرية

جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

السودانيون يتظاهرون مجدداً رفضاً لاستيلاء الجيش على السلطة

جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

فرّقت قوات الأمن بالقوة آلاف السودانيين، الذين خرجوا في الخرطوم ومدن البلاد الأخرى لليوم الثاني على التوالي، في احتجاجات حاشدة رفضاً لاستيلاء الجيش على السلطة منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وجاءت هذه الاحتجاجات تزامناً مع زيارة الخبير المعني بحقوق الإنسان في السودان، أداما دينق، ومع نقل السلطات عشرات المعتقلين السياسيين، الذين كانت تحتجزهم بسجن سوبا إلى مراكز الشرطة، بعد اعتقالهم لأكثر من ثلاثة أسابيع.
وأطلقت قوات الأمن السودانية الغاز المسيل للدموع بكثافة، لليوم الثاني على التوالي، لمنع مئات المحتجين من الاقتراب من القصر الجمهوري بوسط الخرطوم.
ورصدت «الشرق الأوسط» خروج مظاهرات حاشدة في مدن العاصمة الثلاث «الخرطوم وبحري وأم درمان»، ومدن البلاد الأخرى، بعد أن دعت لها لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير، ضمن جدول المظاهرات الميلونية لإنهاء سيطرة الجيش على السلطة في البلاد. كما أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي لتفريق المظاهرات المنددة بالإجراءات العسكرية.
ووصف تحالف المعارضة الرئيسي (قوى الحرية والتغيير) الاعتقالات، التي طالت مسؤولين في الحكومة الانتقالية المقالة بـ«الاعتقال السياسي المغلف بغطاء قانوني لتعطيل الحراك الشعبي في مواجهة السلطة الحالية».
وتحتجز السلطات العسكرية أكثر من 200 معتقل، من بينهم عضو مجلس السيادة الانتقالي المقال، محمد الفكي سليمان، ووزير شؤون مجلس الوزراء في الحكومة السابقة خالد عمر يوسف، وقيادات بارزة بلجنة تصفية واجتثاث نظام الرئيس المعزول عمر البشير، دون تقديمهم لأي محاكمة. فيما تقول النيابة العامة إن التوقيف تم بموجب مواد تتعلق بخيانة الأمانة.
وتأتي زيارة الخبير لتقصي الحقائق حول انتهاكات حقوق الإنسان، خلال المظاهرات المستمرة منذ أربعة أشهر، التي قُتل خلالها أكثر من 75 متظاهراً بالرصاص الحي، وأصيب خلالها آلاف المحتجين.
وقال وزير العدل المكلف، محمد سعيد الحلو، لدى لقائه الخبير الأممي، أمس، بالخرطوم إن النظام القائم الآن في البلاد على استعداد لتقديم كل الدعم والمساعدات لتسهيل مهمته، مبرزاً أن السلطة الحاكمة تسعى للوفاء بتعهداتها في المواثيق الدولية والوطنية لتحسين حالة حقوق الإنسان، وإعمال مبدأ المساءلة وعدم الإفلات من العقاب، كما التزمت بتحقيق السلام العادل والشامل، وإنهاء الحرب ومعالجة آثارها.
ولم تقدم السلطات العسكرية، التي تحكم البلاد بعد الإطاحة بالشريك المدني في أكتوبر الماضي، أي شخص أو جهة للقضاء بخصوص مقتل المتظاهرين السلميين، فيما توجه أحزاب المعارضة أصابع الاتهام مباشرة للأجهزة الأمنية بالتورط في أحداث القتل.
من جهته، قال رئيس إدارة حقوق الإنسان بوزارة العدل، جمعة الوكيل الأعيسر، إن زيارة الخبير المعني بحقوق الإنسان للتأكد من المزاعم حول انتهاكات حقوق الإنسان خلال المظاهرات، التي شهدتها البلاد منذ 25 أكتوبر 2021.
من جهتها، قالت لجنة محاميي الطوارئ (هيئة تدافع عن المعتقلين سياسياً) إن السلطات أطلقت سراح 36 متظاهراً من سجن سوبا جنوب الخرطوم، وتم ترحيل بعضهم إلى أقسام الشرطة بعد اعتقال دام عدة أسابيع دون توجيه اتهامات، موضحة أن عدد المعتقلين تجاوز 200 شخص.
وتستغرق زيارة الخبير المعني بحالة حقوق الإنسان للسودان أربعة أيام، من المقرر أن يلتقي خلالها مسؤولين كباراً في الحكومة، وقادة الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية وقادة المجتمع المدني.
وعيّنت الأمم المتحدة الدبلوماسي السنغالي أداما دينق خبيراً مستقلاً لحقوق الإنسان في السودان، لمراقبة سجل حقوق الإنسان جراء حالات القتل، والانتهاكات الجسيمة ضد المتظاهرين السلميين لحين تشكيل حكومة مدنية.
وطلب قادة الجيش، في وقت سابق، الذين ينفردون بالحكم، تأجيل زيارة الخبير المستقل للسودان، التي كان مقرراً لها في يناير (كانون الثاني) الماضي، دون ذكر الأسباب رغم اكتمال جميع إجراءات زيارته.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.