مدير «سوذبيز» لـ «الشرق الأوسط»: الأعمال الرقمية في تصاعد صاروخي ونبحث عن فناني «إن إف تي» في السعودية

داخل قاعات سوذبيز على عالم {ميتافيرس}
داخل قاعات سوذبيز على عالم {ميتافيرس}
TT

مدير «سوذبيز» لـ «الشرق الأوسط»: الأعمال الرقمية في تصاعد صاروخي ونبحث عن فناني «إن إف تي» في السعودية

داخل قاعات سوذبيز على عالم {ميتافيرس}
داخل قاعات سوذبيز على عالم {ميتافيرس}

في منصة «Decetraland» على عالم الميتافيرس يقع المقر الرقمي لدار «سوذبيز» في حي يليق اسمه بالفنون وهو حي فولتير للفن. بصحبة الآفاتار الخاص بي أقف أمام مدخل الدار الشهيرة في شارع بوند ستريت بلندن، وهو نسخة تفاعلية من الموقع الفعلي. لا تضن الدار على مستخدمي موقعها الرقمي بالتفاصيل، فهنا حارس الدار المعروف لدى زوار الموقع الفعلي للدار، أحيّي الحارس الأنيق ببزّته الرسمية وأدلف للداخل. المكان مطابق لمقر الدار بوسط لندن، التفاصيل مرعية في كل الجوانب. أتجه إلى قاعة على اليمين ويفتح الباب بمجرد الاقتراب منه. يتجلى أمامي مشهد بديع جداً، فأنا في ما يشبه بهو كنيسة، الجوانب من الزجاج الملون المرسوم المعتاد في الكنائس العتيقة وفي نهاية الممر أرى لوحة فنان عصر النهضة الشهير ساندرو بوتتشيلي «رجل الأحزان» التي عرضتها الدار مؤخراً في مزادها بنيويورك وحققت مبلغاً تجاوز 45 مليون دولار. يجب القول إن التصميم والتنفيذ بالقاعة بديعان للغاية ويجذبان الزائر الافتراضي بطريقة فنية لتأمل العمل الرائع لبوتتشيلي.

سجل من الإنجازات الرقمية
محمَّلةً ببقايا الزيارة الافتراضية أعود للعالم الواقعي وأتحدث مع سباستيان فاهي، المدير العام لدار «سوذبيز» في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، حول نشاط الدار ومبيعاتها من الفن الرقمي وبالتأكيد مقرها في منطقة فولتير الفنية على ميتافيرس.
يفخر فاهي بإنجازات الدار في المجال ويقول: «نحن أول دار مزادات تطوِّر منصة رقمية لتسويق وبيع الأعمال الفنية بصيغة (إن إف تي NFT)، بدأنا في شهر أبريل (نيسان) العام الماضي مع مصمم المحتوى الرقمي باك وحققنا مبيعات بلغت مع نهاية العام 100 مليون دولار».
حققت مبيعات «سوذبيز» في هذه الفئة منذ طرحها في المزاد الأول في شهر أبريل 2021 ما يقرب من 100 مليون دولار أميركي مقابل 100 عمل فني رقمي، مما أدى إلى تحقيق الدار إنجازات متعددة خلال تجربتها التي شملت أرقاماً قياسية لمجموعات «CryptoPunk» الفنية التي بلغت قيمتها (11.8 مليون دولار) وبلغ سعر أغلى عمل فني لسلسة «Bored Ape» (3.4 مليون دولار).
يعرِّج بالحديث إلى المنصة الرقمية لـ«سوذبيز» ويقول: «بالنسبة لي أرى أن أهم إنجاز لنا هو إنشاء منصة لنا في عالم ميتافيرس، وهو ما أرى فيه أولاً استثماراً للشركة وأيضاً مؤشراً على أننا جاهزون لتوصيل الأعمال والمقتنيات لعملائنا وللسوق الفنية ككل».
«احكِ لنا عن طريقة العمل على المنصة الرقمية في الميتافيرس...» أحدّثه لأحصل على المزيد من التفاصيل فيردّ قائلاً: «في البداية يجب على العميل إنشاء حساب خاص على المنصة الرقمية تكون مرتبطة بحسابه الأصلي في (سوذبيز)، بعد ذلك سنقوم بتخصيص آفاتار خاص للعميل من تصميم الفنان باك. بعض الآفاتارات مميزة جداً ويمكن شراؤها. مؤخراً قمنا ببيع 300 آفاتار من مجموعة (كينغز آند كوينز) من تصميم هاكاتو لعملائنا عبر الميتافيرس حيث أعطينا العملاء محافظ رقمية تودع فيها الأعمال عند شرائها. وقد شارك 200 عميل في المزاد منهم 85% كانوا يشترون (إن إف تي NFT) للمرة الأولى».

صعود صاروخي
أسأله عن العملاء المهتمين بـ«NFT» وهل هم من جيل معين أو من المقتنين التقليديين للفنون، ويجيب: «أعتقد أن الانتقال لدى مقتني الفنون التقليدية نحو اقتناء الفن الرقمي هو نتيجة للعرض والخبرة». يشير إلى أن «الصعود الصاروخي للطلب على (NFT) في العام الماضي كان مدفوعاً بشكل كبير من المهتمين بالعملات الرقمية (كربتو كرنسي Crypto CurrencyK) وهو ما يشير إلى أنماط جديدة ومقتنين مختلفين»، يؤكد لي ذلك بقوله: «في الغالب عملاء الفن الرقمي أصغر من عملائنا التقليديين بنحو 10 سنوات. وحسب الإحصاءات فنحو 75% من مبتاعي (NFT) في العام الماضي كانوا تحت الأربعين».
لوحة «رجل الأحزان» لبوتتشيلي تم بيعها في المزاد الواقعي بـ45.4 مليون دولار في شهر يناير (كانون الثاني)، وهو ما يقودني لسؤالي التالي: «من وجهة نظر دار مزاد عريقة، هل تتوقع أن تصل أرقام مبيعات الأعمال الرقمية لأرقام الأعمال الفنية في العالم الواقعي؟»، يرى فاهي أن القيمة السوقية لأعمال «NFT» في تصاعد، ويضيف: «حققنا مبيعات عالية العام الماضي، وأشير بشكل خاص لمبيعات شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث طرحنا عملاً رقمياً (NFT) من مجموعة (بورد إيب) وحقق هذا العمل الجامع لـ101 (إن إف تي NFT) نحو 24 مليون دولار أميركي. بشكل عام نستطيع القول إن سوق (NFT) أصبحت عالية القيمة، وإذا نظرنا إلى السوق الأعمّ للأعمال الرقمية في 2021 سنرى أنها حققت مبيعات تعدّت 20 مليار دولار. فهو مجال ضخم وما زال يتوسع، هنا استثمارات كبيرة في التكنولوجيا الخاصة به، كذلك هناك اهتمام كبير من الفنانين أيضاً الذين يفكرون في (إن إف تي) لتقديم أعمالهم لمجتمع جامعي الفن الرقمي». ينظر إلى المستقبل بتفاؤل وثقة ويضيف: «من جهتي أرى أنه اتجاه سيستمر، ما زال هناك الكثير وهذا هو السبب وراء اهتمامنا به وبنائنا فريقاً متخصصاً».
يفخر فاهي بمقر الدار الرقمي على الميتافيرس ويرى فيه خطوة في الاتجاه الصحيح، ويقول: «في العام الماضي أطلقنا مقراً رقمياً للدار في منصة (ديسنترالاند Decetraland)، صممنا نموذجاً رقمياً لمقر الدار بشارع بوند ستريت، يمكنك دخوله والمشي في أرجائه عبر الآفاتار الخاص بك لرؤية الأعمال الفنية الرقمية المعروضة هناك. وبمناسبة بيع لوحة (رجل الأحزان) للفنان ساندرو بوتتشيلي صممنا غرفة في المقر الرقمي في (ديسنترالاند) على هيئة الكنيسة، كانت طريقة رائعة لعرض العمل في المنصة الرقمية». أسأله وفي البال خاطرة أن لوحة بوتتشيلي من اللوحات العالمية في العالم الواقعي، وأن عملية تحويلها لصيغة رقمية على منصات رقمية قد تكون وسيلة ذكية لجذب جمهور شاب مهتم بالتقنية للوحات كبار الفنانين العالميين، يوافقني الرأي ويضيف: «نعم، لجذب جمهور أصغر وجمهور مختلف، فنحن نقوم بردم الفجوة بين المجتمعات الفنية الرقمية ومجتمع الفن التقليدي، ونحن في دار (سوذبيز) في أفضل مكان للقيام بتلك الخطوة».

مؤتمر للفن الرقمي في السعودية
يتطرق الحديث إلى مؤتمر الفن الرقمي والذي سيقام في الرياض، الجمعة القادمة، ويقول إنه سيكون الأول من نوعه في الشرق الأوسط: «سيقام في مقر بينالي الدرعية حيث سنعرض مجموعة من (NFT) ونستضيف ورش عمل يومية، أيضاً سنقيم معرضاً لمجموعة من أهم الأعمال الفنية بهذه الصيغة، وسينضم إلينا فنانون ومختصون في إلقاء كلمات». ويشير إلى أن الدار تبحث عن الفنانين المهتمين بـ«NFT» في السعودية.
يتذكر حضوره لافتتاح بينالي الدرعية في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي ويقول: «كنت محظوظاً بحضور افتتاح بينالي الدرعية، أدهشتنا الأعمال الفنية المعروضة والجو المحيط والتفاعل ما بين الفنانين والجمهورـ أعتقد أنه كان حدثاً تاريخياً كأول بينالي للفنون المعاصرة في السعودية».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».