توتر بين السلطات الإسرائيلية وقادة الكنائس في القدس الشرقية

توسيع الحديقة الوطنية يهدد أراضي مملوكة للكنيسة

قساوسة يونانيون أرثوذكس يشاركون في مراسم أمام كنيسة القيامة في البلدة القديمة بالقدس أبريل 2019 (أ.ف.ب)
قساوسة يونانيون أرثوذكس يشاركون في مراسم أمام كنيسة القيامة في البلدة القديمة بالقدس أبريل 2019 (أ.ف.ب)
TT

توتر بين السلطات الإسرائيلية وقادة الكنائس في القدس الشرقية

قساوسة يونانيون أرثوذكس يشاركون في مراسم أمام كنيسة القيامة في البلدة القديمة بالقدس أبريل 2019 (أ.ف.ب)
قساوسة يونانيون أرثوذكس يشاركون في مراسم أمام كنيسة القيامة في البلدة القديمة بالقدس أبريل 2019 (أ.ف.ب)

تسبب مشروع دفعته السلطات الإسرائيلية قدماً في القدس، ويتضمن توسيع «حديقة وطنية» على أراضٍ مملوكة للكنيسة المسيحية ومواقع مسيحية في القدس الشرقية، توتراً مع قادة الكنيسة الذين عارضوا ذلك.
وقال موقع «تايمز أوف إسرائيل» إن المشروع غير المسبوق أثار معارضة شرسة من القادة المسيحيين المحليين. وعلى الرغم من أن الخطوة لن تجرِّد مالكي الأراضي من ملكيتهم، لكنها ستمنح الحكومة بعض السلطة على ممتلكات الفلسطينيين والكنيسة والمواقع الدينية، إلا أن مسؤولي الكنيسة والجماعات الحقوقية، وصفوا الإجراء بأنه استيلاء على السلطة وتهديد للوجود المسيحي في الأراضي المقدسة.
ويسلط معارضو المشروع الضوء أيضاً على العلاقة التي تربط الهيئة الحكومية التي تعمل على الدفع بالخطة، بالجماعات القومية التي تعمل على ترسيخ الوجود اليهودي في مناطق القدس الشرقية المتنازع عليها، بما في ذلك حي الشيخ جراح المضطرب. وتعتقد مجموعات حقوقية، أن توسيع مخطط الحديقة هو جزء من استراتيجية قومية أكبر لتطويق البلدة القديمة في القدس، من خلال السيطرة على المناطق المجاورة للقدس الشرقية.
وستشهد الخطة توسيع حدود حديقة أسوار القدس «الوطنية»، لتشمل جزءاً كبيراً من جبل الزيتون إلى جانب أجزاء إضافية من وادي قدرون ووادي هنوم. ومن المقرر أن تُعرض أمام لجنة التخطيط والبناء المحلية في بلدية القدس، للحصول على موافقة مبدئية في الثاني من مارس (آذار) المقبل.
وقالت سلطة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية، التي تروّج للمشروع، إن التوسيع مصمَّم لتجديد الأراضي التي تم إهمالها منذ فترة طويلة، والحفاظ بشكل أفضل على المناظر الطبيعية التاريخية، وأنها لن تضر بممتلكات الكنيسة المدمجة في الحديقة الوطنية، لكنّ قادة الكنيسة فنّدوا ذلك وقالوا إن مجتمعاتهم مهدَّدة من الجماعات الإسرائيلية المتطرفة.
وتم الأسبوع الماضي، إطلاع وفد ديمقراطي زائر من مجلس النواب الأميركي، على الأمر، وفي وقت لاحق أعرب أعضاء الوفد لرئيس الوزراء نفتالي بنيت خلال اجتماع يوم الخميس، عن قلقهم بشأن المشروع، ولم يَبدُ أن بنيت على دراية بالخطة التي لم تُعلن من قبل، وأخبر المشرعين الأميركيين بأنه يبذل قصارى جهده لتقليل التوترات في القدس ومنع الخطوات التي قد تؤدي إلى اندلاع أعمال عنف جديدة، حسب مصدرين بالكونغرس.
ويوم الجمعة، كتب بطريرك القدس للروم الأرثوذكس، ثيوبوليس الثالث، وحارس الأراضي المقدسة للكنيسة الكاثوليكية، فرانشيسكو باتون، وبطريرك الأرمن الأرثوذكس نورهان مانوجيان، رسالة إلى وزيرة حماية البيئة، تمار زاندبرغ، دعوها فيها إلى العمل من أجل ضمان إلغاء التوسيع المخطط له.
وكتب قادة الكنائس أن هدف الخطة الوحيد الظاهر هو مصادرة وتأميم أحد أقدس المواقع المسيحية وتغيير طبيعته، في إشارة إلى جبل الزيتون الذي يؤمن المسيحيون أنه كان موقعاً للكثير من الأحداث الرئيسية في حياة يسوع المسيح.
وجاء في الرسالة: «هذا إجراء وحشي يشكل هجوماً مباشراً ومتعمداً على المسيحيين في الأراضي المقدسة، وعلى الكنائس وحقوقهم القديمة المضمونة، دولياً في المدينة المقدسة، تحت ستار حماية المساحات الخضراء، يبدو أن الخطة تخدم أجندة آيديولوجية تنكر مكانة وحقوق المسيحيين في القدس». كما أرسل قادة الكنائس، الرسالة، إلى قناصل فرنسا، وتركيا، وإيطاليا، واليونان، وإسبانيا، وبريطانيا، والسويد، في القدس، في محاولة واضحة لحشد الدعم الدولي لمعارضتهم.
وقالت متحدثة باسم سلطة الطبيعة والحدائق في إسرائيل، إنه في حين أن الكنائس قد لا تدعم المشروع، تأمل السلطة في التواصل معها جميعها قبل مناقشة الخطة في لجنة التخطيط الشهر المقبل من أجل إجراء حوار بهذا الشأن. علاوة على ذلك، أصرت على أن المشروع لن يضر الكنائس، وأنه مصمم للحفاظ على التضاريس التاريخية كما المفترض من الحدائق الوطنية.
لكنّ قادة الكنائس غير مقتنعين، ويبدو أن هذه الخطوة في صدد تكثيف الجدل المحتدم بالفعل مع السلطات الإسرائيلية. وقال مراقبون إنه على الرغم من أن الخطة لا تؤدي إلى تجريد ملاك الأراضي من ملكية ممتلكاتهم، لكنها تمنح سلطة الطبيعة والحدائق القدرة على تنفيذ قائمة طويلة من الإجراءات، بما في ذلك عمليات تفتيش، ومنح تصاريح عمل، وإجراء أعمال تنسيق الحدائق، ومشاريع الترميم والصيانة.
كما أن من شأن توسيع الحديقة أن يمنح السلطات الإسرائيلية القدرة على تنفيذ مشاريع فوق ممتلكات الكنائس في جبل الزيتون، مثل مشروع التلفريك المثير للجدل. وتخشى المنظمات الحقوقية من أنه من خلال نقل العائلات اليهودية، تدريجياً، إلى حي الشيخ جراح وحي وسلوان شمال وجنوب البلدة القديمة، وتوسيع حديقة أسوار القدس، لتشمل جبل الزيتون شرق البلدة القديمة، ستمكن مؤسسة مدينة داود من تطويق المنطقة مع المشاريع السكنية والأثرية والبيئية اليهودية.
وفي بيان مشترك، قالت منظمات «بيمكوم» و«عيمق شافيه» و«عير عميم» و«سلام الآن»، إن «هناك صلة مباشرة بين ما يحدث في الشيخ جراح وخطة التوسع». وأضافوا: «نحن نعترض على سوء الاستخدام الساخر للتراث وحماية البيئة، كأداة من السلطات الإسرائيلية لتبرير التوسع الاستيطاني، ولإعادة تشكيل السرد التاريخي ولتحديد ملكية حوض البلدة القديمة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.