جرافات إسرائيلية تتلف محاصيل القمح في النقب

بدو النقب أمام مكتب رئيس الوزراء في القدس نهاية الشهر الماضي احتجاجاً على التشجير فوق أراضيهم (إ.ب.أ)
بدو النقب أمام مكتب رئيس الوزراء في القدس نهاية الشهر الماضي احتجاجاً على التشجير فوق أراضيهم (إ.ب.أ)
TT

جرافات إسرائيلية تتلف محاصيل القمح في النقب

بدو النقب أمام مكتب رئيس الوزراء في القدس نهاية الشهر الماضي احتجاجاً على التشجير فوق أراضيهم (إ.ب.أ)
بدو النقب أمام مكتب رئيس الوزراء في القدس نهاية الشهر الماضي احتجاجاً على التشجير فوق أراضيهم (إ.ب.أ)

بعد شهر من تجريف الأراضي وتدمير أشتال الزيتون اللذين أشعلا صدامات دامية بين أهالي النقب وبين الشرطة الإسرائيلية، مؤخراً، عادت جرافات «ككال»، الصندوق القومي، و«إدارة أراضي إسرائيل»، بحماية قوات معززة من الشرطة والوحدات الخاصة التابعة لها، أمس الأحد، لتجتاح قريتي تل السبع وأم بطين، وجرفت الأراضي وتتلف المحاصيل الزراعية لأهالي المنطقة العرب.
وأفاد شهود عيان، بأن الشرطة أغلقت المنطقة، ومنعت الأهالي من الاقتراب والتصدي للآليات التي جرفت أراضيهم، وأتلفت المزروعات فيها من القمح والشعير. وزعمت أن هذه المزروعات تمت على أراضي الدولة.
وقال حسين الرفايعة، رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، إن هذا التجريف يتم في مثل هذا الموعد من كل سنة، بغرض الانتقام من عرب النقب المتمسكين بأرضهم، وبث اليأس في نفوسهم حتى يتخلوا عن الأرض ويمتنعوا عن أي أعمال فلاحة فيها. واعتبر هذا العملية «جزءاً من مخطط تدمير الوجود العربي في النقب وعملية تطهير عرقي للعرب، التي لا تترك شجراً ولا بشراً».
وأضاف رفايعة، أن الحديث يدور عن تجريف عشرات آلاف الدونمات في كل عام، في كافة أنحاء النقب، بذريعة أن الأرض التي جرى زرعها ليست ملكاً لأصحابها، حتى وإن ملكوها من الآباء والأجداد منذ عقود طويلة من الزمن. ويبدو المشهد مؤلماً للغاية في نفوس أصحاب الأرض وهم يرون آليات الدمار والخراب تعيث فساداً في أرضهم، بعد أن كانوا قد بذلوا جهوداً جبارة في حراثتها وتمهيدها وزراعتها، وينتظرون بفارغ الصبر حصاد زرعهم وتوفير الأعلاف لمواشيهم.
وقال إنه في إسرائيل يريدون بقاء الأرض العربية جرداء، حتى يسهل نهبها. ونحن نرى في إبادة المحاصيل الزراعية، حلقة أخرى في ممارسات السلطات الإسرائيلية وملاحقتها لعرب النقب، في إطار سعيها المتواصل للسيطرة على الأرض والاستيلاء عليها. وتابع، أنه في كل عام وقبيل الحصاد وبعد أن تتزين الأرض باللون الأخضر، تتقدم آليات وجرافات عملاقة تابعة لما تسمى «سلطة الأراضي» لتجرف الأراضي وتبيد المحاصيل الزراعية وتحول الأرض من خضراء يافعة إلى صفراء قاحلة.
يذكر أن النقب منطقة واسعة جداً، جنوب إسرائيل، يتألف من 12 مليون دونم أرض.
ويقول الدكتور منصور النصاصرة، المحاضر في جامعة بئر السبع، إنه وعلى عكس الادعاءات الإسرائيلية، توجد عشرات الوثائق التاريخية التي تدل على أن عرب النقب كانوا واعين لأهمية تسجيل الأراضي، وتوجهوا بمبادرتهم إلى السلطات العثمانية، ثم إلى الانتداب البريطاني، مطالبين بالاعتراف الرسمي بملكيتهم للأرض وتسجيلها باسمهم. واجتمعوا لهذا الغرض بوزير المستعمرات البريطاني، ونستون تشرتشل.
ويؤكد الأكاديمي الفلسطيني، أن الكثيرين تمكنوا من الحصول على صكوك عثمانية وانتدابية تؤكد ملكيتهم للأرض. لكن السلطات الإسرائيلية أصرت على أن هذه الوثائق التي يحملها البدو غير كافية. ويضيف: «نحن نتحدث عن أقل من 5 في المائة من أراضي النقب، لا أكثر. فالسلطات صادرت 95 في المائة من أراضينا عام 1948، وتلاحقنا على ما تبقى منها. نحن العرب نشكل 32 في المائة من السكان هنا، ونعيش على 5 في المائة من الأرض. ومع ذلك يريدون نهبها».
وكشف البروفسور في التاريخ، غادي الغازي، في الشهر الماضي، نتائج بحث أكاديمي أجراه في الآونة الأخيرة، عن خطط قديمة في أرشيف الحكومة الإسرائيلية وضعها في حينه القائد العسكري موشيه ديان، هدفها إبعاد البدو عن أراضيهم بالقوة. وما فشلوا فيه ذلك الوقت يعيدون تجربته اليوم أيضاً بطرق أخرى. فالحكومة الإسرائيلية تحشر نحو 56 في المائة من عرب النقب في سبع بلدات أقامتها لهم، فيما يعيش الباقي، أي نحو 44 في المائة، في قرى متناثرة فوق أرضهم التاريخية؛ تصفها سلطات الاحتلال بأنها «غير شرعية» أو «غير معترف بها».
وبلغت عملية تهويد المنطقة أوجها فيما سمي «الخطة القومية الاستراتيجية لتطوير النقب»، المقرة من الحكومة الإسرائيلية عام 2005، وتتلخص في زيادة عدد اليهود هناك بحيث يصلون إلى قرابة المليون نسمة، على ألا يزيد العرب على الـ200 ألف نسمة. واستهدفت هذه القرى بهدم البيوت وحتى البركسات والخيام.
وفقط في زمن حكومة بنيامين نتنياهو (2009 - 2019)، سلمت أوامر هدم لأكثر من 16 ألف منزل وتم هدم 10.769 منزلاً. وبالمقابل رصدت الحكومة الإسرائيلية ميزانية قيمتها 25 مليون دولار، للشروع في تنفيذ مخطط يقضي بإقامة 100 مزرعة جديدة لليهود، إضافة إلى 41 مزرعة فردية أقامها اليهود بشكل غير قانوني، على أراضي الفلسطينيين في النقب، وستخصص مساحة مقدارها 80 دونماً مجاناً لكل عائلة يهودية توافق على الاستيطان في المنطقة.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.