تركيا تستأنف المحادثات مع اليونان... وأثينا لا ترى شروطاً مواتية لحل الخلافات

TT

تركيا تستأنف المحادثات مع اليونان... وأثينا لا ترى شروطاً مواتية لحل الخلافات

أعلنت أنقرة أن المحادثات الاستكشافية مع اليونان ستستأنف الثلاثاء، بينما أكدت أثينا أن شروط حل الخلافات مع تركيا ليست متوفرة حالياً، وأنها تتحرك بعيداً عن أوروبا، وتتبع أجندة عثمانية جديدة.
وقالت وزارة الخارجية التركية، إن الجولة 64 من المحادثات الاستكشافية مع اليونان لبحث الوضع في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ستعقد (غداً) الثلاثاء في أثينا، بعد أن انعقدت الجولة السابقة في العاصمة أنقرة خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
وكانت أول جولة من المحادثات بين البلدين عقدت عام 2002 بأنقرة، من أجل تحضير أرضية لحل «عادل ودائم وشامل» يقبله الطرفان لمعالجة خلافاتهما في بحري إيجه والمتوسط؛ لكنها توقفت منذ عام 2016 إلى أن استؤنفت مجدداً العام الماضي.
في الوقت ذاته، قال وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس، إن شروط حل الخلافات مع تركيا ليست متوفرة حالياً، وإنها تتحرك بعيداً عن أوروبا؛ مضيفاً خلال تصريحات في قبرص نقلتها وسائل الإعلام اليونانية أمس، إن «تركيا كمجموعة من المبادئ والقيم، تبتعد عن أوروبا، بدلاً من ذلك تتبع أجندة عثمانية جديدة».
وبحسب صحيفة «كاثمريني» اليونانية، قال دندياس، إن عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي توقفت؛ مشيراً إلى أن بلاده دعمتها بشجاعة في الماضي، وأن جزءاً كبيراً من سكان البلاد يتماهون مع القيم الأوروبية. وأضاف: «أنا مقتنع بإمكانية حل نزاعاتنا مع تركيا، ومع ذلك لا أرى مثل هذا الاحتمال في الوقت الحاضر».
وتصاعد التوتر والتراشق بالتصريحات بين أنقرة وأثينا، مجدداً، خلال الأيام الماضية، على خلفية تهديدات تركية بطرح مسألة السيادة على جزر تقع في شرق بحر إيجه، تتهم أنقرة جارتها بتسليحها خلافاً للاتفاقيات الدولية. وردت اليونان باتهام تركيا بتهديدها والتشكيك في وجودها، عبر تصعيد التوتر بشأن جزر بحر إيجه.
واستهجن وزير الخارجية اليوناني، نيكوس دندياس، تصريحات المسؤولين الأتراك، وفي مقدمتهم الرئيس التركي طيب إردوغان، بشأن وضع الجزر اليونانية التي أدت إلى تصعيد التوتر في بحر إيجه. وقال دندياس: «إنني حزين للموقف التركي، ففي الوقت الذي يتعين فيه على (الناتو) إظهار وحدته في الدفاع عن وحدة أراضي أوكرانيا، قررت تركيا تهديد اليونان والتشكيك في وجودها والتزامها تجاه حلف شمال الأطلسي (الناتو) وإعلان الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإنسان».
وأعلنت أنقرة أن تركيا بعثت برسالتين إلى الأمم المتحدة بشأن انتهاك اليونان وضع الجزر منزوعة السلاح، والتي منحت لها بموجب اتفاقيتي «لوزان» و«باريس» للسلام؛ لكنها بدأت انتهاك نزع السلاح في الستينات. وتقول اليونان إن سفن الإنزال العديدة المتمركزة على الساحل الغربي لتركيا تهدد الجزر، كما يقوم الطيران التركي بانتهاك المجال الجوي فوق بحر إيجه، ولهذا السبب اتخذ القرار بتجهيز الجزر للدفاع.
وندد الاتحاد الأوروبي، مراراً، بالانتهاكات التركية. وحذر أنقرة من محاولة المساس بسيادة اليونان على الجزر في بحر إيجه، وطالبها باحترام الاتفاقيات والقانون الدولي. ووصف البرلمان الأوروبي تركيا بأنها «مصدر عدم استقرار»، وذلك في تقريره الصادر الأسبوع الماضي، حول سياسة الأمن والدفاع المشتركة للاتحاد الأوروبي. وأعاد التقرير التذكير بأن الاتحاد الأوروبي «لديه الإرادة لاستخدام جميع الأدوات والخيارات المتاحة له، من أجل حماية مصالح دوله الأعضاء والاستقرار الإقليمي».
على صعيد آخر، قُتل صحافي تركي بالرصاص، في مقر صحيفته المحلية اليومية التي كان يصدرها في كوجا إيلي، شمال غربي البلاد، بعد مقالات عن الفساد خلال الأيام القليلة الماضية، اتهم فيها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، بقصر إسناد المشروعات على شركات ومقاولين مقربين منه. وأُلقي القبض على المسلح «رمضان. أو» الذي قتل الصحافي غونغور أرسلان، مدير ومحرر صحيفة «صوت كوجا إيلي» في مكتبه؛ حيث توفي متأثراً بجراحه بعد نقله إلى المستشفى الحكومي بالمدينة، مصاباً بطلقات في صدره وساقه.
وأعلنت ولاية كوجا إيلي أن الشرطة ألقت القبض على المعتدي؛ لكنها لم تعطِ أي تفاصيل عن هويته أو ملابسات عملية القتل؛ مشيرة إلى أنه تم اعتقاله وضبط السلاح المستخدم في الجريمة، وبدأ التحقيق معه. وأفاد المتهم، خلال التحقيق معه، بأنه قتل الصحافي غونغور لأنه لم تعجبه كتاباته. وقالت الشرطة إن التحقيق مستمر مع المتهم، لمعرفة من يقف وراءه.
وطالبت سونا أرسلان، زوجة الصحافي القتيل، السلطات، بالقبض على الأشخاص الذين يقفون وراء المتهم الذي قتل زوجها.
وقال ممثل منظمة «مراسلون بلا حدود» في تركيا، إيرول أوندر أوغلو، إن الصحافي كان يحقق في مزاعم فساد في مدينته، وندد بالهجوم الذي أدى إلى قتله، مطالباً بتوضيح ملابساته، وتطبيق أقصى عقوبة بحق المتورطين في قتله.
وكان غونغور قد انتقد في آخر مقالين له، رئيس بلدية كوجا إيلي، المنتمي إلى حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، لمنحه مشروعات عامة لشركات قريبة من حزبه. وسبق أن تعرض غونغور أرسلان لاعتداء جسدي، ووُجهت إليه لائحة اتهام بسبب مقالاته. وقال أوندر أوغلو: «إن كثيرين رأوا أنه يمتلك الشجاعة لتناول ملفات فساد».
وطالبت نقابة الصحافيين الأتراك التي نددت بالاغتيال، بوضع حد للاعتداءات على الصحافيين، وإفلات المسؤولين عنها من العقاب.
وتعرض عدد من الصحافيين الأتراك، في الآونة الأخيرة، للضرب والاعتداء على أيدي مؤيدي حزب «الحركة القومية» اليميني المتطرف، الشريك في «تحالف الشعب» مع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، بسبب عملهم. وتمت مصادرة ممتلكات عديد من الصحافيين البارزين، بمن فيهم رئيس تحرير صحيفة «جمهوريت» المقيم في ألمانيا كمنفى اختياري، جان دوندار، وتهديدهم بعقوبة السجن لفترة طويلة، بتهم تتعلق بالإرهاب، وذلك لمعارضتهم سياسات الحكومة.
وتتهم المنظمات الصحافية والحقوقية الدولية حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان، بشكل دائم، بتقويض حرية الإعلام، من خلال اعتقال الصحافيين، وإغلاق وسائل الإعلام الناقدة له؛ لا سيما منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في منتصف يوليو (تموز) 2016. واحتلت تركيا التي تعد من بين أكبر الدول التي تسجن الصحافيين في العالم، المرتبة 153 من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2021 الصادر عن منظمة «مراسلون بلا حدود».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».