توافق فرنسي ـ روسي على تفضيل المسار السياسي

ماكرون يتصل مجدداً ببوتين وزيلينسكي... ويوسّع المروحة إلى بايدن وشولتس

TT

توافق فرنسي ـ روسي على تفضيل المسار السياسي

باريس تريد طرق كافة الأبواب وبذل كافة الجهود الدبلوماسية على كافة المستويات وحتى آخر لحظة من أجل تجنب غزو روسي لأوكرانيا تكون نتائجه كارثية على الجميع: هذا يلخص باختصار ما تقوم به فرنسا ورئيسها إيمانويل ماكرون الذي تواصل مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مرتين «السبت والأحد» في أقل من 24 ساعة وأجرى اتصالاً هاتفياً مطولاً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دام، وفق مصادر الإليزيه، ساعتين إلا ربع الساعة.
وبانتظار أن تتكشف معلومات تفصيلية عن نتائج الاتصالات الأخيرة لماكرون، فإن المتوافر منها يفيد بأن نافذة الجهود الدبلوماسية لم تغلق بعد وطالما أن هذه النافذة مفتوحة، فإن الغزو الذي تتوقعه وشيكاً الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والحلف الأطلسي لن يقع. والأمر الآخر، استمرار البحث في «تفكيك» خطر التفجير من خلال التركيز، في المرحلة الحالية، على محاولة وضع حد للتصعيد العسكري المتواصل على الخط الفاصل بين المنطقة الانفصالية شرق أوكرانيا التي تتمتع بدعم روسي مطلق والسلطة المركزية في كييف. والأمر الثالث تركيز باريس ليس فقط على خفض التصعيد ولكن خصوصاً على توفير العناصر الضرورية التي من شأنها تمكين الخروج من الأزمة وتوفير الضمانات الأمنية لجميع الأطراف في إطار «هندسة أمنية» في أوروبا. وكانت مصادر الإليزيه قد اعتبرت أن الجهود التي يقوم بها ماكرون هي «الأخيرة الممكنة والضرورية من أجل تجنب مواجهة واسعة في أوكرانيا» و«تلافي الأسوأ». وقال قصر الإليزيه أمس، إن ماكرون سيتابع اتصالاته «في الساعات القادمة» مع الرئيس الأميركي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتس، كما أنه من المحتمل أن يتصل مع رئيسي الوزراء البريطاني بوريس جونسون والإيطالي ماريو دراغي و«شركاء آخرين» لغرض «تكثيف الجهود الدبلوماسية» من أجل المحافظة على السلام.
وفي البيان الصادر عن قصر الإليزيه عقب الاتصال مع بوتين، جاء أن الرئيسين «تعهدا بتفضيل الحل الدبلوماسي للأزمة الراهنة والقيام بكل ما يلزم من أجل تحقيق هذا الهدف»، كما تعهدا بالقيام بكل الأعمال التي من شأنها خفض التصعيد وتجنب المخاطر والمحافظة على السلام. ولهذا لغرض، فإن «عملاً دبلوماسياً مكثفاً سينطلق في الأيام والأسابيع القادمة وسيحصل اجتماع قريب بين وزيري خارجية البلدين بالتوازي مع مشاورات ستقوم بها باريس من أجل هذا الغرض، بيد أن الأمر المُلح الذي يستشف من البيان الفرنسي ضرورة المعالجة الطارئة للتصعيد الميداني الحاصل على خط المواجهة في الدونباس من خلال إعادة تفعيل «آلية نورماندي» التي عقدت اجتماعين في الأسابيع الأخيرة في باريس وبرلين ولكن من دون أن تفضي إلى نتائج ملموسة. ويتخوف الغربيون بمن فيهم الفرنسيون الحريصون مع ألمانيا على لعب دور الوسيط، من أن تشكل المواجهات الجارية «حجة» لعمل عسكري روسي واسع وهو ما نبه عنه الطرف الأميركي وجعله أحد السيناريوهات الممكنة للحرب. ولكن الجديد، بحسب باريس، هو «المقترحات» التشريعية التي قدمتها الحكومة الأوكرانية لجهة تسوية أوضاع الدونباس. وبالتوازي، نص البيان على تكثيف العمل من أجل اجتماع «في الساعات القادمة» لـ«المجموعة الثلاثية» التي تضم كييف والانفصاليين ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا والغرض التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بيد أن هذه الخطوات ليست سوى مرحلية؛ إذ إن الغرض، في حال تم توفير الشروط الضرورية هو «التوصل إلى جمع كافة الأطراف المعنية «أي الأوروبيين والحلفاء والروس والأوكرانيين» على مستوى عالٍ من أجل تحديد نظام أمن وسلام جديد في أوروبا.
بالمقابل، حصل ماكرون من زيلينسكي على تعهد متجدد بـ«عدم الرد على الاستفزازات (في الدونباس) واحترام وقف إطلاق النار»، فيما طالب الأخير بوقف «فوري» لإطلاق النار بحسب الإليزيه. وكان بوتين، وفق الكرملين، قد حمل الجانب الأوكراني مسؤولية «الاستفزازات» التي تغذي المواجهات العسكرية على خط النار خلال الاتصال مع ماكرون. وخلص البيان الرئاسي الفرنسي إلى أن الأوروبيين والحلفاء «في الأطلسي» «سيتابعون الوضع عن قرب وسيستمرون في تنسيق وسائل الضغط والردع الضرورية». وباختصار، فإن المقاربة الفرنسية تقوم على تبريد الجبهة أولاً من أجل خفض التصعيد «عبر آلية نورماندي واللجنة الثلاثية» وكسب الوقت وفتح الباب أمام أوسع مروحة من الاتصالات تفضي إلى توفير العناصر التي ترضي كافة الأطراف وتمكن من الخروج من الأزمة. ومن خلال ما توافر من معلومات، يتبين أن باريس ما زالت عند الطرح الذي حمله ماكرون إلى موسكو في السابع من الشهر الجاري وعاد منها بـ«تعهدات» من الرئيس بوتين لا يبدو أن الأخير نفذها وأولها إرجاع القوات الروسية من بيلاروسيا بعد 20 من الشهر الجاري بعد انتهاء المناورات العسكرية المشتركة. والحال أن كييف أعلنت تواصلها، وأشارت مصادر الإليزيه أمس، في عرض لها لنتائج الاتصالات الرئاسية، أن بوتين «أعرب عن نيته سحب القوات الروسية من بيلاروسيا...عقب انتهاء المناورات الجارية»، مشيرة إلى أن ما صدر عن كييف «لا يتوافق مع ما قاله بوتين» ومعتبرة أنه، في أي حال، يتعين «التأكد من ذلك وهو ما سيأخذ بعض الوقت».
وحققت اتصالات ماكرون مع بوتين وزيلينسكي نتيجة عملية أولى هي إعلان بولندا التي ترأس حالياً مجموعة الأمن والتعاون في أوروبا عن الدعوة إلى اجتماع طارئ للجنة الثلاثية التي هي المكان الوحيد الذي يجمع كييف والانفصاليين. وطلبت كييف أن يحصل الاجتماع اليوم الاثنين. والنتيجة الأهم، في حال تم احترامها، أن الرئيس الروسي قبِل إعطاء فرصة جديدة للجهود الدبلوماسية، بينما تؤكد واشنطن ولندن أنه «اتخذ قرار الغزو». لكن هذه الجهود ما زالت تتوقف عند عتبة مطالبة روسيا بأن تؤخذ المطالب التي رفعتها إلى واشنطن والحلف الأطلسي منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعين الاعتبار وهو ما أعاد بوتين التأكيد عليه أمس للرئيس الفرنسي. ويركز بوتين على أمرين: الأول، التوقف عن توسع الحلف الأطلسي شرقاً وتحديداً عدم ضم أوكرانيا إلى صفوفه، والثاني تفكيك وسحب البنى العسكرية الأطلسية في الدول الشرقية التي انضمت إلى الأطلسي بعد عام 1997 أي بكلام آخر تراجع الحلف الغربي إلى الحدود التي كانت له قبل انهيار حلف وارسو والاتحاد السوفياتي.
تقول المصادر الفرنسية إنها «لا تعلم ما الذي سيقوم به» بوتين، ولكنها ترى أن كافة الأطراف المعنية لا ترفض المسار الدبلوماسي رغم تأكيدات واشنطن أن الغزو الروسي آتٍ وأن بوتين اتخذ هذا القرار. والحال أن السير بالمسار الدبلوماسي يفترض توافر أفكار حول «المخارج» الضرورية للسير بالحل السياسي وهو ما لا يتوافر حتى اليوم وما يسعى الرئيس الفرنسي إلى بلورته معتمداً على قدرته على الحديث إلى كافة الأطراف، إلا أن القرار، في نهاية المطاف موجود في موسكو وواشنطن وليس في باريس.



حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.