إصابة عشرات السوريين بالاختناق بغاز ضخته الشرطة التركية في أنفاق تهريب

جانب من احتجاجات الشهر الماضي في مدينة البابالتي تسيطر عليها فصائل موالية لتركيا شمال سوريا (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الشهر الماضي في مدينة البابالتي تسيطر عليها فصائل موالية لتركيا شمال سوريا (أ.ف.ب)
TT

إصابة عشرات السوريين بالاختناق بغاز ضخته الشرطة التركية في أنفاق تهريب

جانب من احتجاجات الشهر الماضي في مدينة البابالتي تسيطر عليها فصائل موالية لتركيا شمال سوريا (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الشهر الماضي في مدينة البابالتي تسيطر عليها فصائل موالية لتركيا شمال سوريا (أ.ف.ب)

تسبب ضخ قوات الدرك التركية الغاز المسيل للدموع مساء أول من أمس داخل أنفاق معدة لتهريب البشر على الحدود مع سوريا، في إصابة عشرات الأشخاص بالاختناق. وتقع الأنفاق في منطقة كفر لوسين القريبة من الحدود في ريف إدلب الشمالي.
ووصل تأثير الغاز إلى مخيمات النزوح الملاصقة للجدار العازل الذي أقامته تركيا على حدودها مع سوريا، وتم نقل العشرات إلى مستشفى في كفر لوسين. وقالت مصادر طبية إن أغلب الحالات التي وصلت هي حالات تنفسية ولا توجد إصابات عضوية.
وقالت فرق الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، في بيان، إن رائحة كريهة انبعثت من مصدر مجهول انتشرت، ليل الجمعة - السبت، في منطقة كفر لوسين قرب الحدود السورية - التركية شمال إدلب، وتعرض عدد من الأهالي لضيق في التنفس جراء استنشاق هذه الرائحة، مع حرقة في العيون. وأضافت «الخوذ البيضاء» أن فرق التعامل مع المواد الخطرة، التابعة لها، توجهت فوراً إلى المكان وأجرت اختبارات للهواء وتأكدت من عدم وجود أي مواد كيميائية سامة.
وتتصدى السلطات التركية، باستمرار، لعمليات التهريب عبر الحدود، وحذرت مراراً من مغبة الإقدام على محاولة عبور الحدود بطريقة غير شرعية وأن ذلك قد يعرض للموت، وأقامت جداراً أسمنتياً عازلاً على طول الحدود مطوقاً بأسلاك شائكة ومزوداً بكاميرات حرارية لرصد أي محاولة للعبور، إلا أن ذلك لم يوقف التهريب عبر اتباع وسائل أخرى أهمها الأنفاق.
وتحولت محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، والتي تعد آخر معاقل المعارضة، بعد موجات التهجير القسرية الداخلية، إلى ملجأ لمئات الآلاف من السوريين الطامحين للخروج من سوريا، والذين يبحثون عن طرق لدخول تركيا لا تعرض حياتهم للخطر، ما أدى إلى تصاعد كبير في عمليات التهريب.
وتكرر إطلاق النار من قبل قوات الدرك التركية على أشخاص خلال محاولتهم عبور الحدود، وسقط ضحايا مدنيون بينهم نساء وأطفال جراء ذلك. كما تعتقل قوات الدرك عشرات المدنيين يومياً، وتتم إعادتهم إلى سوريا من خلال المعابر الحدودية.
وأعلنت تركيا قبل يومين أنها غير مستعدة لاستقبال موجة نزوح جديدة للسوريين من إدلب وتقوم بإنشاء منازل مناسبة لاستيعاب النازحين باتجاه إدلب بدلاً من المخيمات التي يعاني قاطنوها من ظروف قاسية، لا سيما في فصل الشتاء.
وفي الإطار ذاته، أعلنت جمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين الأتراك (موسياد) عزمها إنشاء 640 وحدة سكنية في محافظة إدلب.
وذكر بيان أصدره رئيس الجمعية، محمود أصملي، أنه ستتم إقامة المشروع على مساحة 60 دونماً بالتنسيق مع إدارة الكوارث والطوارئ التركية، على أن تكون مساحة كل وحدة سكنية 39 متراً مربعاً، ويتكلف إقامة كل وحدة 1750 دولاراً، وتبرع أعضاء مجلس الإدارة في اجتماع، الثلاثاء الماضي، ببناء 110 منازل كمبادرة أولية بعد اتخاذ القرار.
وتسعى الجمعية لتأمين المبالغ المطلوبة لإقامة باقي الوحدات عبر مساهمات رجال الأعمال الأعضاء. وسيتم تنسيق أعمال البناء للمنازل وجميع أعمال البنية التحتية من قبل إدارة الكوارث والطوارئ التركية مجاناً.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.